هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "بوليتكو" تقريرا أعده ويزلي مورغان، تقول فيه إن الولايات المتحدة وسعت من وجودها العسكري في الصومال، ولأول مرة، منذ مقتل 18 جنديا أمريكيا، بعد تحطم طائرتهم في العاصمة الصومالية مقديشو عام 1993.
ويربط التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بين تعيين السفير الأمريكي ستيفن شوارتز العام الماضي في نهاية مرحلة أوباما وزيادة عدد القوات، مستدركا بأن مسؤولين مطلعين على قضايا الأمن القومي، قالوا إن وصول الرئيس دونالد ترامب فتح الفرص أمام المؤسسة العسكرية لتقدم مطالبها، وتوسع مهام ملاحقة المتشددين في معظم مناطق أفريقيا، وليس الصومال فقط.
ويقول مورغان إن البنتاغون أرسلت في حزيران/ يونيو لأول مرة جنرالا، وهو العميد ميغول كاستيلانوس، الذي عمل مع قوات حفظ السلام في الصومال أثناء التسعينيات من القرن الماضي، ليدير خلية مقديشو للتنسيق، وزادت في الوقت ذاته الغارات الجوية؛ لاستهداف قادة المتشددين، وحماية المستشارين الأمريكيين والحلفاء الأفارقة، نفذت واحدة منها في يوم السبت، على بعد 250 ميلا من العاصمة.
وتورد المجلة نقلا عن القيادة المركزية الأفريقية، قولها إنها قتلت متشددا قام باستهداف قافلة صومالية أمريكية، وبحسب القيادة المركزية فإن الولايات المتحدة شنت هذا العام 28 عملية في الصومال، منها 9 في هذا الشهر، مقارنة مع 13 غارة جوية وبرية العام الماضي، وخمس غارات في عام 2015، بناء على أرقام من "المؤسسة الأمريكية الجديدة".
ويلفت التقرير إلى أن هذا الدور العسكري الواسع على عكس الدور العسكري الصغير والسري خلال العقد الماضي، حيث أشرفت قيادة العمليات الخاصة المشتركة على المهمة السرية، وبدأت الغارات في الصومال عام 2011، وقدم عدد من جنود العمليات الخاصة الاستشارة للقوات الصومالية عام 2013، مستدركا بأن عمل القوات الأمريكية ظل مقتصرا على مقديشو وقاعدة بيلدوغول الجوية جنوب الصومال، حيث قال ضابط في العمليات الخاصة: "كان العدد 100 تقريبا، ومهمتهم استخباراتية واستهداف" لغارات مكافحة الإرهاب.
وينوه الكاتب إلى أن عدد القوات الأمريكية تضاعف هذا العام إلى 500 جندي، في الوقت الذي نشرت فيه وزارة الدفاع الأمريكية أعدادا إضافية من قوات العمليات الخاصة؛ لتقديم النصح والاستشارة للقوات المحلية ضد جيوب الجماعات المتشددة حول البلد.
وتبين المجلة أن التوسع في العمليات الخاصة هو مثال آخر على الطريقة التي وسعت فيها البنتاغون عملياتها في أفريقيا، حيث يأتي التوسع في العمليات بعد مقتل أربعة من الجنود في كمين الشهر الماضي في النيجر، مشيرة إلى أن النشاطات الأمريكية في الصومال تضم مقرين عسكريين في العاصمة مقديشو، فيما زادت من حجم الغارات الجوية ضد الجماعات الإرهابية، ووسعت من عمليات نصح ودعم القوات الصومالية في الميدان.
وبحسب التقرير، فإن العمليات في الصومال تترافق مع تخفيض مهام القوة التابعة لدول الاتحاد الأفريقي، بشكل يزيد الضغط على القوات الصومالية لمواجهة حركة الشباب المتحالفة مع تنظيم القاعدة، التي أقامت مناطق حكم لها في بعض مناطق البلاد.
وينقل مورغان عن الجنرال المتقاعد دون بولدوك، الذي قاد العمليات الأمريكية في أفريقيا حتى حزيران/ يونيو، قوله: "علينا وضع فرق صغيرة على الأرض للعمل مع الحكومة الصومالية"، وأضاف في مقابلة مع المجلة: "كان علينا تغيير استراتيجيتنا وتغيير سياستنا، ولهذا زاد حضورنا".
وتشير المجلة إلى أن الخطوط العامة التي ناقشها المسؤولون في القيادة المركزية الأمريكية في أفريقيا تضم نشر قوات من جنود القبعات الخضراء و"نيفي سيل" إلى مناطق وجود حركة الشباب الصومالية وجماعات متشددة أخرى في شمال البلاد، التي يطلق عليها "بونت لاند"، التي أعلنت العام الماضي ولاءها لتنظيم الدولة، لافتة إلى أن نشر فريق من قوات العمليات الخاصة إلى جانب القوات الصومالية في "بونت لاند" كان بما يشبه النموذج لعمليات توسع أكبر، حيث قال بولدوك للمجلة: "كانت (بونت لاند) هي المثال الذي استخدم.. وقلنا: نستطيع عمل هذا في مناطق أخرى، ولهذا غيرنا استراتيجيتنا ونهجنا العملياتي".
ويكشف التقرير عن أنه في تحرك لم تتم تغطيته إعلاميا، فإنه تم نشر وحدة "نيفي سيل" من ألمانيا لتتمركز في مقديشو، ولتقوم بمهام تنسيق فرق الاستشارة التي نشرت حول البلاد، مشيرا إلى أنه في تحرك منفصل، فإن مدربين من الوحدة 101 المحمولة جوا قضوا الصيف وهم يعملون مع القوات الصومالية في مجمع محصن في مطار مقديشو.
ويذكر الكاتب أن البنتاغون تؤكد أن عملية زيادة القوات لا تمثل توسعا في الوجود العسكري، حيث قال مدير هيئة الأركان في البنتاغون الجنرال فرانك ماكينزي: "لا أعتقد أن هذا توسع في العمليات كما تصف ذلك.. وأرى أن تدفق القوات الداخلة والخارجة، حيث تحضر منظمات جديدة، يمكن تقييم حجمها بطريقة مختلفة، وبالتأكيد لا توجد هناك زيادة في الهجمات".
وتنقل المجلة عن المتحدثة باسم القيادة الأفريقية روبين ماك، قولها إن حجم القوات الأمريكية زاد من حوالي 200 إلى 500 جندي هذا العام، مضيفة أن العدد الأكبر منه هو لتقديم الدعم والاستشارة، و"أهم ملمح لشراكتنا مع الصومال".
ويوضح التقرير أن المسؤولين يخشون من تعمق الوجود الأمريكي؛ بسبب التاريخ القريب للصومال، البلد الذي عانى من حروب أهلية متعاقبة منذ نهاية القرن الماضي، وتاريخ عملية القوات الخاصة المشتركة في البحث عن بلاكهوك، ومقتل الجنود الأمريكيين عام 1993.
ويقول بولدوك للمجلة: "كل واحد يتذكر (سقوط بلاكهوك)، وما حدث عام 1993"، ويعلق لوك هارتينغ، الذي عمل في مجال مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي أثناء إدارة باراك أوباما قائلا: "كان هذا هو الخوف الحقيقي عندما عملت في مجال السياسة في البنتاغون والبيت الأبيض.. وكان بعض العسكريين يقولون: لقد تطورنا كثيرا بصفتنا قوة، وقمنا بعمليات كل ليلة في العراق وأفغانستان، ويمكننا تخفيف المخاطر بطريقة لم نكن قادرين على عملها في عام 1993".
ويقول مورغان إن قادة الجيش ومسؤولي مكافحة الإرهاب يعتقدون أن الغارات وعمليات الملاحقة ليست كافية لمنع تحول الصومال لملجأ آمن، حيث ويقول بولدوك: "توصلنا إلى حقيقة أن محاولة علاج التهديد في الصومال بطريقة آلية لن تعمل".
وتختم "بوليتكو" تقريرها بالإشارة إلى قول بولدوك: "إن إخراج الأهداف الثمينة ضروري، لكنه لن يقود إلى نجاح استراتيجي، ولن يقود إلى بناء القدرات والكفاءات لشركائنا وتأمين أنفسهم، ولهذا نقدم لهم خطة متممة للغارات الجوية".