قال عبد المجيد مناصرة، رئيس حركة "
مجتمع السلم" (أكبر حزب إسلامي في
الجزائر)، إن "
الأزمة السياسية"، التي تعيشها البلاد منذ سنوات، لها حلان لا ثالث لهما، الأول توافقي يكون الجيش شريكا فيه، والثاني إجراء انتخابات رئاسية حرة لحسم خيار الشعب.
وكان مناصرة يرد، في مقابلة خاصة على تحفظ حزبه على دعوات سياسيين ونشطاء للجيش للتدخل في الشـأن السياسي بدعوى "وجود أزمة" في منصب الرئاسة.
وحسب الوزير السابق (1997/ 2002) فإن "دعوة الجيش للانقلاب (على الرئيس عبد العزيز
بوتفليقة بدعوى عجزه صحيا)، أو ما يشبه الانقلاب، مرفوضة تماما، ولا يليق أن تصدر من شخص يؤمن بالديمقراطية، ولا يمكن أن نحسم مشاكلنا بالجيش ولا ندفعه للانحياز لأي طرف أو تيار" .
وأضاف: "نحن في توصيف الواقع حاليا نقول إن لدينا أزمة سياسية بالإضافة إلى الأزمات الأخرى، وهي أزمة تآكل شرعية، لأنه عندما تجرى انتخابات مرارا وتكرارا، من دون تغيير، معناه أن ثمة مشكلة شرعية، صحيح أننا ننظم انتخابات، ولكن ليست هذه هي الديمقراطية".
ويرى مناصرة أن "هناك حلين لا ثالث لهما هما أولا: الحل التوافقي حيث نعترف بوجود أزمة، ونجري حوارا وطنيا، لا يقصي أحدا، ونخرج بتوافق ونتكلم على مرحلة للتسيير بالتوافق حتى نهيئ ظروف الدخول للديمقراطية الحقيقية والمستقرة، وتشمل جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية، وفي الحل التوافقي يجب أن يكون الجيش شريكا وضامنا ومرافقا".
ويقول رئيس أكبر كتلة معارضة في البرلمان الجزائري: "إذا كان الحل الأول مرفوض من قبل السلطة، فالحل الثاني معالجة المشكلة بانتخابات حرة ونزيهة، وهنا الجيش لا علاقة له بالسياسة إطلاقا".
وأوضح أن "الجيش في القانون الجزائري ينتخب، ولكن في رأيي، وكررتها أكثر من مرة منذ سنوات، ففي الديمقراطية الحقيقية الجيش لا ينتخب هذا ليس من حقوق الجيش لأنه عمل سياسي أن تختار بين نائب ونائب هو فعل سياسي، وأنت ليست لك علاقة بالسياسة وفي الديمقراطيات الغربية الجيوش لا تنتخب وعندنا وجدناه في بعض الانتخابات هو الحاسم".
ويعاني الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة من أزمة صحية تقول المعارضة إنها "تمنعه" من ممارسة مهام عمله، غير أنه يرد عليها بالظهور العلني من حين لآخر، وتقول السلطات إن مرض بوتفليقة "لا يمنعه" من ممارسة مهامه.
الانتخابات المحلية لن تغير المشهد
وبالنسبة للانتخابات المحلية، المقررة في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، يرى مناصرة أنها لو "تكون نزيهة فسيتغير المشهد والخارطة الانتخابية"، حيث يحتل حاليا حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم الصدارة في مجالس البلديات والمحافظات متبوعا بالتجمع الوطني الديمقراطي حزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى ثم حركة مجتمع السلم.
غير أن السياسي الجزائري عاد ليقول: "في حدود ما نفهم لن يتغير المشهد في هذه الانتخابات، ستكون أحزاب السلطة هي الأولى، وهي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي ثم تأتي حركة مجتمع السلم وبعدها البقية".
وتابع: "نحن لا نزال، للأسف، في ديمقراطية جزئية غير كاملة المعايير، والترشح فيها ضيق والالتزامات التي قدمتها السلطة غير جدية، لأننا نظمنا منذ العام 1997 خمس انتخابات برلمانية و5 انتخابات محلية دون أن يتغير المشهد".
وعن ظاهرة العزوف الشعبي الكبيرة، التي سجلت خلال انتخابات البرلمان شهر مايو/ أيار الماضي (35 بالمائة نسبة المشاركة)، يقول محدثنا إن "الجميع يعلم أن نسبة المشاركة في المحليات تكون أكبر من الانتخابات النيابية، لأن الحزب في الانتخابات النيابية تجده معنيا بقائمة واحدة، أما في المحليات فهو معني بعدة قوائم على مستوى البلديات".
وأضاف: "كما أن قوائم المرشحين تجند العائلات، فغالبا نسبة المشاركة في المحليات تكون أعلى من التشريعيات، ولكن لن تكون أعلى بالمعنى الذي يجعلنا نقول إن المشاركة مقبولة".
وعن الأسباب يؤكد مناصرة أن "هذا الاقتراع هو الخامس في عمر التعددية، وهي كلها هامش الحرية والتغيير فيها ليس كبيرا، وبالتالي فإن هذا سبب يجعل الناس تقول: لماذا أصوت ما دامت الانتخابات لا تغير شيئا؟ وثانيا هناك صلاحيات ضعيفة للمجالس المنتخبة المحلية".
ومضى قائلا: "في كثير من المشاكل يذهب المواطن لمسؤولي البلدية، حينها يقولون له إن هذه من صلاحيات الولاة، لذلك يشكك المواطن في جدوى انتخاب رئيس بلدية، والأمر الثالث هو في حالة من حالات هيمنة نفس الأغلبية، وبوسائل فيها الكثير من التعسف، بشكل يجعل الشعب يشعر أن دوره ثانوي والأمور محسومة فيعزف عن المشاركة".
ووفق مناصرة، فإنه "حاليا هناك عزوف عن الترشح أيضا، فكثير من الأحزاب تعاني من عدم وجود مرشحين لأن الكثيرين يقولون: لماذا أترشح في ظل التدخل السافر في الصلاحيات والأزمة المالية التي ستؤدي إلى عدد كبير من البلديات العاجزة ماليا؟".
وزيرة التعليم لها "فكر تغريبي"
وردا على سؤال حول موقف حزبه من اتهامات وجهت لوزيرة التعليم الحالية نورية بن غبريط، بدعوى استهدافها للهوية العربية الإسلامية في المناهج، علق مناصرة قائلا: "أخطاء الوزيرة الأكبر هي أخطاء تسيير، والآن لديها ثلاث سنوات، ولم تتعلم كيف تسير هذا القطاع الحساس الذي فيه 9 ملايين تلميذ، وتحاول تغطية سوء التسيير بمعارك هامشية ذات طابع أيديولوجي".
وتابع: "فماذا يعني حذف البسملة من الكتب المدرسية؟ فهي طبعا وضعها لا يعني أن المنظومة جيدة وحذفها لا يعني أن المنظومة تعصرت، هو استفزاز ولم تعترف الوزيرة بأنه خطأ ولو اعترفت لانتهى الأمر، لكن رئيس الوزراء أحمد أويحيى هو من اعترف بذلك".
ومضى قائلا: "لكن عندما لا تعترف فالأمر يثير الشكوك، وأنا قناعتي أن الكثير من هذه الأعمال دخان لتغطية فشلها في تسيير القطاع، هذا لا ينفي أيضا أن الوزيرة فعلاً لديها قناعات أيديولوجية مخالفة - في بعض جوانبها - لمعتقدات وقيم الجزائريين بحجة العصرنة، ولكنها أفكار منحازة للفكر العلماني الغربي وتريد أن تفرضه على شعب مسلم".
وسبق أن ردت الوزيرة على هذه الاتهامات في عدة تصريحات من بينها ما قالته يوم 4 أيلول/ سبتمبر الماضي في حوار مع قناة النهار الخاصة.
وقالت حينها: "للأسف الخطابات التي نسمعها حاليا في خارج القطاع لا تخدم التعليم وتحصر دوره في هذه القضايا مثل حذف البسملة والجوانب المادية مثل الإطعام المدرسي ولكنها تهمل الجانب البيداغوجي (التربوي)".
وأضافت: "للأسف تسييس القطاع والجانب الأيديولوجي غطى على الجانب البيداغوجي الذي يعد الأساس في القطاع.".
التعامل مع الروهينغا بمنطق العمل الخيري
وبعيدا عن الشأن المحلي، تطرق الوزير الجزائري السابق إلى الانتقادات الموجهة للعالم الإسلامي بشأن فشله في حماية أقلية الروهينغا في ميانمار، قائلا إن "مشكلة الروهينغا التعامل بعنصرية وهي قديمة، لكن التجرؤ (الحالي) عليهم هو أكيد نتيجة عدم وجود هيئات تحميهم لا هيئات دولية ولا هيئات إسلامية".
وتابع مناصرة، الذي ترأس سابقا المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين: "قبل أن نلوم الهيئات الدولية نلوم أنفسنا، ونحن الآن نتعامل معها من باب العمل الخيري، يعني أصبح دور المسلمين دورا خيريا مثلما أصبحنا نتعامل مع فلسطين كقضية خيرية رغم أنها قضية محورية".
ويبدو مناصرة، وهو عضو بالبرلمان الجزائري، متفائلا بشأن مصير الأزمة
الخليجية، بالقول: "قد يطول الأمر بعض الشيء، لكن الواقع سيدفع الطرفين إلى ذلك، ولا أحد يمكن أن يفرض سيادته على الآخر، ولكن في نفس الوقت لا يمكن لدول الخليج أن تعيش بعيدة عن بعضها البعض".
ورأى أن "هناك بيتا خليجيا وأكيد أن كل عضو فيه يريد الحفاظ على موقعه وسيادته، فأعتقد أن الواقع سيفرض على الطرفين التعامل بواقعية واحترام بعضهما البعض، لأنه لا توجد حلول أخرى، فالحلول العسكرية مرفوضة، وأن تفرض سيادتك على دولة أخرى، هذا غير مقبول، وأن تعيش وحدك في بيت هذا غير مفيد، ولذلك سينتهي الأمر إلى التعاون مع بعض" .
ومنذ 5 حزيران/ يونيو الماضي تشهد منطقة الخليج أزمة غير مسبوقة بعد أن أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، مقاطعة قطر بدعوى "دعم الإرهاب"، وهو ما نفته الدوحة مرارا.