هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد مصدر يمني حكومي رفيع أن الأزمة في مدينة عدن (جنوبي البلاد)،
الناتجة عن التمرد الذي قاده الانفصاليون نهاية الشهر الماضي على الحكومة اليمنية،
ما تزال قائمة، رغم الجهود التي تبذلها السعودية لحلحلتها.
وأضاف المصدر لـ"عربي21"، مساء الأربعاء، مشترطا عدم ذكره اسمه، أن المشكلة ما تزال قائمة مع الانفصاليين المدعومين من دولة الإمارات، التي تعرقل
الجهود السعودية في عدن.
وقال إن المساعي السعودية لمعالجة الأوضاع في عدن تصطدم
حاليا برفض إماراتي، مضيفا أن الحكومة الشرعية فقدت ثقتها تماما بدور
"أبوظبي" في اليمن، خصوصا في عدن، ذلك أنها خلقت واقعا جديدا عقب التمرد
الذي قاده المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم مباشر وعلني منها.
وأشار إلى أن محاولات الإماراتيين التغطية على دورهم المعادي للحكومة
في عدن، من خلال تصريحاتهم الدبلوماسية على لسان مسؤوليهم، لم تعد ينطلي على
أحد، فرؤيتهم باتت واضحة.
وبحسب المسؤول الحكومي، فإن "حكومة "أبوظبي" تواصل
نصب العراقيل أمام المساعي الحكومية؛ لمعاجلة مشكلات الخدمات والمرتبات في عدن
والمناطق المحررة.
وأكد المصدر، وهو قريب جدا من رئيس الحكومة، أن السعودية تتكتم على
كل مواقف الإمارات الأخيرة في عدن، حتى لا تخسرها في صراعها مع قطر، وحيث تعد حليفها الأقوى في ذلك الصراع الخليجي.
ولفت إلى أنه رغم إدراكها لخطورة الدور الذي تمارسه أبو ظبي في حديقتها
الخلفية "اليمن"، إلا أن السعودية تفضل إبقاء أي تصعيد معها وراء الكواليس، مع أن ذلك ليس مبررا لدى الأشقاء السعوديين.
وذكر أن الإماراتيين يرفضون عملية دمج التشكيلات الأمنية والعسكرية
التي شكلوها وسلحوها ودربوها، وهي: "الحزام الأمني" في عدن، و"النخبة
الحضرمية" و"النخبة الشبوانية" (شرق وجنوب شرق)، في القوات
الحكومية، وهي إحدى المعالجات التي وضعتها المملكة للحل.
واعتبر أن الرفض الإماراتي يستند إلى أن تسليمها بالحل السعودي إزاء
التشكيلات المليشياوية، وإعادة هيكلتها ضمن الأجهزة الأمنية والعسكرية الحكومية،
يقضي على طموحاتها، ويميت أجندتها، ويعجل بخروجها من البلاد. حسب المصدر الحكومي.
ولمّح المسؤول اليمني إلى أن الإمارات ربما على استعداد للتخلي عن أدواتها،
التي يعد المجلس الانتقالي الانفصالي واحدا منها، مقابل منحها امتيازات خاصة في
الموانئ والجزر اليمنية، وهو ما ترفضه حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي
إطلاقا.
تسليم على الورق
وبموازاة ذلك، أفاد مسؤول عسكري بالجيش في عدن بأن القوات
الانفصالية لا تزال ترفض تسليم مقر اللواء الرابع حماية رئاسية، وهو الذي تمت السيطرة
عليه نهاية كانون الثاني/ يناير الفائت، بدعم بري وجوي من دبابات ومقاتلات
إماراتية.
وأضاف المسؤول العسكري لـ"عربي21"، مفضلا عدم ذكره اسمه،
أنه سيجري تسليم مقر اللواء التابع للرئيس هادي، اليوم الخميس، على الورق فقط، أما
على أرض الواقع، فلا يزال تحت قبضة قوات المجلس الجنوبي، وهو ما يعني أن الوفد السعودي الذي وصل مدينة عدن، في 31 من الشهر
المنصرم، فشل حتى اللحظة في مهمته المعلنة، وهي "إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه
قبل اندلاع الأحداث الأخيرة". وفقا للمسؤول العسكري.
تحقيق محايد
وكان
رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر، قال في كلمة له الأربعاء،
في اجتماع مجلس الوزراء بالعاصمة المؤقتة عدن: "لن نتوقف كثيرا عند الأحداث التي
عصفت بنا خلال الأيام الماضية"، مؤكدا أنه كان انقلابا على شرعية الرئيس
هادي وتمردا وانتهى، لكن بعد أن خسر الوطن الكثير من أبنائه العسكريين النجباء في عدن وما حولها من المحافظات.
وأوضح أن هذه الأحداث ذكرى أليمة في حياتنا، مضيفا: "لن نتحدث عن
المتسبب بها الآن". لكنه قال: "سنترك هذا للمحققين في أسبابها، وما لم تكشفه السياسة
اليوم سوف تتبدى حقيقته غدا".
وطالب
بتحقيق محايد تقوم به الرياض منفردة، أو مع دول التحالف مجتمعة، فيما جعلته عناصر
الانقلاب والتمرد سببا للانقضاض على الشرعية، وأعني "تهمة الفساد". لافتا إلى أن الحقيقة وحدها هي التي ستحدد سير العدالة، وتحمل
المسؤولية لمن كان مسؤولا عن هذه الأحداث، ومن كان سببا في القتل والدمار الذي لحق
بعدن وبأهلها واليمن وأهله.
وكان لافتا تجاهله الإشارة إلى الإمارات، وهو يعزز الاتهامات بوقوفها
وراء الانقلاب الفاشل الذي قام به انفصاليون جنوبيون في عدن الأسبوع الماضي.
ووفقا لرئيس الحكومة، فوراء كل حدث هدف، وشعبنا شب عن الطوق،
ويعرف الحقيقة، والإعلام الكاذب قد يشوَّه الحقيقة اليوم، ولكنه لا يستطيع إخفاءها
إلى الأبد.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي دعا قبل أكثر من أسبوعين
إلى إسقاط حكومة بن دغر، بذريعة "الفساد"، وأعطى لها مهلة أسبوع، قبل أن
تتطور مطالبه إلى صدامات عسكرية مع القوات الحكومية في عدن.
وذكر بن دغر أن حكومته تعمل الآن على إعادة الأمور إلى طبيعتها في عدن وبقية المحافظات المحررة،
وسنستعيد السكينة العامة في المجتمع والأمن والاستقرار لعدن واليمن كلها. مشددا على
أن هذه ليست النهاية كما تصورها البعض لمشروعنا الكبير في استعادة الدولة، والحفاظ
على الجمهورية والوحدة كدولة اتحادية.
وقدم اقتراحا لمن وصفهم بـ"الأشقاء" (يقصد السعودية) بإرسال خبراء ماليين عرب للتحقيق فيما أسماه "الادعاء الكاذب"،
الذي سوقته آلة إعلامية هائلة القوة، متعددة المنابر، مهدت للتمرد، وروجت له عربيا
وعالميا.
وقال رئيس الوزراء اليمني إنه طالبهم (في إشارة إلى الانفصاليين
الذين حاولوا الانقلاب على حكومته بعدن)، بأن يتحولوا إلى حزب سياسي،
ويدخلوا في أول انتخابات؛ ليفوزوا، وهذه فرصتهم الكبيرة للوصول إلى السلطة.