هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سعت إسرائيل منذ تأسيسها لبناء علاقات في كافة المجالات مع الدول الأفريقية، وخاصة مع البلدان المحيطة بالعالم العربي، مستخدمة وسائل عدة سواء سياسية أو اقتصادية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن عن
أمله بدخول إسرائيل للاتحاد الأفريقي بصفة مراقب، وذلك خلال كلمة ألقاها في حفل
تنصيب الرئيس الكيني "أوهورو كينياتا".
وحققت إسرائيل نجاحات عدة في علاقاتها مع الدولة
الأفريقية، ومنها دول منبع نهر النيل، بالمقابل تعمقت الخلافات بين هذه الدول وبين
مصر أكبر دولة عربية إفريقية، حيث شهدت الفترة الماضية خلافا بينها وبين أديس
أبابا حول سد النهضة الأثيوبي.
وفي ظل هذه النجاحات، يتبادر للأذهان تساؤلات أبرزها، كيف فشل العرب في تحقيق ما نجحت به إسرائيل؟ وكيف ساهم هذا الفشل بنجاح دولة الاحتلال ببناء وتقوية علاقتها مع الدول الأفريقية؟
وتجيب رئيسة وحدة الدراسات الأفريقية في مركز الأهرام
أماني الطويل على هذا التساؤل بالقول: "المسألة مرتبطة بالإدراك المؤسسي
العربي للمصالح الإستراتيجية للدولة".
اقرأ أيضا: هل ينجح الفلسطينيون في صيانة علاقاتهم بأفريقيا؟
وتابعت الطويل في حديث لـ"عربي21": "كان
لمصر مثلا اهتمام كبير بالشأن الأفريقي في زمن عبد الناصر، وبعد وفاته تراجع هذا
الاهتمام نتيجة للرغبة بالانقلاب على تراثه، مما أدى لخسارة مصر الدولة وساهم
بخسارة التراكم المؤسسي".
وأكملت: "غالبا ما ينقص الدول العربية الإدراك
المؤسسي والتخطيط الإستراتيجي المستقبلي، وتكون خططها وقتية فقط"، مضيفة
أن "التنافس بين الدول العربية على أفريقيا وعدم التنسيق بينهم، ساهم في إضعاف تأثيرهم على القارة السمراء".
وأشارت إلى أنه مقابل هذا الفشل العربي قامت إسرائيل
بوضع إستراتيجية واضحة سنة 1955 لعلاقاتها مع أفريقيا، وحددت ملامح إستراتيجية
لعلاقاتها مع الأقليات من القوميات الأخرى في الدول العربية، ومنها جنوب السودان
والأمازيغ في أفريقيا، واعتبرتهم حلفاء إستراتيجيين مستقبلين، وعملت خلال الستين
عاما الماضية على هذه الإستراتيجية.
من جهته، أرجع رئيس المكتب الإعلامي في حزب المؤتمر
الشعبي السوداني صديق محمد عثمان، الفشل العربي في منع التغلغل الإسرائيلي إلى
مصر، التي قال عنها: "انتهت إلى صيغة مختلطة من مشارب متعددة ورثت نظام الحكم
بديلا للفرعون الأول والمستعمر اللاحق، وغيبت إرادة الشعب تماما".
وحول إذا ما كان ضعف مصر فتح الطريق أمام إسرائيل
للتغلغل في أفريقيا، قال عثمان في حديث لـ"عربي21": "هذا أمر غير دقيق".
ورأى أن هذا المناخ السياسي رفع الحرج عن دول أفريقية كثيرة
كان يجمعها نضال مشترك مع حركات التحرر العربية في فلسطين والجزائر وليبيا والسودان
واليمن، خاصة أنها حاليا تشاهد أهل هذه البلدان تتسابق حكوماتهم للتطبيع مع إسرائيل.
وسائل الاختراق
"اتبعت إسرائيل عدة طرق لاختراق الساحة الأفريقية بواسطة أكثر من مجال، على رأسها الزراعة والدفاع"، بحسب المختص بالشأن
الإسرائيلي مأمون أبو عامر.
وأشار أبو عامر في حديث لـ"عربي21" إلى أن
معاناة بعض الدول الأفريقية من المجاعة، وعدم قدرتها على استغلال الموارد المائية
الموسمية، سهل دخول إسرائيل للقارة السمراء عبر هذا المجال، خاصة أنها متفوقة فيه
بحسب ما قال.
وأضاف: "هناك حالة احتراب داخلي في أفريقيا نتيجة لوجود
قبائل وأنظمة حكم ديكتاتورية وبوليسية، وإسرائيل تعتبر نفسها دولة فوق القانون،
فهنالك جنرالات إسرائيلية يقومون بعمليات تدريب وبيع سلاح للجماعات المسلحة في القارة".
وأكد أن إسرائيل قامت أيضا بحماية الأنظمة الديكتاتورية
التي لم تستطع الحصول على الحماية من الأمم المتحدة، إضافة لتقديمها خدمات طبية
وفي مجال التعليم ولكن بشكل محدود.
النتائج والمكاسب
"ونتج عن هذا التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا نتائج
سلبية على الدول العربية، ومكاسب حققتها إسرائيل، حيث نجحت من خلال علاقاتها بدول
الطوق الإفريقي المحيط بالدول العربية، بإضعاف عناصر القوة الشاملة للنظام العربي"،
بحسب قول أماني الطويل.
وأشارت إلى أنها حققت أيضا مكاسب اقتصادية عبر تجارة
السلع الغذائية، حيث سيطرت على هذا القطاع في أثيوبيا، وأصبح لها أيضا استثمارات
سياحية في جنوب السودان.
بدوره، قال أبو عامر: "إسرائيل حققت من خلال
علاقاتها مع الدول الأفريقية، منافع اقتصادية وسياسية وأمنية، حيث أصبح لها أيضا قواعد
عسكرية تسمح لها بالتحرك لمراقبة أنشطة المنظمات الفلسطينية أو إيران أو تركيا أو أيا
من خصومها، المهم أن يكونوا تحت المراقبة الإسرائيلية خاصة المناطق الحساسة، والتي
ترى إسرائيل أنها تلعب في ساحة الشرق الأوسط دورا أساسيا".
اقرأ أيضا: السلطة الفلسطينية: سنلجم تحركات إسرائيل في إفريقيا
من جهته، أشار عثمان إلى أن الهدف الأساسي من مساهمة
الدول الاستعمارية في تأسيس إسرائيل هو حماية مصالحها، وتغلغلها في أفريقيا يساهم
في استمرارية تحقيق هذا الهدف، خاصة أن أفريقيا تعتبر محيطا إستراتيجيا للدول
العربية.
يُذكر أن بعض الدول الأفريقية قامت بقطع علاقاتها الدبلوماسية
مع إسرائيل في عام 1972، بدءا من أوغندا ومن ثم تبعتها سبع دول أخرى، هي تشاد ومالي
والنيجر والكونغو برازافيل وبوروندي وزائير وتوغو، وبدأت تعود هذه العلاقات بعد
توقيع مصر لمعاهدة كامب ديفيد مع الاحتلال الإسرائيلي.