هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كما كان متوقعا، فشلت الجولة السابعة من محادثات أستانة التي اختتمت أمس الثلاثاء، من دون أن تحقق تقدما ملحوظا في ملف المفقودين والمعتقلين، وذلك بالرغم من التركيز الكبير والضغط الدولي على ضرورة فتح هذا الملف.
ويطرح إصرار النظام على عدم فتح المعتقلين هذا الملف تساؤلات، على الرغم من الوعود الروسية التي يتلقاها أعضاء وفد المعارضة السورية للمحادثات قبيل بدء كل جولة جديدة.
وإجابة على هذه التساؤلات، يرى رئيس "المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية" أنور البني، أن النظام السوري يريد من هذا الملف أن يكون ضمانا له لعدم محاسبته على الجرائم التي ارتكبها، أي الإفلات من العقاب.
ويذهب البني خلال حديث مع "عربي21" من باريس، إلى أن النظام يتعامل مع ملف المعتقلين على أنه "سلاح وحيد يمتلكه"، وقال: "بالتالي لن يُسلم هذا الملف لأحد من قبل النظام، وحتى للروس أو للإيرانيين".
اقرأ ايضا: "أستانة7".. اتفاق للدول الضامنة على مؤتمر "الشعب السوري"
وأضاف موضحا: "يستطيع النظام أن يقتل ما يزيد عن 150 ألف معتقل من دون أن يحاسبه أحد أو أن ينتظر موافقة من أحد لا من روسيا ولا من غيرها، فلماذا سيشارك هذا الملف مع الآخرين؟".
ويستدل المحامي السوري البارز على تفرد النظام بهذا الملف، بفشل الضغوط الروسية السابقة على النظام، لإطلاق سراح بعض المعتقلين الذين تجمعها علاقات بهم، من بينهم أعضاء في هيئة التنسيق الوطنية، مثل عبد العزيز الخيّر وإياس عياش وماهر طحان.
وتساءل البني: "إذا كانت روسيا فشلت بإخراج هؤلاء، فكيف ستنجح في الضغط على النظام لإخراج الآلاف من المعارضين له؟".
ولم يتفق رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، المحامي غزوان قرنفل، مع ما ذهب إليه البني، من توصيف للدور الروسي في هذا الملف، معتبرا أن "روسيا ليست عاجزة عن ممارسة الضغط على النظام لتحقيق تقدم في ملف المعتقلين، الملف الإنساني الذي لا يجب أن يكون شرطا للتفاوض من أصله، وإنما تريد لحليفها النظام أن يستثمر هذه الورقة المهمة في عملية تفاوضية أكبر في المسار السياسي، أي في جنيف وليس في أستانة".
وأوضح لـ"عربي21": "معروف أن مسار أستانة مسار متعلق بترتيب الأوضاع العسكرية، وليس لنقاش قضايا سياسية أو إنسانية".
وفي تفسير آخر من قرنفل لعدم فتح النظام لملف المعتقلين، قال: "النظام يفكر في جعل هذا الملف ثمنا لصفقة تقيه مسألة المحاسبة، لأن النظام في حال فتح هذا الملف من دون الحصول على ضمانات فسيكون عرضة للمحاكم الدولية".
وأضاف: "لا أرقام رسمية لأعداد المعتقلين، لكن عمليا أكثر من 70 بالمئة من المعتقلين هم في عداد الموتى الآن نتيجة التعذيب في السجون، بالتالي كيف سيكشف النظام هذه الحقائق دون الحصول على ضمانات ناجمة عن صفقة سياسية برعاية دولية؟".
اقرأ أيضا: في ثاني أيام "أستانة" .. زخم إضافي لملف المعتقلين
واعتبر قرنفل أن كل التقارير التي تحدثت عن قتل المعتقلين وتعذيبهم في سجون النظام بما في ذلك تقارير منظمة العفو الدولية عن سجن صيدنايا، ما هي إلا "رأس جبل الجليد فقط، والواقع والحقائق على الأرض أصعب مما تم الحديث عنه بكثير".
وحول أعداد المعتقلين لدى النظام السوري، أشار قرنفل إلى أن بعض تقارير المنظمات تشير إلى وجود ربع مليون معتقل ومفقود، وقال: "إن طبيعة النظام الأمنية المعقدة تصعب من حصر الأعداد".
أما رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، أنور البني، فقدّر أعداد المعتقلين لدى النظام السوري منذ اندلاع الثورة السورية بنحو 150 ألف معتقل، فضلا عن وجود نحو 50 معتقلا سياسيا سابقا تمت محاكمتهم من قبل.
وكان المتحدث باسم الوفد يحيى العريضي، قال مع نهاية الجولة السابعة من محادثات أستانة: "من أهم دوافعنا للمشاركة في أستانة، السعي الجاد لإطلاق سراح المعتقلين قسريا لدى النظام، ويتجاوز عددهم ربع مليون شخص، ولا أحد يعلم عدد من قتلوا تحت التعذيب الوحشي".
وأضاف: "ترقبنا تنفيذ الروس لوعدهم بمناقشة موضوع المعتقلين لدى النظام، بإطلاق سراحهم، والأمر يبقى وعدا يصطدم بعرقلة إيرانية، وهو ملف أولوية بالنسبة لنا".