هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا للصحافي سون إنغل رامسوسين، يقول فيه إن الدول الأجنبية تتكالب على مساحات التأثير في سوريا، مشيرا إلى أن النزاع على مستقبل سوريا تكثف بعد رحيل تنظيم الدولة.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن ميراث تنظيم الدولة سرّع من التكالب على التأثير بين القوى الأجنبية ذات المصالح التجارية والاستراتيجية المتباينة، ما قد يقود إلى اندلاع حرب إقليمية.
ويشير رامسوسين إلى أن الطائرات الأمريكية أغارت في الشهر الماضي على شرق سوريا، وقتلت عددا غير معلوم من المتعهدين الروس، فيما ضربت إسرائيل منشآت إيرانية في العمق السوري، وشنت تركيا حملة ضد الأكراد في شمال سوريا.
وترى الصحيفة أن الوضع الملتهب جاء نتيجة للطريقة التي شنت فيها الحملة ضد تنظيم الدولة، حيث قامت القوى بالسيطرة على المناطق، وتسليح الجماعات الوكيلة، ومفاقمة الانقسامات الإثنية والسياسية القديمة، لافتة إلى أن النتيجة كانت سلسلة من النقاط الساخنة اندلعت فيها المواجهات بين القوى الرئيسية المؤثرة على حدود سوريا وشكلها.
وينقل التقرير عن الخبير في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن إميل هوكاييم، قوله إن "لا أحد يريد الحرب، لكن الجميع يتوقعون وقوعها".
ويلفت الكاتب إلى أن روسيا برزت بصفتها قوة مهيمنة بعد تدخلها العسكري لحرف ميزان الحرب في نزاع متعدد الجبهات ضد حكومة بشار الأسد، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أعلن في كانون الأول/ ديسمبر عن نهاية الحرب وانتصاره، يبدو في هذا النزاع غير قادر على السيطرة.
وتبين الصحيفة أن الأسد استطاع، بمساعدة من إيران وروسيا، الانتصار على معارضيه، الذين حاولوا الإطاحة به، واستخدم العنف لاستعادة الأراضي، التي تسيطر عليها المعارضة، خاصة الغوطة الشرقية، في ضواحي دمشق، وفي إدلب في شمال غرب البلاد.
ويفيد التقرير بأن تركيا تحاول في المناطق الساخنة الأخرى إخراج المتشددين الأكراد السوريين إلى الشرق، حيث تقوم الولايات المتحدة بقتال آخر الجيوب التابعة لتنظيم الدولة هناك، مشيرا إلى أن إسرائيل قد تنجر في الجنوب إلى نزاع في ردها على زيادة حضور القوات الموالية لإيران.
ويذكر رامسوسين أن الأمريكيين شنوا في بداية شهر شباط/ فبراير هجوما جويا وبالمدفعية ضد متعهدين عسكريين كانوا في طريقهم للسيطرة على حقل للغاز، تسيطر عليه قوات كردية تدعمها الولايات المتحدة في دير الزور، منوها إلى أن روسيا قللت من أهمية الهجوم، حيث اعترفت وزارة الخارجية بعدد من الوفيات.
وتورد الصحيفة نقلا عن الباحث غير المقيم في معهد بروكينغز بافل كي باييف، قوله: "على ما يبدو فإن روسيا تحاول تجنب زيادة التوتر".
وينوه التقرير إلى أن روسيا وأمريكا قاربتا على المواجهة في الجو، فمنذ تشرين الأول/ أكتوبر اخترق الطيران الروسي مناطق شرق الفرات عددا من المرات، بحسب المتحدث باسم القيادة المركزية العقيد إيرل براون، ففي 13 كانون الأول/ ديسمبر، قامت "يو أس أف- 22 رابتورز" باعتراض طائرتي سوخوي "أس يو-22"، وأطلقت لمدة 40 دقيقة قنابل ضوئية تحذيرية؛ لجعل الطائرتين الروسيتين تغادران من خلال القنوات الجوية المتفق عليها، وكادت الطائرات الروسية والأمريكية تتصادم.
وينقل الكاتب عن العقيد براون، قوله: "أصبح الوضع صعبا بالنسبة لطيارينا والتفريق بين تحركات الطيارين الروس وإن كانت مقصودة أم أنها خطأ.. وهناك قلق لدى التحالف من إطلاق النار على مقاتلة روسية؛ لأن تحركاتها اعتبرت تهديدا على قواتنا البرية"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لم تسقط طائرة روسية منذ 60 عاما، وقيامها بهذا الأمر سيؤدي إلى فعل انتقامي.
وتبين الصحيفة أن إيران وحلفاءها الأشداء استطاعوا تقوية ما تطلق عليه "محور المقاومة" ضد إسرائيل والولايات المتحدة، وحصلت مواجهة بين إسرائيل وإيران في الأجواء السورية، عندما أسقطت إسرائيل طائرة دون طيار أطلقها الإيرانيون باتجاه مرتفعات الجولان، وفي طريق عودة طائراتها من ضرب مواقع إيرانية أسقط السوريون مقاتلة "أف-16".
ويورد التقرير نقلا عن مدير الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يالدين، قوله إن الضربات الإسرائيلية لم تحصل دون موافقة روسية، حيث توقفت إسرائيل عن ضربات أخرى عندما قررت روسيا التدخل، ويضيف أن الروس "أرادوا خفض التوتر.. فمن مصلحتهم الحفاظ على الاستقرار في سوريا قدر الإمكان".
ويقول رامسوسين إن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تلقى مكالمة من الرئيس الروسي، لكنه لم يعلق على ما دار فيها، مشيرا إلى أن "حالة من عدم الاستقرار يمكن أن تكون لصالح بوتين طالما لم تهدد وضع الأسد، وعندما بدأت تركيا حملتها الجوية في عفرين فإنها لم تفعل ذلك دون موافقة من روسيا التي تسيطر على الجو".
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول هوكاييم إن "الروس يريدون التحكم بما يجري على ساحة المعركة، ويعلم الروس أنهم لا يستطيعون إجبار الجميع، وهدفهم هو أن يُضعف المتنافسون بعضهم، حيث يصبح الروس مؤثرين في تشكيل مستقبل سوريا، ويخدم القتال في الشمال روسيا؛ لأنه يوتر العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة".