استعرضت
الصحافة الإسرائيلية، تداعيات الفوز المحدود لحزب المستشارة الألمانية أنجيلا
ميركل، والتحدي الهائل الماثل أمامها خلال فترة ولايتها التي ربما تكون الأخيرة.
وقللت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، من أهمية الإنجاز الذي حققته أنجيلا ميركل بعد فوز حزبها في الانتخابات التي تمت أمس، وقالت: "لا يوجد أي شيء باعث على التأثر بالإنجاز التاريخي لميركل، رعم أنها ستحطم الرقم القياسي لهيلموت كول الذي تولى منصب المستشار على مدى 16 عاما".
وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها التي كتبها الخبير الإسرائيلي في الشؤون الدولية نداف أيال، أن "هذا الإنجاز محدود ومصاب بالوصمة بسبب النتائج نفسها؛ حيث حصل حزبها على نتيجة سيئة بالنسبة لاستطلاعات الرأي، وتحطم شريكها؛ حزب المعارضة الرئيس تماما مع 20 بالمئة، ودفعت النتائج باليمين المتطرف لأول مرة منذ الحرب العالمية الأولى".
وأما الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي أعلن تعذر مشاركته في الائتلاف الحاكم، فهو "مصدوم ويحتاج فترة من الزمن للرجوع كمعارضة مقاتلة"، وفق "يديعوت"، التي نوهت إلى أن الأمر بالنسبة لميركل "هو إعراب شخصي عن الثقة، ولا سيما حيال الاشتراكيين الديمقراطيين.. ولكن الإعراب عن الثقة لا يكفي، كما أنه في عالم الائتلاف، تعرض الاعتدال الألماني لضربة شديدة".
وأكدت أن "البديل لألمانيا؛ هو حزب يكره الأجانب، ويلعب بشكل دائم بالتعابير العنصرية، كما أن مطلبه لتقييد الهجرة ليس عنصريا، ولكن الحزب يستخدم عناصر محافظة مشروعة، كي يوصم بالعار عمليا كل وجود مدني ليس أبيض في ألمانيا".
المهمة التاريخية
وأشارت الصحيفة، إلى أن "الألمان يعرفون أن موجة الهجرة آخذة في الضعف، ولكن غضب الشارع على الحكومة وعلى السلامة السياسية يتعاظم، مع العلم أن هذا التوجه لا يجري في كل أرجاء المجتمع الالماني، بل بالأساس في شرقي الدولة"، موضحة أن "البديل لألمانيا، يتطلع ليغير فكرة الذنب الألمانية عن الحرب العالمية الثانية ومنع تحويل ميزانيات زائدة للتعليم الذي يشرح جرائم النازيين".
ولفتت إلى أنه "في الوقت الذي تلمح فيه النتائج إلى أنها هذه هي الولاية الأخيرة لميركل، فإن التحدي الهائل والمهمة التاريخية أمامها اليوم هي تحطيم
اليمين المتطرف بينما هو لا يزال صغيرا نسبيا وقابلا للمعالجة"، مؤكدة أن "ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية لا يمكنها أن تسمح لنفسها بالتسلي بكراهية الأجانب، وميركل تعي هذا جيدا".
وقالت الصحيفة الإسرائيلية: "سيتعين على ميركل كمحافظة، أن تثبت أنها تحمي النظام الاجتماعي الذي يريده الألمان، وإذا لم تفعل ذلك، فسيدرك اليمين المتطرف كيف يستغل الثغرات".
من جانبه، رأى الكاتب الإسرائيلي آفي بريمور، أن خسارة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الانتخابات بألمانيا، هي بمثابة "عقاب الناخبين له على تعاونه الطويل جدا مع حزب ميركل الحاكم".
وأشار في مقال له بصحيفة "معاريف" العبرية، إلى أن ألمانيا اليوم تتساءل: "ما الذي أدى إلى هذه الخسائر؟ وكيف نجح حزب يميني عنصري متطرف، بالحصول على نحو 13 بالمئة من أصوات الناخبين؟ وما هي الإمكانيات لدى ميركل لتشكيل ائتلاف الآن؟".
موجة هجرة
وللإجابة على هذه التساؤلات فالأمر بسيط، وفق بريمور الذي أوضح أن "معظم ناخبي الحزب اليميني المتطرف لا يمثلون ميولا نازية (رغم وجود البعض)، وتصويتهم لـ"البديل لألمانيا" ليس سوى إعراب عن خيبة الأمل التي يعاني منها العالم الغربي كله كنتيجة للتحولات الفورية جدا في الحياة الاقتصاد الحديثين".
وبخلاف ما يطرح من ادعاءات، "فموجة هجرة اللاجئين السوريين إلى ألمانيا لم تلعب دورا مركزيا في الحملة الانتخابية، ولا عجب في ذلك، فقد تراجعت ألمانيا من ناحية ديمغرافية وهي بحاجة للهجرة كقوة عمل".
وبخصوص السؤال الثاني، أكد الكاتب أن "أمام ميركل مسألة قاسية تتمثل بتشكيل الائتلاف، وذلك بعد أن قرر شريكها لسنوات طويلة (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) عدم المشاركة والتفرغ لإعادة بناء نفسه من جديد في المعارضة".
ورأى أن الخيارات أمام ميركل "محدودة، وهناك لا يوجد سوى شريكين؛ الحزب الأخضر والحزب الليبرالي"، منوها إلى أن هذه التغييرات بالنسبة لإسرائيل ليس لها معنى خاص، إذ إن كل المرشحين للشراكة في الائتلاف هم عناصر مؤيدون لإسرائيل، حتى وان كانوا شديدي الانتقاد للاحتلال".
ولفت إلى أن "المشكلة أمام ميركل في تشكيل الائتلاف الجديد، تتمثل في عملية توحيد أوروبا، علما بأن الحزب الليبرالي، الذي سيصر على حقيبة المالية في الحكومة الجديدة وبدونه لن يكون لميركل أغلبية في الائتلاف، هو حزب محافظ متطرف في المجالات الاقتصادية الوطنية، وليس مهتما بعملية الوحدة الاقتصادية الأوروبية".