هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تعجبني جداً قدرة هؤلاء القوم على تكلف الجد في أشد المواقف هزلاً. فقد قرأت تقريراً عما قاله المفتي شوقي علام ودعوته للمشاركة بكثافة في انتخابات الانقلاب من أجل إعطاء رسالة إيجابية للعالم أن مصر أصبحت قاطرة في ممارسة العملية الانتخابية والألطف من هذا أنه شدد على أن الرشاوي الانتخابية حرام شرعا!!
ويأتي هذا بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من إعلان خوض سيد البدوي رئيس حزب الوفد، لانتخابات الانقلاب وهو ما أثار موجة جارفة من السخرية خصوصاً وأن هذا جاء بعد اعتقال عنان رئيس الأركان الأسبق بتلك الطريقة الخشنة.
والنصف الأول من العبارة هو مربط الفرس الذي من أجله ظهور شوقي علام على الشاشة. فاعتقال عنان واستبعاده من انتخابات الانقلاب جفف أي اهتمام بالمشهد كله لدى الجمهور المحتمل الذي صار يعلن تململه وبدأ ينصرف وأصبح التثاؤب هو سيد الموقف.
وأصبح عليه أن يبحث عن منافسين للأصوات الباطلة في ساحة جُفِّفت تماماً ونضبت سياسياً منذ أربع سنوات، غير أن هذا لم يمنع شوقي علام من التظاهر بالجد والحديث عن حرمة الرشاوي الانتخابية ولن يمنع إعلام الانقلاب من التظاهر بالجد وقضم الأظافر وهم يتظاهرون بانتظار نتائج انتخابات الانقلاب في الاستوديوهات ثم التظاهر بالمفاجأة وهم يعلنون فوز عسكري الانقلاب!!
بل وربما كانت نتيجة انتخابات الانقلاب مرتبة من الآن (وهو الاحتمال الأقرب للمنطق) لينجح فيها عسكري الانقلاب بنسبة من 70% إلى 85% بينما تُوَزَّعُ النسبة الباقية على باقي مرشحي الانقلاب بالإضافة إلى الأصوات الباطلة ليبدو الأمر كما لو كانت المعركة حامية الوطيس خاضها عسكري الانقلاب وربما أقاموا الأفراح بعدها احتفالاً بفوزه وفي الغالب سيتقاطر المحللون الاستراتيجيون على شاشات القنوات الانقلابية ليحللوا نتائج انتخابات الانقلاب وربما أقاموا احتفالاً صاخباً كسابقه الذي أقاموه في 2014.
وربما فكروا في عشرات التفاصيل، لكن الهاجس الأكبر لدى الانقلاب الآن هو عدم المشاركة وظهور اللجان الانتخابية جرداء خالية من البشر أمام الكاميرات.
والرسالة الحقيقية التي يقصدها شوقي علام من دعوته للمشاركة هي ما يريد الانقلاب أن يعرضه على الشاشات للقوى الغربية. فالانقلاب يريد أن يثبت أنه يحظى بدعم شعبي. والهدف هنا أعمق من مجرد الرغبة في ألا يشمت فيهم مناهضو الانقلاب، فالانقلابيون يخشون بشدة أن ينفض الغرب يده منه خصوصا وقد تعالت نغمة رافضة ما في الواشنطن بوست والتي قالت صراحة إن السيسي ليس صديقاً لأمريكا.
رغبة الانقلاب في إظهار وجود دعم شعبي هي ما يفسر كثيراً من تصرفات الانقلاب من البداية. وهذه هي النقطة التي أرى أن تنطلق منها الجهود الرافضة للانقلاب. مقاطعة انتخابات الانقلاب برمتها وعدم التفاعل معها وقد تكفل الانقلاب نفسه بتجفيف ساحته السياسية ولم تعد المشاركة في انتخابات الانقلاب خياراً مغرياً للبعض، بل أصبحت المقاطعة الآن ضرورة حتمية.
والمقاطعة هنا تهدف إلى أمرين، الأول هو التمسك بشرعية الرئيس المنتخب وهو ما يعني أن الشعب رافض لانقلاب 30 يونيو 2013 ومتمسك باختياره، والثاني هو تحقيق انتصار معنوي لمعسكر مناهضي الانقلاب وإظهار الانقلاب وقد تجرد من أي دعم شعبي ولجان الانتخابات خالية بحيث يكون هذا الانتصار مرتكزاً لما بعده.