بعد مرور 20 عاما على المحاولة الإسرائيلية الفاشلة، لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "
حماس"،
خالد مشعل، قرأ معلق عسكري إسرائيلي الدروس المستفادة من الإخفاق في تلك العملية.
ثلاثة عوامل
ورأى المعلق العسكري الإسرائيلي، يوآب ليمور، أنه يمكن لمشعل أن "يحتفل بعيد ميلاده العشرين، أو بالأحرى بمرور 20 عاما على اليوم الذي ولد فيه من جديد"، معتبرا أنه "يدين بحياته لثلاثة عوامل هي؛ الحظ، الإجراءات المهملة وعدم احتراف رجال
الموساد"، حيث حاول جهاز "الموساد" الإسرائيلي
اغتيال مشعل، في 25 أيلول/ سبتمبر 1997، خلال تواجده في الأردن.
وأوضح أن هناك عدة "عوامل عشوائية تتعلق بالجزء الأول، وهي سفر أولاده معه في ذلك الصباح، حيث تفاجأ عناصر الموساد بخروج ابنته مع وجود أحد نشطاء حماس الذي حارب القاتلين، وهو ما أدى إلى تأخير وتشويش خطة هربهما؛ إضافة للكفاءة العالية للشرطي الأردني الذي أخذ القاتلين لمركز للشرطة، فتم استجوابهما".
وأما ما يتعلق بالجزء الثاني؛ فإنه "تم المصادقة على العملية تحت الضغط عقب عمليتين وقعتا بالقدس، وهو ما جعل القيادة السياسية برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تسعى للرد الفوري"، وفق ليمور الذي لفت إلى أنه "تمت الموافقة على العملية واختيار مشعل رغم أن المعلومات عنه كانت ضئيلة، وأن ساحة التنفيذ ستكون الأردن؛ وكان من المفترض أن تكون درجة الحساسية مرتفعة نظرا للعلاقات الخاصة بين عمان وتل أبيب".
سلسلة طويلة
وكشف المعلق في مقال له بصحيفة "إسرائيل اليوم"، أن "العديد من الأطراف (من بينهم وزراء) لم يشاركوا في عملية صنع القرار، بينما الآخرون، مثل وزير الأمن ورئيس الأركان ورئيس الشين بيت، الذين عرفوا بأنه تم تحديد مشعل كـ"هدف"، لم يتم إطلاعهم على موعد التنفيذ، ولم يتم إشراكهم إلا بعد تعقد عملية الاغتيال".
وفيما يتعلق بالجزء الثالث والخاص بالعمل المهني لقسم العمليات (قيسارية) في جهاز "الموساد"، والذي يشمل جمع المعلومات الاستخبارية، وإنجاز الوثائق المطلوبة والتغطية التي يتم استخدامها، وكيف الإعداد لهذه العملية وما هي الشروط المطلوبة لتنفيذها أو وقفها، فقد أكد ليمور، أن "اللجان الداخلية في الموساد تناولت هذه الأمور بشكل مكثف، ووجدت أن هناك سلسلة طويلة من الإخفاقات تسببت بإنهاء مهام جميع كبار المسؤولين تقريبا عن هذه القضية في غضون أشهر قليلة".
ولفت إلى أنه "كان من المفترض أن تصبح الدروس المستفادة من فشل العملية بمثابة قواعد حديدية في كل عملية صنع قرار مماثل؛ سواء على المستوى السياسي والتنفيذي"، مؤكدا أن فشل عملية الاغتيال؛ تمخض عن عواقب بعيدة المدى، بعضها سيبقى مخفيا للأبد".
وبين المعلق العسكري، أن الفشل الإسرائيلي في هذه العملية تسبب "بدفع إسرائيل الثمن الفوري مقابل الإفراج عن طاقم الاغتيال، والذي تمثل بإطلاق سراح مؤسس حماس، الشيخ أحمد ياسين (تم اغتياله بعد سبع سنوات) وعشرات الأسرى، كما أدت العملية لحدوث أزمة دبلوماسية مع كندا لاستخدام القاتلين جوازي سفر تابعين لها، وتسبب بشكل خاص بضرر كبير في العلاقات مع الأردن".
استخلاص الدروس
وأشار إلى أن العلاقات الكبيرة مع الأردن، "تم إنقاذها بفضل القرار العاجل بتسليم الأردنيين المصل الذي أنقذ حياة مشعل، إضافة للعلاقات الممتازة لافرايم هليفي (رئيس جهاز الموساد التاسع) مع الملك حسين"، مضيفا أنه "من المشكوك اليوم أن إسرائيل تتمتع بعلاقات مماثلة، في الجهود التي تبذلها لإعادة ترميم العلاقات مع الأردن عقب مقتل اثنين من المدنيين على يد حارس السفارة الإسرائيلية في عمان".
وأكد ليمور، أن "الضرر على المدى الطويل كان أكبر، وجهاز الموساد، الذي تم تعيين هليفي لرئاسته، شهد بسبب فشل محاولة الاغتيال ركودا في العمل استمر لسنوات، ولم يتجدد العمل إلا خلال فترة مئير دغان"، متسائلا: "بعد 20 عاما من محاولة اغتيال مشعل الفاشلة، هل تم فعلا استخلاص الدروس؟".
فعلى مستوى العملية، أشار المعلق العسكري، إلى أن "الجواب بالتأكيد نعم"، مدللا على ذلك بنجاح عملية اغتيال القيادي البارز في "حماس" محمود المبحوح، في دبي عام 2010، والتي تنسب لجهاز "الموساد" الإسرائيلي.
وأما بالنسبة للقيادة السياسية الإسرائيلية فقد أضاف: "لا تزال علامات الاستفهام كما هي؛ خاصة في كل ما يتعلق بمراقبة التنظيمات وترتيب العلاقات داخلها"، مضيفا: "في ظل المنطق الذي يقول إنه ستجري عمليات مشابهة في المستقبل، فإن نجاحها سيعتمد على إجراءات صنع القرار المنظمة والحرص على السلوك العملي الاستخباري السليم".