نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحافية أليسا روبين، تقول فيه إن الاتهامات للشرطة الفرنسية بمضايقة المهاجرين برزت في
كالي في شمال
فرنسا، في تقرير يوم الأربعاء، الذي يفصل كيف يستخدم أفراد الشرطة رذاذ الفلفل بشكل يومي، بالإضافة إلى الحد من فرص وصول المهاجرين للمواد الغذائية، وهدمهم لخيم وملاجئ المهاجرين.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن عاملين في مجال حقوق الإنسان وحوالي 60 لاجئا، نصفهم تقريبا تحت سن الثامنة عشرة، تحدثوا لمنظمة "هيومان رايتس ووتش"، عن تدقيق يومي في وثائق الهوية، وتقليل للأوقات التي يسمح فيها لمنظمات الإغاثة بتوزيع الأطعمة على المهاجرين، والظروف غير الصحية الناتجة عن غياب المراحيض والماء، لافتا إلى أنهم اتهموا رجال الشرطة باستخدام رشاشات الفلفل الحار على اللاجئين، مصحوبة بأمرهم بالمغادرة.
وتنقل الكاتبة عن المستشار في قسم حقوق الأطفال في منظمة "هيومان رايتس ووتش" مايكل بوخينك، قوله: "ليس هناك مكان آخر يمكنني أن أفكر فيه، حيث وجدت هذا المدى من استخدام رشاشات الفلفل الحار على الناس وهم نائمون، خاصة على الأطفال النائمين".
وتلفت الصحيفة إلى أن تقرير "هيومان رايتس ووتش" وثّق العديد من الشكاوى حول معاملة المهاجرين، التي جاءت بعد هدم مخيم "الغابة" في منطقة كالي، حيث كان يعيش 6 إلى 10 آلاف مهاجر، كثير منهم من أفريقيا وأفغانستان وغيرها، وكانوا يعيشون وتحيط بهم القاذورات، وقد تم تفكيك المخيم في شهر تشرين الأول/أكتوبر، وتم نقل المهاجرين بالحافلات إلى أماكن أخرى في أنحاء فرنسا.
ويستدرك التقرير بأنه رغم الجهود لثني أولئك المهاجرين، فإنهم لا يزالون يسافرون بأعداد كبيرة إلى كالي، التي تقع على القنال الإنجليزي؛ أملا بأن يستطيعوا ركوب القطار أو شاحنة ذاهبة إلى بريطانيا بالرغم من تشديد الإجراءات، حيث يعد أولئك الذين يستطيعون العبور المحظوظين الذين ذهبوا ليعيشوا حياة أفضل، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي ينتظرون فيه الحصول على هذه الفرصة، فإنهم يعيشون في مجموعات صغيرة تحت الأشجار وتحت الجسور، حيث أصبح عددهم الآن ما بين 400 إلى 500 مهاجر في كالي، وربما يصل عددهم إلى أكثر من ذلك، بحسب ما قاله بوخينك.
وتقول روبين إن حكومة كالي، الحكومة المحلية التي تشرف على الشرطة، شككت في الصورة التي رسمها تقرير "هيومان رايتس ووتش" لها، وقالت بأن التهم بأن الشرطة تستخدم رشاشات الفلفل الحار بشكل منهجي وبكثرة فيها تشهير بالشرطة.
وتنقل الصحيفة عن المسؤول في ولاية كالي فابيان سودري، قوله: "تعمل الشرطة في كالي، كما تعمل في أنحاء أخرى في فرنسا، ضمن إطار قانوني، يسمح لها بالتدقيق في الهويات الشخصية، وبحسب تفويض النيابة العامة، فإن بإمكانها تفريق التجمعات، وفض الاجتماعات غير المصرح لها، كما يمكنها إزالة الأشخاص الموجودين في فرنسا بشكل غير قانوني"، ويضيف سودري أنه يسمح للشرطة بمنع المهاجرين من ركوب قطار يوروستار من كالي، حيث كانت هناك 17867 محاولة هذا العام إلى الآن.
وينوه التقرير إلى تأكيد سودري بأن مكتبه لم يتلق سوى ثلاث شكاوى حول تصرفات الشرطة منذ نهاية عام 2016، وأنه يشجع الناس الذين يعتقدون أنه تم انتهاك حقوقهم بالتقدم بشكاوى، لافتا إلى أنه نادرا ما يملك
المهاجرون الذين يعيشون في هذه الظروف الوسائل أو اللغة الضرورية للقيام بذلك، وهو ما يوحي بأن عدد الشكاوى الرسمية المقدمة لا يمكن الاعتماد عليه ليكون مؤشرا على حجم اعتداءات الشرطة.
وتشير الكاتبة إلى شكوى المهاجرين وعاملي الإغاثة بأن الشرطة في العادة تتخذ مواقف عدوانية من المهاجرين دون إثارة، لافتة إلى أن 57 مهاجرا من بين 61 قابلتهم منظمة "هيومان رايتس ووتش"، قالوا إنه تم استخدام رشاشات الفلفل الحار عليهم، و55 قالوا إنه تم رشهم بالفلفل الحار خلال الأسبوعين السابقين، وقال عاملو الإغاثة إن الأطفال بقوا يعانون من مشكلات في عيونهم في اليوم التالي لرشهم بالفلفل.
وتذكر الصحيفة أن شابا عمره 17 عاما، تم تعريفه باسم "مطيع"، وهو من شعب أورومو في إثيوبيا، قال لباحثي "هيومان رايتس ووتش": "كنت نائما في الصباح تحت الجسر، وجاءت عناصر الشرطة ورشونا بالفلفل على وجوهنا وشعورنا وعيوننا وملابسنا وأكياس النوم والطعام، وكان الناس نائمين في وقتها، ورشوا كل شيء".
ويورد التقرير نقلا عن بوخينك، قوله إن مصادرة الشرطة لأكياس النوم والملابس الزائدة، وتعطيل توزيع الطعام، هي إجراءات روتينية، خاصة في الليل، منوها إلى أن مدير منظمة "فرانس تيري دي آيل"، التي تساعد المهاجرين على تقديم أوراق اللجوء، بيير هنري، شجب هذه الإساءات، وقال: "لا شيء يبرر هذه المعاملة المهينة".
ويضيف هنري للصحيفة إن على الحكومة القيام بجهود منسقة للتعامل مع موجات المهاجرين، بدلا من الاعتماد على الشرطة، فهناك حاجة للمزيد من مراكز الاستقبال، التي يمكن للاجئين البقاء فيها والاستحمام والأكل في ظروف آمنة، وتقديم أوراق اللجوء، مشيرا إلى أن قرارا حكوميا بهذا الشأن كفيل بأن يوفر المزيد من المساكن للساعين للجوء، ويسرع في إجراءات اللجوء، بالإضافة إلى أنه يسرع أيضا في عملية طرد الأشخاص الذين لا تنطبق عليهم الشروط الفرنسية للجوء.
وتفيد روبين بأن مسؤول مكتب مراقبة حقوق الإنسان جاك توبورن، قال إن خطة الحكومة لم تذهب إلى البعد الكافي، واتفق مع هنري بأن على الحكومة فتح المزيد من مراكز الاستقبال للاجئين؛ لتسريع النظر في معاملات الآلاف الذين يصلون إلى فرنسا.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول هنري: "عندما تطلب من الشرطة أن تدير مشكلة الهجرة، ولا توفر لها الحلول الممكنة كلها للسماح للمهاجرين بالحصول على حقوقهم، تصبح لديك إشكاليات"، مضيفا أن الحل الوحيد في هذه الحالة، من وجهة نظر الشرطة، هو "تفريق المهاجرين".