تباينت تقديرات
خبراء فلسطينيين، حول جدية التوجهات الأردنية الرسمية حيال إقامة دولة فلسطينية، في الوقت الذي تشير فيه التقديرات
الإسرائيلية إلى أنه لا مصلحة للأردن في إقامة تلك الدولة.
شكوك كثيرة
ونقلت صحيفة "ميكور ريشون" اليمينية الإسرائيلية في تقرير لها، عن مسؤول إسرائيلي مكلف بالتواصل وإجراء لقاءات مع نظرائه الأردنيين تأكيده أن ملك الأردن عبد الله الثاني "لا يوجد لديه أية مصلحة في إقامة دولة فلسطينية، وهذه الدولة بالنسبة له، لن تجلب إلا المصائب".
وزعم المسؤول الإسرائيلي، أن "ملك الأردن يتظاهر بأنه يصطف إلى جانب الفلسطينيين، وفي هذا مصلحة له، لكن شكوكا كثيرة تحوم حول رغبته في إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية".
وأكد النائب الإسرائيلي موطي يوغيف، وهو عضو في لجنة الخارجية والأمن التابعة "للكنيست"، أن الأردن "يدفع ضريبة كلامية للفلسطينيين وهو غير معني بإقامة دولة لهم"، معتبرا أن تصريحات الأردن الرسمية المؤيدة للفلسطينيين هدفها "استرضاء الفلسطينيين المقيمين على أراضيه".
ووافق الخبير السياسي عبد الستار قاسم، القول بأنه "لا مصلحة للأردن في إقامة دولة فلسطينية"، موضحا أن هناك العديد من المؤشرات الواضحة التي تدل على ذلك؛ منها أن "الجيش الأردني يقف حارسا على أمن إسرائيل، ويمنع المقاومة من العمل".
وأضاف لـ"
عربي21"، "كما أن النظام الأردني لا يدعم بتاتا أي ضغوط على تل أبيب، من أجل إقامة دولة فلسطينية"، منوها إلى أن "الأردن منذ زمن بعيد يرى أن الفلسطينيين هم جزء من المملكة الأردنية الهاشمية، وعمان هي التي يجب أن تكون مسؤولة عن قضيتهم وليس منظمة التحرير الفلسطينية".
تغيير استراتيجي
وأوضح قاسم، أنه "مع الزمن انحصر دور الأردن في هذا المجال بسبب تأييد الفلسطينيين لمنظمة التحرير، لكن طموحه لم يوفق حتى الآن"، مضيفا أن "مجمل السياسيات واللقاءات الأردنية مع الإسرائيليين هي لقاءات تطبيعية لا تدفع باتجاه حل القضية الفلسطينية".
وتعتبر النسبة الأكبر من عدد سكان الأردن من الفلسطينيين، وفي حال قيام تلك الدولة في الضفة الغربية وقطاع غزة، تساءل قاسم: "هل سيؤثر هذا على ولاء وانتماء الفلسطينيين للأردن، ولمن سيكون ولاؤهم؟ للدولة الفلسطينية أم للأردن؟"، مرجحا حدوث "أزمة هوية جديدة في الأردن وهو ما سينتج حالة من عدم الاستقرار، وهذا ما لا يريده النظام الأردني ومعه إسرائيل وأمريكا".
وقال: "الجميع حريص على استقرار النظام الأردني لأنه يشكل منطقة عازلة لحماية إسرائيل، كما أن قيام دولة فلسطينية تشكل تغييرا استراتيجيا في المنطقة، وهذا ما لا يشجع الأردن، رغم أنها تتحدث في وسائل الإعلام عن دولة فلسطينية وعن حل الدولتين، لكن العمق الأردني مختلف تماما"، وفق قوله.
ورأى قاسم، أن إقامة دولة فلسطينية "من الممكن أن يشجع بعض الفلسطينيين في الأردن على تبني خيار المقاومة لمواصلة مقاومة الاحتلال، وفي ذات الوقت عمان لا تريد أن تغرق في صراعات مع إسرائيل بسبب مقاومة فلسطينية يمكن أن تنتعش"، لافتا إلى أن النظام الأردني "لا يتحمل التغييرات التي يمكن أن تحصل على النسيج السكاني في حال إقامة دولة فلسطينية".
خطة مشروع
من جانبه؛ رأى الخبير في الشأن الإسرائيلي، إبراهيم أبو جابر، أن ما يجري الحديث عنه في وسائل الإعلام الإسرائيلية بهذا الشأن، "يندرج ضمن خطة على ما يبدو أنها في طور الإعداد قد تطرح من قبل واشنطن كحل للقضية الفلسطينية، وهذا الأمر وصل إلى السلطة الفلسطينية".
وأوضح لـ"
عربي21"؛ أن "المعلومات التي وصلت لرئيس السلطة محمود عباس حول خطة المشروع، يفسر لنا سوء الفهم والتوتر الذي ساد اللقاء الذي جمعه بكوشنر"، حيث التقى عباس بجاريد كوشنر مندوب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبير مستشاريه برام الله في 21 حزيران/ يونيو الماضي.
ولفت أبو جابر، إلى أن "جوهر هذه الخطة، هو إقامة كونفدرالية أو فدرالية فلسطينية أردنية، تقضي بضم أو وضع الضفة الغربية تحت رقابة أردنية كحل للقضية الفلسطينية، وأما قطاع غزة فسيبحث له عن توليفة ما في علاقته مع مصر".
وأضاف: "التقارير الإسرائيلية، ترجح أن تعمل الخطة الأمريكية على حلحلة الأزمة الحالية في طور اتفاق سلام إقليمي يمكن العديد من الدول العربية والإسلامية من تطبيع علاقاتها مع إسرائيل"، مستبعدا موافقة السلطة الفلسطينية على المشروع الأمريكي الذي يجري الإعداد له.
وأكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن "الحديث الإسرائيلي حول عدم وجود مصلحة أردنية في إقامة دولة فلسطينية، يأتي في إطار التحضير لخطة أو مشروع ما سيعرض على الفلسطينيين، ولهذا السبب فإن إسرائيل تروج له على المستوى المحلي والإقليمي لمحاولة تمريره على السلطة الفلسطينية".
وتابع: "وكأن إسرائيل تقول بشكل أو بآخر، إن هناك مصلحة أردنية في الضفة الغربية المحتلة، وهذا الأمر يجري الإعداد له على طريق إقامة الكونفدرالية الفلسطينية الأردنية".