تناولت منظمة
العفو الدولية في تقرير لها، مجزرتي
رابعة والنهضة التي ارتكبهما الجيش
المصري في 14 آب/ أغسطس 2013، محذرة من أن مصر تشهد أزمة غير مسبوقة في مجال حقوق الإنسان.
وانتقدت "
أمنستي" في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، عدم محاسبة أي مسؤول متورط بمذبحتي رابعة العدوية والنهضة في القاهرة، رغم مرور أربع سنوات على فض قوات الأمن بعنف الاعتصامين.
وأشارت إلى أنه منذ الفض، ألقت السلطات القبض على المئات الذين شاركوا في الاحتجاجات، بمن فيهم من الصحفيين والمصورين الذين كانوا يغطون الأحداث، ويواجهون اليوم محاكمة جماهيرية غير عادلة.
وانتقدت فقدان العدالة في مصر، جراء عدم محاسبة قوات الأمن والمسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي قاموا بها، بما في ذلك استخدام القوة المميتة المفرطة لفض الاعتصامين، وتنفيذ حالات إخفاء قسري، دون أي قيود.
ونقل التقرير الحقوقي للمنظمة الذي نشرته على موقعها الإلكتروني، عن نجية بونيم، مديرة حملات شمال أفريقيا قولها: "إن نظام عبد الفتاح السيسي مصمم على القضاء على جميع ما يتصل بمذبحة صيف عام 2013".
وأضافت: "إن الإرث المظلم لهذا الفشل يتمثل في عدم تقديم أي شخص إلى العدالة".
الأمن يشعر بأنه لن يخضع للمساءلة
وحذرت نجية من أن قوات الأمن المصرية تشعر اليوم بأنها لن تخضع للمساءلة بعد ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقالت "ويمثل فض رابعة نقطة تحول حاسمة في التاريخ الحقوقي في مصر. ففي السنوات التي تلت الفض، زادت قوات الأمن من انتهاكاتها وتنوعت أساليبها، كزيادة حالات الإخفاء القسري وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، بشكل غير مسبوق، ولا مثيل له من قبل".
وقدرت المنظمة أن ما لا يقل عن 1700 شخص "اختفوا" منذ عام 2015، على يد الأمن لفترات تتراوح بين بضعة أيام، وسبعة أشهر.
ويختطف معظم الضحايا من الشوارع أو من بيوتهم، ويحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي لأشهر عدة، مقطوعين عن أسرهم ومحاميهم. ونفذت قوات الأمن المصرية عشرات عمليات الإعدام خارج القضاء، بحسب المنظمة الحقوقية.
واستذكرت أنه جرى في آب/ أغسطس 2013، عقب الاستخدام المفرط للقوة المميتة من قوات الأمن في رابعة، أن وافق مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي على تعليق تراخيص تصدير أي معدات يمكن استخدامها للقمع الداخلي لمصر.
وعلى الرغم من ذلك، واصلت العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تزويد مصر بمعدات الأسلحة.
ولم يحتوي التقرير الأخير للاتحاد الأوروبي الذي نشر الشهر الماضي، أي ذكر لمذبحة رابعة.
محاكمات غير عادلة
وقالت المنظمة، إنه منذ مجزرة رابعة، قامت السلطات المصرية بحملة قمع ضد المعارضين السياسيين، واعتقلت الآلاف، وحكمت على المئات منهم بالسجن مدى الحياة، أو الإعدام، بعد محاكمات غير عادلة.
وفي كثير من الحالات، أدين المتهمون في محاكمات جماعية، استنادا إلى أدلة ضئيلة أو مشكوك فيها.
وواجه معظمهم اتهامات بالمشاركة في احتجاجات غير مرخصة، وبأنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين التي حظرها النظام، بالإضرار بممتلكات الدولة والملكية الخاصة، وحيازة الأسلحة النارية، ومهاجمة قوات الأمن.
وقالت المنظمة أن الادعاء في مصر أثبت أنه غير راغب بالقيام بالتزامه بتقديم المسؤولين عن مأساة عام 2013 وتقديمهم إلى العدالة.
وأضافت أنهم يرفضون التحقيق مع المسؤولين عن هذه الجرائم، ومقاضاة مرتكبيها، وأنه "بدلا من توفير العدالة وسبل الانصاف للضحايا، ساعد القضاء المصري على حماية الجناة من الملاحقة القضائية".
وهاجمت المنظمة اعتقال السلطات للصحفي محمود أبو زيد، الذي اعتقل لأخذه صورا أثناء الاعتصام في رابعة.
ظروف احتجاز مروعة
وتحتجز السلطات العديد من المواطنين في ظروف مروعة، تشمل الحبس الانفرادي المطول الذي يصل إلى حد التعذيب.
وبحسب المنظمة، كثيرا ما يتعرض المعتقلون للضرب والحرمان من الوصول إلى المحامين، أو من الرعاية الطبية أو الزيارات الأسرية.
وفي حالة رمزية أخرى تعرف باسم "قضية مسجد فاتح"، هناك ما لا يقل عن 494 شخصا يتم محاكمتهم جماعيا لمشاركتهم في احتجاج في 16 آب/ أغسطس 2013، في حين لم تجر أي تحقيقات في استخدام القوة المميتة المفرطة من قوات الأمن في ذلك اليوم، الذي قتل فيه 120 متظاهرا على الأقل.
وتواجه المجموعة اتهامات بما في ذلك المشاركة في احتجاج غير مصرح به، وانتمائهم إلى مجموعة محظورة، فضلا عن تهم بالقتل والهجوم على قوات الأمن.
وأفادت المنظمة بأن الادعاء فشل في التحقيق مع المسؤولين في حالات التعذيب التي جرت على يد الشرطة لسحب "اعتراف" من المعتقلين بجرائم لم يرتكبوها.
و"قضية غرفة رابعة" التي تضم أربعة صحفيين من شبكة "رصد" الإخبارية -يوسف طلعت، وعبد الله الفخراني، وسامهي مصطفى، ومحمد العدلي- هي حالة أخرى تجسد الظلم الصارخ الذي يميز هذه المحاكمات في مصر.
وحكم على الصحفيين بالسجن لمدة خمس سنوات في 8 أيار/ مايو 2017، بعد إدانته بتهم تشمل إنشاء لجان الإعلام والإشراف عليها في اعتصام رابعة، لنشر "معلومات وأخبار كاذبة".
وخلال المحاكمة، لم يتمكن محاموهم من حضور جلسات حاسمة عدة، ما جعلهم غير قادرين على إعداد دفاع مناسب عن أنفسهم.
واعتمد حكم المحكمة في المقام الأول على التحقيقات التي أجرتها وكالة الأمن القومي في مصر، التي لم تثبت الأدلة المادية، بحسب ما ذكرته المنظمة.