صحافة دولية

نيويورك تايمز: ما هي تبعات خطة ترامب في سوريا؟

نيويورك تايمز: خطة ترامب في سوريا غير قانونية- تويتر
نيويورك تايمز: خطة ترامب في سوريا غير قانونية- تويتر

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للسيناتور كوري بوكر وأستاذة القانون الدولي أونا هاثاواي، يقولان فيه إن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أعلن مؤخرا أن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا حتى بعد انتهاء القتال ضد تنظيم الدولة

 

ويعلق الكاتبان قائلين: "إن نفذت الإدارة هذا فإنها ستكون ألزمت الشعب الأمريكي بصراع لا نهاية له، وقد تضع جنودنا في مواجهة مع القوات السورية المسلحة, أو مع حلفائها المقربين إيران وروسيا, وستكون أمريكا بذلك قد خرقت القوانين المتعلقة بهذا الشأن كلها".

 

ويستدرك الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه "بالرغم من بشاعة نظام بشار الأسد، فإن محاولة منعه مد نفوذه على الأراضي السورية، كما يقترح وزير الخارجية تيلرسون، سيورط أمريكا في صراع طويل ودام ومعقد، ويعكس مدى هشاشة الوضع الهجوم التركي الأخير عبر الحدود جوا وبرا على عفرين، وهي جيب في شمال سوريا تسيطر عليه المليشيات الكردية الحليفة لأمريكا". 

 

ويشير الكاتبان إلى أن "المخاطر تحف أي مسار عمل في سوريا، حيث قتل حوالي نصف مليون منذ بداية الحرب الأهلية السورية، ويعجز الإنسان عن وصف أهوال العنف هناك، بالإضافة إلى أن نوايا القوات الروسية والإيرانية التي تدعم الأسد تبقى أمرا مقلقا للغاية".

 

ويجد الكاتبان أنه "مع أن نتيجة إعادة القوات الأمريكية إلى البلاد بعد هزيمة تنظيم الدولة في سوريا ليست واضحة، إلا أن نتائج البقاء إلى أجل غير مسمى أكثر خطورة بكثير".

 

ويلفت الكاتبان إلى أن "هناك دورا لأمريكا لتحميل الأسد مسؤولية الجرائم التي ارتكبها ضد شعبه ومنعه من ارتكاب المزيد، لكن الرئيس ليس في يده السلطة لاتخاذ قرار وحده للالتزام بجنود أمريكيين يقومون بوقف الأسد بالقوة، بل يحتاج أن يتقدم بمقترحه للكونغرس والشعب الأمريكي والمجتمع الدولي، والزج بالجنود الأمريكيين في هذا الوضع بقرار منه وحده ليس فقط سياسة سيئة، بل هي غير دستورية ومخالفة للقانون الدولي".

 

ويقول الكاتبان: "لو بدأنا بالدستور؛ فإن المؤسسين وضعوا نظاما، حيث تعود صلاحية إعلان الحرب فيه للكونغرس وليس للرئيس، كما أن قرار سلطات الحرب لعام 1973 يتطلب من الرئيس أن يخبر الكونغرس خلال 48 ساعة من إدخاله قوات مسلحة في منطقة قتال في غياب إعلان الحرب، ثم يكون على الرئيس إنهاء مهام الجيش خلال 60 يوما (مع ثلاثين يوما للانسحاب)، ما لم يعلن الكونغرس الحرب أو يعطي الصلاحية للرئيس لاستخدام الجيش".  

 

ويبين الكاتبان أن "فريق السياسة الخارجية التابع للرئيس دونالد ترامب جعل من الواضح بأن الإدارة لا تعتقد أن عليها الالتزام بأي من هذه القواعد، ويظهر الالتزام الذي أعلنه وزير الخارجية تيلرسون بأن هذه الإدارة مستعدة لخرقه، ومن الواضح والمؤسف أن الرئيس مستعد أن يستهين بالحدود الدستورية لصلاحياته، ويلتزم بالوجود العسكري وحده".

 

ويقول الكاتبان: "قد تحتج إدارة ترامب بأن القوات موجودة في سوريا أصلا، فإبقاؤهم هناك ليس كإرسالهم هناك، لكن ذلك سيجعل من القانون محلا للسخرية، وكانت إدارة ترامب أوضحت عام 2015 بأن التفويضات التي وافق عليها الكونغرس عامي 2001 و2002 شكلت القاعدة القانونية للعمليات ضد تنظيم الدولة؛ لأنها كانت موجهة ضد الإرهاب بشكل عام، وذلك التبرير كان ضعيفا، لكن بالتأكيد ليس هناك من القوانين ما يمكن أن يحتج به لتبرير تمديد الوجود العسكري الأمريكي في سوريا بعد التأكد من أن تنظيم الدولة تمت هزيمته نهائيا". 

 

ويضيف الكاتبان: "لسنا أول من ينبه إلى هذه المخاوف، حيث عمل كل من السيناتور تيم كين، وهو ديمقراطي عن فرجينيا، وجيف فليك، وهو جمهوري عن أريزونا، لسنوات لشد الانتباه إلى غياب التفويض القانوني للعمليات العسكرية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أن بوب كوركر من تناسي، الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أوضح في جلسة استماع للجنة أنه إن أرادت أمريكا البقاء في سوريا لتقاتل وكلاء إيران فإن (التفويضات اللازمة ليست موجودة لمثل ذلك النشاط)".

 

ويفيد الكاتبان بأنه "إن لم تكن المخالفات الدستورية مقلقة بما فيه الكفاية، فإن الخطة المعلنة ستجعل أمريكا منتهكة بشكل مباشر للقانون الدولي، فعمليات أمريكا ضد تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة في سوريا والعراق، تمت دفاعا عن أمريكا وحلفائها، خاصة في العراق، وكان هذا هو أساس الإيضاح الأمريكي للأمم المتحدة بخصوص عملياتها العسكرية في سوريا، الذي قدمته سفيرة أمريكا سمانثا بورز في 23 أيلول/ سبتمبر 2014، وتمت إعادة الإيضاح في رسالة للكونغرس أرسلها وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون الخريف الماضي".

 

ويورد الكاتبان نقلا عن منتقدين، قولهم إن استخدام حجة الدفاع عن النفس حجة فضفاضة، مستدركين بأنه "حتى لو كانت الحجة مقبولة من قبل فإن الالتزام بجنود أمريكيين لأخذ مواقع في سوريا إلى وقت غير محدود لا يمكن الدفاع عنه بناء على الأسس ذاتها".

 

ويرى الكاتبان أن "جلب الاستقرار إلى المناطق التي تم أخذها من تنظيم الدولة ضروري دون شك؛ للتأكد من عدم عودة التهديد الإرهابي، ويجب أن يكون ذلك أولوية لأمريكا، لكن مع تراجع التهديد النابع من تنظيم الدولة، وعودة الصراع السوري إلى معركة حول تمكن الأسد من السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها الثوار المنقسمين على أنفسهم، فإنه لا يمكن الاحتجاج بالدفاع عن النفس، وإن كان الرئيس سيطلب من القوات الأمريكية أن تحتفظ بأراض سورية في تلك الظروف فإنه سيكون قد أمرهم بفعل ذلك في خرق واضح لميثاق الأمم المتحدة". 

 

ويذهب الكاتبان إلى أنه "بخرق القانون الدولي بهذا الوضوح، فإننا لا نكون فقط وضعنا قواتنا في خطر، وسنمنح القادة الحاقدين في أنحاء العالم الحجة بتقليدنا، ونكون فعلنا ذلك في وقت وصلت فيه الموافقة على قيادة أمريكا للعالم إلى أدنى مستوياتها -إلى 30% بعد أن كانت 48% قبل عام- وهذا الطريق سيقوض قيادة أمريكا للعالم من خلال الأفعال الدولية الملتزمة بالقانون الدولي". 

 

وينوه الكاتبان إلى أن "الكونغرس قام لعدة عقود بالتخلي تدريجيا عن سلطة الحرب للفرع التنفيذي، وإن لم يقم الآن بفعل فإنه قد يخسر ما تبقى له من سلطة، فعلى الكونغرس أن يراعي واجبه الدستوري: يستحق جنودنا وعائلاتهم نقاشا عاما حول حدود مهمتهم، إن كنا سنطلب منهم أن يغامروا بحياتهم". 

 

ويختم الكاتبان مقالهما بالقول: "على الكونغرس أن يخبر الرئيس بأنه لا يمكنه أن يشغل الجنود في معركة غير قانونية في سوريا، والسماح بهذا الفعل الخارج عن القانون سيشكل نهاية سلطة الكونغرس على الحرب، وسيشكل ذلك دليلا قاطعا على أن أمريكا تحت رئاسة ترامب لم تعد زعيمة النظام العالمي، لكنها جاهزة ومستعدة لتمزيقه".

التعليقات (0)