هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ذكرت عدّة صحف كويتية قبل عدّة أيام أن القمّة الخليجية ستعقد بالفعل في الكويت وستحضرها كل الدول الخليجية دون استثناء. وقد نسبت هذه الصحف الخبر بداية إلى مصادر دبلوماسية لم تحددها، ثم ما لبثت وكالة الأنباء الكويتية أن أعلنت أنّ الكويت أنهت الاستعدادات اللازمة لاستضافة القمّة الخليجية في 5 – 6 كانون الأول/ديسمبر وأنّها أرسلت الدعوات إلى كل الدول الخليجية بدون استثناء.
من جهتها، قامت "رويترز" بنشر تقرير تؤكّد فيه انعقاد القمّة في الوقت المحدد استنادا إلى مسؤول كويتي رفيع المستوى لكن دون تحديد مستوى الحضور في القمّة، وأكّد دبلوماسيّان خليجيان في التقرير نفسه أن الكويت ستستغل القمّة من أجل حلّ الأزمة الخليجية. إذا ما سلّمنا بصحّة ما تمّ طرحه أعلاه ثمّ قمنا بتحليله، فبإمكاننا القول إنّ التأكيد على انعقاد القمّة الخليجية في الكويت يوحي بأنّ الأزمة الخليجية قد حلّت، لكن إلى الآن لا يوجد مؤشرات منطقيّة تدل على مثل هذا الأمر.
الأسبوعان الماضيان شهدا حراكا دبلوماسيا باتجاه الكويت ومنها، إذ أوفد أمير قطر شقيقيه الشيخ جاسم بن حمد الممثل الشخصي للأمير، والشيخ جوعان بن حمد لينقلا رسالةً خاصة لأمير الكويت، بعدها بعدة أيام، قام وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح بالتوجه إلى المملكة حيث سلّم رسالة خاصة من أمير الكويت إلى الملك سلمان.
لكن هذه الاتصالات لم تنعكس إيجابا على ما نراه من المتداول، إذ بقيت الحملات السياسية والإعلامية تشن ضد قطر، وهو ما يشير إلى عكس الاستدلال القائل بحلحلة الأمور. في المقابل، هل من الممكن أن تدعو الكويت إلى انعقاد قمّة خليجية وترسل الدعوات إذا لم يكن هناك تقدّم في الموضوع؟
نعم ممكن، وربما اختار الجانب الكويتي التفاؤل المفرط من أجل تحفيز باقي الأطراف على التراجع عن عدم الحضور في حال كان أحدهم يفكّر بالإعلان عن مقاطعة القمّة إذا ما شاركت قطر فيها، وقد يشكل ذلك مخرجا إذا كانت هناك نيّة فعلية لتجاوز المشكلة القطرية، على اعتبار أن السبب سيكون حضور القمّة وهي ذريعة جيّدة إذا كانوا لا يودون الظهور بمظهر المتراجع.
أمّا المسألة الثانية فهي أنّه لا يوجد تأكيد حقيقي على انعقاد القمّة على مستوى قيادات الدول، وهناك من يشير إلى وجود إمكانية لانعقادها على مستوى منخفض، لكن مثل هذا الأمر قد يكون بمثابة رسالة سلبية للكويت، وما أشار إليه الدبلوماسيان الخليجيان يؤكد بوضوح أن الأزمة لم تحل، وأنّ الكويت تحاول مرة أخرى بذل جهود لحلّها من خلال القفز على المشاكل وحضور القمّة، وهذا الأسلوب حتى وإن نجح من غير المتوقع أن يعالج الأزمة من جذورها.
دول الحصار قرأت التحرّك الكويتي الذي قرر الإعلان عن انعقاد القمّة على أنّه إعلان عن تراجع قطر وخضوعها للشروط التي تريدها هذه الدول. لكن على المعسكر الآخر، لا يوجد ما يشير حتى الآن إلى مثل هذا الأمر، كما أن الدوحة ليست متفائلة في ظل استمرار الحملات السياسية والإعلامية ضدّها.
سبق وأشرنا إلى أن هذه الأزمة تسببت بها أنظمة غير عقلانية وعشوائية لا تعتمد على الحسابات وبالتالي فهي أزمة لا يتحكّم بها المنطق ولا يستطيع المحلل أن يحكم بدقّة على تطوراتها ومجريات الأمور من خلال ما يقال أو ينشر إلا إذا كان منخرطا فيها فعليا. لذلك فكما بدأت الأزمة بشكل مفاجئ وغير متوقّع بإمكانها جداّ الانتهاء بشكل مفاجئ وغير متوقّع ودون مقدّمات تذكر أيضاً لكن ذلك يحتاج إلى كلمة من البيت الأبيض كما أصبح معلوما.