هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لقاء هو الأول من نوعه منذ سنوات، ضم وزيري الخارجية ورئيسي
المخابرات العامة في كل من مصر والسودان. أما جديد هذا اللقاء، فلأنه يضم الجهات
المعنية بملف العلاقات بين البلدين، وهما الخارجية والمخابرات العامة، كما أنه يأتي
بعد تصعيد كاد أن يصل للاشتباك بين البلدين الأكثر قربا في المنطقة العربية.
وطبقا لمسؤولين مصريين، فإن اللقاء يناقش عدة قضايا، منها تطورات سد
النهضة، والخلاف حول حلايب وشلاتين، بالإضافة للملف الأكثر سخونة، وهو الوجود
التركي بجزيرة سواكن السودانية، وهو ما تعتبره مصر تهديدا لأمنها في البحر الأحمر.
ولأهمية
الاجتماع، فإن تساؤلات مشروعة ظهرت على سطح الأحداث عن هذه التهدئة بعد ذاك
التصعيد، وهل يمكن أن يطوي الاجتماع صفحة الخلاف، أم أنها تهدئة مشتركة لحاجة كل
دولة إليها.
من
جانبه، يؤكد الخبير المتخصص في الشؤون الأفريقية، الدكتور خيري عمر،
لـ"عربي21"، أن اللقاء تهدئة للأجواء الساخنة التي شهدتها العلاقة بين
الجارتين، لكنها تهدئة لا تنهي المشاكل العالقة، فالسودان أوضاعه الداخلية متوترة،
وهناك مظاهرات نتيجة انخفاض العملة المحلية، وهي المظاهرات التي لم تنفع معها مسكنات
أو مهدئات، ووصلت لحد المطالبة برحيل البشير، وفي مصر انتخابات رئاسية، وإن كانت
محسومة لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إلا أن مصر تعيش فوق صفيح ساخن.
ويضيف
عمر أنه ليس من مصلحة البشير والسيسي الوصول إلى نقطة الصدام؛ لخطورة أوضاعهما
الداخلية، ومن جانب آخر، فهناك ملف مشترك ترغب مصر في أن تستفيد من السودان فيه،
وهو ملف سد النهضة، حتى لو كانت السودان حسمت موقفها لصالح إثيوبيا، إلا أن
اتفاقيات الإدارة والتشغيل يمكن أن تقف فيها السودان بجانب مصر.
ويرى
الكاتب المصري المتخصص في الشؤون العربية، سمير حسانين، أن مشاركة رئيسي المخابرات
يعطي المفاوضات الثنائية شكلا مختلفا، بما يشير إلى أن هناك معلومات سوف يتم
تبادلها بين الطرفين، وقد تكون هذه المعلومات متعلقة بما أثارته الخرطوم من الدعم
العسكري المصري لتشاد، وقد تكون أيضا معلومات متعلقة بمشروع قناة جونجلي بجنوب السودان،
التي بدأت مصر تحييه مؤخرا، وإن كانت القناة في دولة ثالثة، إلا أن السودان طرف
أساسي فيها، باعتبار التداخل الطبيعي بين دولتي السودان وجنوب السودان.
ويشير
حسانين لـ"عربي21" إلى أن الملفين اللذان ربما يكونا مجال شد وجذب
هما مثلث حلايب وشلاتين وسواكن، فالأول طالب به السودان رسميا من خلال التحكيم
الدولي، وهو أمر يتطلب موافقة البلدين، وفيما يتعلق بسواكن فما زالت مصر تنظر
إليها بريبة، وترى أن وضع تركيا لأقدامها بهذه المنطقة يهدد الأمن القومي المصري،
وبالتالي فكلا الملفين هو الأهم والأكثر أزمة في العلاقات بشكل عام، واللقاء
المرتقب بشكل خاص، على حد قوله.
قناة
جونجلي
وهو
ما ذهب اليه أيضا فيصل الميرغني، الباحث في الشؤون السياسية في السودان، موضحا لـ"عربي21" أنه
دائما ما كان يملك النظامان في القاهرة والخرطوم أوراقا تمكن كلا منهما من الآخر،
إلا أن هذه المرة يعدّ السودان هو الأقوى.
وفيما
يتعلق بحلايب وشلاتين، يرى الميرغني أن المثلث لا يتمتع بموارد اقتصادية تجعل
الخيار العسكري مقبولا بين الدولتين، ولذلك فهما أمام خيارين لا ثالث لهما، إما
التفاوض أو التحكيم، باعتبار أن المشكلة قانونية بالأساس.
ويرى
أن التحكيم هو الحل الأقرب. ولأنه يمنح السودان قوة أكبر بعد تقديمه وثائق تاريخية
تؤيد موقفه، فإن النظام المصري لا يريد الذهاب إليه، ولكن مع تغير أوراق اللعبة
بدخول تركيا على الخط في سواكن، فإن ذلك يمكن أن يحلحل الموقف المصري مقابل الحصول
على ضمانات سودانية لوقف أي سيطرة لتركيا في البحر الأحمر.
ويضيف
الميرغني أن مصر بحاجة للسودان في ملف آخر، وهو ملف قناة جونجلي بدولة جنوب
السودان، خاصة أن مصر أرسلت بالفعل منذ أسابيع بعثة للجنوب تضم ما يقرب من 200
مهندس ما بين عسكري ومدني، وقد وصلوا بالفعل لمنطقة دوك فاديت شمال مدينة بور بولاية
جونجلي لإعادة بناء القناة التي توقفت نتيجة الحرب بين الشمال والجنوب في
ثمانينيات القرن الماضي، التي تعتبرها مصر بديلا ضروريا لحل مشكلة سد النهضة، وفي حال استمرت مصر في هذا
المشروع، الذي يمكن أن يعوض حصتها من المياه، فإنها بحاجة إلى تأمينه في ظل ضعف
حكومة الجنوب بقيادة سيلفا كير، وبالتالي فالقاهرة بحاجة إلى تأمين الجانب
السوداني.
ويرى
الميرغني أن هناك ملفا آخر شائك، وهو اتفاقية عنتيبي، بعد أن بدأ السودان في تليين
مواقفه تجاهها، وهو ما يمثل خطرا على مصر التي سوف تصبح وحيدة أمام دول حوض النيل،
وهو ما يؤثر على حصتها القديمة من مياه النيل.