هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لباتريك كوكبيرن، يتناول فيه فرص عودة نشاط تنظيم الدولة في العراق وسوريا، وذلك بعد تكبده خسائر وفقدانه لمعظم الأراضي التي كان يسيطر عليها.
ويقول الكاتب إن سليمان خلف، المعروف أيضا باسم أبي فادي، قتل قبل 10 أيام في قتال مع تنظيم الدولة في شرق سوريا، عندما ضربت الجرافة التي كان يقودها بصاروخ حراري، مشيرا إلى قول قائد وحدته، التابعة لوحدات حماية الشعب الكردية، باران عمري: "كان يقود جرافة تبني ساترا ترابيا عندما ضربته قوات تنظيم الدولة بصاروخ (فيوزيا)".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن عمري، قوله إن "تنظيم الدولة هاجمنا في قرية باغين في محافظة دير الزور (شرق سوريا)"، ويضيف أن رجاله استطاعوا قتل من أطلقوا الصاروخ، مشيرا إلى أن خلف كان يبلغ من العمر 50 عاما عندما قتل، وأنه كان جريئا، حيث كان يقوم بعمل خطر، هو بناء سواتر ترابية في وسط المعركة.
وتفيد الصحيفة بأن عمري، وهذا هو اسمه المستعار، كان واقفا بجانب قبر خلف، الذي حفر حديثا في المقبرة العسكرية في مدينة القامشلي في شمال سوريا، لافتا إلى أن هناك صورة للرجل المتوفى جانب القبر، وتحيط بالإطار ورود صناعية صفراء، وأشار إلى عدد من القبور الجديدة القريبة، وقال إنها لمقاتلين من وحدات حماية الشعب، الذين قتلوا مؤخرا وهم يقاتلون تنظيم الدولة.
ويعلق كوكبيرن قائلا إنه "يجب ألا يحصل هذا؛ لأنه من المفترض أن تنظيم الدولة هزم هزيمة نهائية العام الماضي، عندما خسر كلا من الموصل والرقة، عاصمتيه في العراق وسوريا بالترتيب، وتقلص تنظيم الدولة، من تنظيم يسيطر على أراض مساحتها تساوي مساحة بريطانيا قبل ثلاث سنوات، إلى بعض جيوب في الصحراء في شرق سوريا وغرب العراق".
ويستدرك التقرير قائلا: "يبدو أن أعداء تنظيم الدولة تسرعوا في الحكم عليه بالهزيمة، حيث وقعت العديد من الاشتباكات، كتلك التي مات فيها خلف مؤخرا، وقال مسؤول كردي سوري بأن 170 من قواته قتلوا في القتال مع تنظيم الدولة في الأسابيع الستة الماضية، وقام تنظيم الدولة في 19 شباط/ فبراير بنصب كمين لوحدة مخابرات تابعة للحشد الشعبي الموالية للحكومة في محافظة الحويجة غرب كركوك، فقتل 27 منهم".
وتورد الصحيفة نقلا عن دبلوماسيين غربيين، قولهم بأنهم قلقون بسبب الهجمات الـ"وخزية"، التي تعني أن تنظيم الدولة بدأ يستعيد نشاطه، مشيرة إلى أن انفجار أول سيارة مفخخة منذ 6 أشهر في القامشلي، أدى إلى مقتل خمسة أشخاص، وجرح 7 آخرين الشهر الماضي.
ويجد الكاتب أن هناك مؤشرات أخرى لعودة تنظيم الدولة إلى نشاطه في معاقله القديمة، حيث حذر شخص زار محافظة دير الزور حديثا، من أن "السكان المحليون يتحدثون عن عودة تنظيم الدولة، وأنه يجب عدم البقاء في الشوارع بعد الثالثة مساء؛ لأن قوات سوريا الديمقراطية تغادر الحواجز في ذلك الوقت"، لافتا إلى أن هناك أمرا شبيها في الحويجة، فيقضي المسؤولون الحكوميون الليل في كركوك، حيث يشعرون بأنهم في مأمن من مجموعات الاغتيال التابعة لتنظيم الدولة.
ويذهب التقرير إلى أن "السبب الرئيسي لعودة تنظيم الدولة، مع أنها عودة محدودة، ليس صعب الاكتشاف، فأولئك الذين ادعوا أنهم دمروا التنظيم العام الماضي يتقاسمون جلد الأسد عندما أصيب بجروح خطيرة، لكنه لم يكن ميتا كما اعتقدوا، وبعد إعلانهم للانتصار فإنهم انشغلوا في أزمات أخرى؛ في العراق كان الاستفتاء الكردي، الذي أدى إلى إرسال حكومة بغداد قوات كانت تقاتل تنظيم الدولة لاستعادة كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها من الأكراد في 16 تشرين الأول/ أكتوبر".
وتنقل الصحيفة عن المحافظ السابق لكركوك نجم الدين كريم، قوله بأن قوات الأمن العراقية لم تؤمن الحويجة، التي هي معقل مهم لتنظيم الدولة؛ لأنها كانت منشغلة في مواجهة الأكراد.
ويرى كوكبيرن أن "الغزو التركي للجيب الكردي في عفرين شمال حلب في سوريا، في 20 كانون الثاني/ يناير، هو الذي جعل الوضع العسكري ملائما أكثر لتنظيم الدولة".
ويذكر التقرير أنه لدى سؤال رئيس اللجنة التنفيذية المشارك للجمعية الديمقراطية، التي تدير 30% من سوريا التي يسيطر عليها الأكراد وتدعمهم أمريكا، ألدار خليل، عما إذا كانت قوة تنظيم الدولة تتعاظم، فإنه أجاب: "اذهب وانظر إلى مقابرنا، كل يوم نخسر خمسة أو سبعة أو 18 شهيدا، وتنظيم الدولة اليوم هو من يهاجم، في الوقت الذي كنا فيه نحن من نهاجم".
وتورد الصحيفة نقلا عن أمريكا، قولها إن قوات سوريا الديمقراطية قوامها 57 ألف مقاتل، مستدركة بأن هذا الرقم ليس كبيرا إذا أخذنا في عين الاعتبار مساحة المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية، حيث أن قلب هذه القوات هم من وحدات حماية الشعب الكردية، الذين يتم نقلهم من دير الزور، حيث يواجهون تنظيم الدولة، إلى عفرين لقتال القوات التركية.
ويبين الكاتب أن الرئيسة المشارك للمجلس السوري الديمقراطي، إلهام أحمد، التي تساعد في إدارة المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، تأتي من عفرين وأهلها لا يزالون يعيشون هناك، وتقول: "الجبهة ضد تنظيم الدولة انقسمت، فأقاربي الذين يقاتلون تنظيم الدولة في دير الزور يعلمون أن عليهم العودة لعفرين لقتال الأتراك هناك".
ويفيد التقرير بأن عودة تنظيم الدولة لا تزال في بداياتها، ففي الرقة، حيث استطاع تنظيم الدولة الصمود لأربعة أشهر حتى 20 تشرين الأول/ أكتوبر، هناك شائعات حول وجود "خلايا نائمة" للتنظيم، لكن لم تكن هناك أي هجمات، بحسب مسلوم، وهو قائد ميداني في وحدات حماية الشعب الكردية في المدينة، ومع ذلك فهو لا يغامر ويقوم بمنع التجول من الساعة الخامسة مساء، ويقول إن هذا لا يعني أن هناك خطرا شديدا من تنظيم الدولة، لكنه شاهد على قلق الناس في المدينة، الذين يتذكرون الحكم السادي الذي لا يرحم للحركة، عندما سيطر التنظيم على المدينة سابقا أوائل عام 2014، وقال أحد السكان المحليين: "كان رجال الأمن (من تنظيم الدولة) يجوبون الشوارع ملثمين لئلا نعرفهم، ومن الممكن أنهم لا يزالون يعيشون هنا".
وتعتقد الصحيفة أنه "ليس من المحتمل أن يعود تنظيم الدولة عودة كاملة؛ بسبب الخسائر الكبيرة التي تكبدها التنظيم، وسمعة الوحشية التي يتمتع بها، وغياب التأييد الخارجي، لكن لا يزال التنظيم قادرا على إثارة الكراهية الطائفية والإثنية، حيث يشك الكثير من السوريين في أن أهل الرقة يؤيدون تنظيم الدولة سرا، والأمر كذلك في العراق بالنسبة لأهل الموصل، بالإضافة إلى أن العقوبة الجماعية للعرب السنة في الحويجة بسبب مقتل 27 من الحشد الشعبي، معظمهم من شيعة البصرة، قد يؤدي إلى ردة فعل تسهل على تنظيم الدولة تجنيد العرب السنة".
ويقول كوكبيرن: "قد يساعد تنظيم الدولة على العودة خبرته العسكرية وتجربته، التي كانت دائما صفة مميزة له، بالرغم من بشاعته في الجوانب الأخرى كلها، ولا بد أن قيادات التنظيم كانت تدرك مقدما أنها ستخسر الموصل والرقة؛ بسبب القوة في الجانب الآخر، ونجحوا في تهريب قائدهم أبي بكر البغدادي من الموصل حيث بقي مختفيا".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن "تنظيم الدولة غالبا ما يكون قد اتخذ إجراءات لإبقاء بعض قادته ذوي الخبرة آمنين على أهبة الاستعداد، بالإضافة إلى تخبئة كميات من الأسلحة في الصحراء، وهذا ما مكن سلف تنظيم الدولة من تجنب الهزيمة ما بين عامي 2007 – 2011، ثم الظهور عندما أصبحت الظروف ملائمة، ويأمل تنظيم الدولة اليوم أن يستطيع القيام ثانية بالطريقة ذاتها".