هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتواصل في تونس، الاحتجاجات الشعبية ضد قانون المالية لسنة 2018 وغلاء الأسعار، لليوم الثالث على التوالي في العاصمة التونسية وعدة مدن أخرى تحولت ليلا إلى أعمال سرقة وتخريب وحرق ممتلكات عامة وخاصة، في مشهد يعيد للأذهان أجواء الثورة التي يستعد التونسيون لإحيائها في 14 كانون الثاني /يناير الجاري.
وتأتي الاحتجاجات وسط موجة احتقان شعبي غير مسبوق، وتصعيد في الاتهامات بين أحزاب الحكم والمعارضة، وتحذيرات من مخاطر الانزلاق إلى سيناريو الفوضى، فيما من المنتظر أن يشهد يوم غد الجمعة في العاصمة التونسية وباقي المدن تحركات احتجاجية عارمة بدعوة من حملة "فاش نستناو" والجبهة الشعبية .
ووصف الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية خليفة الشيباني، في حديثه لـ"عربي21" ما يحدث في تونس ليلا بالأعمال الإجرامية، مشددا على أنها بعيدة كل البعد عن التحركات الاحتجاجية ضد الفقر وغلاء المعيشة.
وأشار إلى اعتقال أكثر من 328 شخصا ليلة البارحة، في عدة مناطق من البلاد، تورطوا في أعمال سرقة وتخريب واعتداء على مواطنين وممتلكات وقطع طرقات، فيما جرح أكثر من 21 عون أمن من مختلف الأسلاك ليلة أمس و58 خلال الليلة التي سبقتها خلال عمليات كر وفر مع المحتجين.
كما أكد القبض منذ يومين،على موظف عمومي كان على متن سيارة إدارية ليلا بحي الزهور بمدينة القصرين وبحوزته ألفا دينار – حوالي 800 دولار - وتمت إحالته إلى النيابة العمومية نافيا صحة الأنباء المتداولة حول انتمائه للجبهة الشعبية أو لحركة النهضة.
تصاعد الاتهامات بين الجبهة والحكومة
ووسط احتدام التوتر الليلي في عدة أحياء ومدن ليلا، اشتدت الاتهامات الصريحة بين الحكومة وبين الجبهة الشعبية، حيث اتهم رئيس الحكومة بشكل علني وصريح الجبهة بعلاقاتها بشبكات الفساد التي تحرض على الفوضى والعنف، من خلال تجنيد الشباب، وبتقاطع مصالحها مع الجهات السياسية، داعيا إلى فتح تحقيق للكشف عن المتورطين في أعمال التخريب.
اعتبر النائب عن حركة النهضة محمد بن سالم، في كلمة له في البرلمان، أن الجبهة الشعبية صوتت على قانون المالية وتحديدا على الفصل 39 الخاص بالزيادة في الضريبة على القيمة المضافة والفصل المتعلق بالضريبة على الاستهلاك نكاية في النهضة التي رفضت ضمن لجنة المالية تمرير هذا الفصل.
واعترف النائب عن الجبهة الشعبية أحمد الصديق خلال حضوره في برنامج على قناة التاسعة التونسية الخاصة الأربعاء أن كتلته "صوتت على الفصل 38 من قانون المالية المثير للجدل والمتعلق بزيادة واحد بالمائة في الضريبة على القيمة المضافة على المواد الاستهلاكية رغم عدم قناعتهم به ضمن صفقة عقدوها مع أحزاب أخرى في غياب نواب عن حركة النهضة بهدف تمرير فصول أخرى في قانون المالية".
لكن المفاجأة كانت بعدها بعودة النهضة للجلسة التي عقدتها لجنة المالية في البرلمان وبعودة توافقها مع نداء تونس، حيث قال الصديق : "لقد خدعنا ".
وكان النائب عن النهضة محمد بن سالم قد صرح بأن الجبهة الشعبية صوتت على فصل الضريبة على القيمة المضافة نكاية في النهضة ثم راحت تحتج في الشارع ضده.
تصفية حسابات سياسية
من جانبه اعتبر الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري في تصريح لـ "عربي 21" أن خطاب الجبهة الشعبية قام على التوظيف السياسي للاحتقان الشعبي ضد قانون المالية، واتهمها بممارسة الخطاب المزدوج من خلال تصويت نوابها في البرلمان على الفصل 39 المتعلق بالزيادة في الضريبة على القيمة المضافة، -والتي كانت أحد عوامل الزيادة في أسعار أغلب المنتجات الاستهلاكية- ثم الاحتجاج والدعوة لإسقاط هذا القانون الذي صوتوا عليه.
وتابع: "خطاب الجبهة فوضوي وغير مسؤول والقوانين لا تسقط بقوة الشارع بل بالنقاش داخل قبة البرلمان وإلا لا معنى لوجود تشريعات في دولة ديمقراطية".
وشدد على أن الجبهة تعمل ضمن أجندات إيدولوجية وحزبية ضيقة في إطار الحسابات السياسية والرغبة في إسقاط الحكومة وليس في إطار الدفاع عن الفقراء ومعيشتهم.
وفي السياق ذاته اعتبر النائب عن حركة النهضة محمد بن سالم، في كلمة له في البرلمان، أن الجبهة الشعبية صوتت على قانون المالية وتحديدا على الفصل 39 الخاص بالزيادة في الضريبة على القيمة المضافة والفصل المتعلق بالضريبة على الاستهلاك نكاية في النهضة التي رفضت ضمن لجنة المالية تمرير هذا الفصل.
اقرأ أيضا : الجيش التونسي يستنفر عناصره لحماية المقرات السيادية
وشدد على أن نفس نواب الجبهة الشعبية الذين يتشدقون بالدفاع عن الفقراء رفضوا ضمن لجنة المالية الترفيع في الضرائب على اليخوت الفاخرة في تونس.
الجبهة ترد على الاتهامات بالفوضى
وكان الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي، قد رد على الاتهامات التي طالت كتلته، بالوقوف وراء أعمال التخريب والفوضى، مشددا في مؤتمر صحفي مساء اليوم الخميس، على أن توجيه رئيس الحكومة صراحة أصابع الاتهام للجبهة الشعبية بالوقوف وراء أعمال التخريب محاولة منه للتغطية على فشل حكومته وفشل الائتلاف الحاكم في التغطية على الفساد.
واستنكر في السياق ذاته حملة الشيطنة ضدهم وتحميلهم مسؤولية الفوضى وأعمال التخريب معتبرا أن الاتهامات الموجهة للجبهة يقودها من وصفهم بـ "الإعلاميين المأجورين".
سنة دم
إلى ذلك توعد النائب اليساري المستقل عدنان الحاجي، خلال كلمة له في قبة البرلمان الحكومة التونسية والائتلاف الحاكم بما أسماه بـ "سنة دم" مبررا أعمال السرقة والنهب التي طالت عدة ممتلكات عامة وخاصة.
ومن جهتها حذرت نقابة الصحفيين التونسية وسائل الإعلام من السقوط في التوظيف والتوجيه بشأن الإحتجاجات الاجتماعية.
وقالت النقابة في بيان اطلعت عليه "عربي21" "تشهد البلاد موجة من الاحتجاجات على خلفية قانون المالية لسنة 2018 وما انجر عنه من ارتفاع للأسعار، وتزامنت مع هذه الاحتجاجات السلمية أعمال تخريب ليلية ونهب لأملاك خاصة وعامة من قبل منحرفين وخارجين عن القانون.
وقالت النقابة إنها تؤكد على أن "الإحتجاج السلمي المدني وغيره من أشكال التعبير والتظاهر هي أهم مكاسب الثورة التونسية وحق يكفله الدستور والقوانين، وأن أعمال التخريب والنهب وغيرها من الممارسات الإجرامية تتحمل مسؤولية إيقافها والتصدي لها حصريا السلطات العمومية المؤتمنة على حماية المواطنين وأملاكهم".
وأضافت " وعليه فإن النقابة بقدر إدانتها الشديدة للعنف والتخريب بقدر تمسكها بالحق في التظاهر والتعبير والاحتجاج ورفضها لكل محاولات وأشكال شيطنتها وربطها بأعمال التخريب، ولقد لاحظت النقابة طيلة مدة الأزمة الأخيرة تعاطيا إعلاميا متذبذبا وموجها في أغلبه لصالح وجهة نظر الحكومة والمؤسسة الأمنية".
وقالت : " تجلى ذلك بشكل صارخ في برنامج "75 دقيقة " على المرفق العمومي الممول من دافعي الضرائب "القناة الوطنية الأولى" مساء يوم الثلاثاء 09 جانفي الجاري حيث تحول إلى جلسة تحقيق أمني مع الضيف وتوجيهه وجهة واحدة بهدف شيطنة الاحتجاجات الاجتماعية" .
ودعت النقابة وسائل الأعلام إلى الإلتزام بالمبادئ المهنية وأخلاقيات المهنة وعدم الوقوع في التوظيف لهذا الجانب أو ذاك ومراعاة حق الجمهور في معلومة دقيقة ومؤكدة وذات مصداقية.
إلى ذلك فرقت قوات الأمن التونسي مساء اليوم الخميس، مجموعة من أنصار الترجي الرياضي التونسي باستعمال الغاز المسيل للدموع ممن كانوا بصدد اقتناء تذاكر مباراة فريقهم مع فريق نادي "الترجي واد النيص الفلسطيني".
وبحسب شهود عيان وصفحات لألتراس الترجي عبر فيسبوك عمت حالة من الغضب بعض الجماهير الذين احتجوا على نفاذ التذاكر بعد أن قدم بعضهم من مناطق بعيدة من العاصمة وقاموا بأعمال شغب ليتدخل الأمن.
وأكد الناطق باسم الداخلية خليفة الشيباني في تصريح مقتضب ل "عربي21" أن الأمن تدخل إثر محاولة بعض أنصار الترجي القيام بأعمال شغب مما اقتضى من قوات الأمن التدخل بشكل مستعجل نظرا لحساسية الموقع والشارع الذي يتضمن عدة مقار سيادية وبنوك.