هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت الذي تستعد السلطة الفلسطينية لإقرار مشروع الموازنة للعام القادم، فاجأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السلطة الفلسطينية بإقرارها لقانون وقف المخصصات المالية الممنوحة لها كجزء من رزمة إجراءات عقابية اتخذتها إدارة الرئيس ترامب في أعقاب نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس.
وتعدّ الولايات المتحدة الأمريكية أكبر الممولين الماليين للسلطة الفلسطينية، بتمويل يصل إلى 350 مليون دولار سنويا من أصل 1.2 مليار دولار هي قيمة المساعدات الخارجية الممنوحة للسلطة الفلسطينية سنويا.
مصادر التمويل
وبلُغة الأرقام: بلَغت موازنة السلطة للعام الحالي 4.4 مليار دولار، فيما تعتمد السلطة الفلسطينية على ثلاثة مصادر لتمويل نفقاتها؛ أولها الضرائب المحلية بأنواعها المختلفة (وتشمل بالأساس ضريبة الدخل، وضريبة القيمة المضافة، وضريبة الملكية)، وتشكل حوالي 25 في المئة من الإيرادات الكلية للسلطة، وتقدر بنحو 1.1 مليار دولار سنويا.
في حين أن المصدر الثاني لتمويل الموازنة هي إيرادات المقاصة، وهي الضرائب على الواردات السلعية التي تحولها (إسرائيل) شهريا للسلطة، وفقا لبروتوكول باريس الاقتصادي الموقع بينهما سنة 1994، وتشكل حصيلتها النقدية حوالي 50 في المئة من الإيرادات الكلية للسلطة، وتبلغ 2.5 مليار دولار سنويا.
أما المصدر الثالث لتمويل الموازنة، فهي المساعدات الخارجية، وتشكل نحو 25 في المئة من تمويل الموازنة، بقيمة إجمالية تقدر بنحو 1.2 مليار دولار.
وتعاني السلطة الفلسطينية من تراجع حاد في قيمة المساعدات الخارجية الممنوحة لها في السنوات الأخيرة، حيث لم تتخطّ قيمة المنح والمساعدات الخارجية لهذا العام حاجز 450 مليون دولار مقارنة بـ 1.2 مليار دولار لعام2012، وهو ما تسبب في رفع فاتورة الدين العام على للسلطة، ليتخطى حاجز 4.8 مليار دولار، وفق بيانات وزارة المالية.
وأجمع مراقبون على أن قرار الرئيس الأمريكي بوقف المخصصات المالية للسلطة الفلسطينية سيلقي بظلاله على الواقع المالي للسلطة للعام القادم.
كارثة حقيقية
إلى ذلك، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، معين رجب، إن "القرار الأمريكي بوقف المخصصات المالية سيكون له بالغ الأثر في الاستقرار المالي للسلطة، فعند احتساب حصة المساعدات الخارجية ( 1.2 مليار دولار) بجانب الفجوة التمويلية للموازنة، التي تبلغ 350 مليون دولار، سنصل إلى عجز تمويلي في الموازنة يتخطى 1.5 مليار دولار، وفي حال لم تتقدم أي دولة لتعويض ما كانت تقدمه الولايات المتحدة من مساعدات، فإن السلطة ستواجه أكبر عجز مالي في تاريخها، بتخطيه حاجز 1.3 مليار دولار للعام القادم".
وأضاف رجب، في حديث لـ"عربي21"، أن "الكارثة الكبرى التي قد تواجهها السلطة هي قيام الولايات المتحدة بالضغط على دول أخرى، كالسعودية والجزائر والنرويج؛ لوقف مساعداتها المالية، وفي هذه الحالة ستلجأ السلطة لأن تذهب لمؤسسات التمويل كالبنك الدولي وصندوق النقد للحصول على تمويل يسد العجز الذي تواجهه، وهنا ستضطر السلطة إلى رهن أصولها السيادية كضمان للحصول على قرض من هذه المؤسسات، وهي كارثة حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى".
وقف المشاريع التشغيلية
أما الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، حامد جاد، فأوضح أن "وقف المساعدات الأمريكية سيلقي بظلاله على استمرار العمل بمشاريع البنى التحتية الممولة من مؤسسات أمريكية مثل (USIAD)، والتي تشرف على تشغيل الآلاف من العاطلين عن العمل، وهو الأمر الذي سيؤثر على نسب البطالة، التي تواجه ارتفاعا غير مسبوق في الأراضي الفلسطينية، بتخطيها حاجز 54 في المئة".
وأوضح جاد، في حديث لـ"عربي21"، أن "السلطة ستواجه مشاكل كبيرة في تمويل نفقات رواتب موظفيها، الذين يقدر عددهم بنحو 180 ألف موظف، وهو الأمر الذي سيؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، بالإضافة إلى تأثير ذلك على الحركة التجارية والأسواق، وقد تكون هذه أولى المحطات لدخول الاقتصاد الفلسطيني في مرحلة الكساد والتقشف".