يعاد خليجيا إنعاشه وبث الحياة فيه من جديد، فهو خيار "محتمل ومتوقع" ليكون الرئيس اليميني المقبل بعد "تمهيد" الأرض والشعب له، وفيما تسببت نوايا والده الرئيس السابق ب"توريثه الحكم" في قيام ثورة شبابية ضده في البلاد، يخطط له حاليا من عاصم عربية لتحقيق حلم "الأب" قريبا.
يقود جنوده بشكل علني دون مواربة ضد قوات "التحالف العربي" بقيادة المملكة العربية السعودية، ويحرض أيضا على "التصدي للعدوان".
وهو أيضا ضمن الشخصيات
اليمنية التي فرضت الأمم المتحدة عقوبات عليها وسط انتقادات لمنحه ووالده الحصانة من الملاحقة القضائية بناء على "المبادرة الخليجية" التي أعلنت بعد الثورة الشبابية في اليمن ونصت أيضا على تنازل علي عبدالله صالح عن السلطة.
أحمد
علي عبد الله صالح، المولود عام 1972، أكبر أولاد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، حاصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد من الجامعة الأميركية بواشنطن عام 1995، وفي عام 1999 حصل على الماجستير في العلوم العسكرية من كلية القيادة والأركان بالمملكة الأردنية الهاشمية، وفي عام 2006 تخرج من كلية الحرب العليا (الأكاديمية العسكرية العليا).
ترقى سريعا في الرتب والسلك العسكري بحكم " صلة الرحم" حتى وصل إلى رتبة عميد ركن، وأصبح عضو مجلس النواب اليمني في عام 1997.
وسطع نجمه بعد توجه علي عبد الله صالح ( عندما كان رئيسا) لبناء وحدة عسكرية منافسة ومكافئة لقوات "الفرقة الأولى مدرع" في السبعينات هي "قوات الحرس الجمهوري" بقيادة علي صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق لصالح، وكانت مهمة "الحرس" تأمين دار الرئاسة وتنقلات الرئيس، وجرى توسيع وتطوير تلك القوات حتى أصبحت جيشا قائما بذاته لتشمل كافة مناطق اليمن.
وأنشئت وحدات جديدة تابعة لها أطلق عليها "الحرس الخاص"، وجمعت كلها تحت قيادة واحدة أسندها صالح إلى نجله أحمد بعد عزل علي صالح الأحمر من قيادتها في عام 2000 وبالإضافة لمناصبة المذكورة، أسند لأحمد علي قيادة "القوات الخاصة" ما بين عامي 1999 حتى 2012 والتي حظيت بدعم أميركي مباشر وقوي.
وما بين عامي 2004 و 2012 أصبح أحمد علي قائدا لـ"الحرس الجمهوري" بعد قرار إلغاء "الحرس" ودمج وحداته في تشكيلات الجيش المختلفة ضمن عملية هيكلة الجيش.
وكان علي عبد الله صالح يعتزم توريث نجله أحمد رئاسة الجمهورية.
وكان يعتقد أن تنحية علي صالح الأحمر الأخ غير الشقيق للرئيس اليمني من قيادة "الحرس الجمهوري"، وإسناد المهمة إلى أحمد جاءت ضمن التحضيرات الحثيثة التي يقوم بها صالح لتذليل الصعاب أمام نجله، وإفساح المجال أمام توليه السلطة بكل سهولة وانسيابية.
وقبل الثورة بدأت تظهر دعوات ومبادرات تطالب بترشيحه للحكم خليفة لوالده، وكان يعتقد أن هدف هذه المبادرات هو جس نبض اليمنيين ومعرفة مدى تقبلهم للفكرة، وذلك رغم نفي الوالد أكثر من مرة سعيه لتوريث السلطة لنجله الأكبر.
وعندما خرج المتظاهرون في ثورة الشباب اليمنية للتنديد بالبطالة والفساد الحكومي وعدد من التعديلات الدستورية التي كان ينوي علي عبد الله صالح تمريرها لتسهيل وصول نجله للرئاسة، مطلع عام 2011، رد صالح أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة، ولن يورث الحكم لابنه أحمد.
وفي كلمته أمام البرلمان قال صالح: "لا للتمديد، لا للتوريث، ولا لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء"، وتعهد صالح بعدم تسليم مقاليد الحكم لابنه أحمد بعد انتهاء فترة ولايته، وعن تجميد التعديلات الدستورية الأخيرة.
لكن قوات الأمن نفذت عدة هجمات على المظاهرات السلمية خلال ثورة الشباب اليمنية، ويسرت وقوع هجمات أخرى نفذت بواسطة عصابات مسلحة، وتعتبر "قوات الأمن المركزي" التي كان يقودها نجل شقيق صالح، العميد يحيى محمد عبد الله صالح، وأيضا قوات "الحرس الجمهوري" التي كان يقودها أحمد علي، أكثر الضالعين في الهجمات على المظاهرات السلمية في صنعاء ومختلف مناطق اليمن.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنها وثقت أدلة على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تورطت فيها القوات الخاضعة لقيادة أحمد علي خلال أحداث ثورة الشباب اليمنية، بما في ذلك الاعتداءات على المتظاهرين والقتل والاعتقال التعسفي والتعذيب وأعمال الإخفاء القسري، والتهديدات بالقتل أو الاغتصاب ووضعهم في الحجز الانفرادي لأسابيع أو شهور.
وبعد نجاح الثورة في تنحية صالح وعائلته بناء على المبادرة الخليجية ، قام الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي وصل للحكم في عام 2012 بعملية هيكلية للجيش اليمني وشرع بإقالة العديد من القادة العسكريين المرتبطين بعلي عبد الله صالح ونجله أحمد، وأيضا من قاموا بتأييد الثورة ضد علي صالح من القادة العسكريين.
وفي كانون الأول / ديسمبرعام 2012، وسط توترات بين وحدات "الحرس الجمهوري" والرئيس عبد ربه منصور هادي، رفض أحمد علي التخلي عن السيطرة عن ألوية الصواريخ وتسليمها إلى وزارة الدفاع، ورد هادي بإصدار مراسيم إعادة هيكلة الجيش اليمني إلى أربعة فروع رئيسية بما فيها القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية، وقوات حرس الحدود اليمنية، مما جعل مسألة قبول أحمد علي أو رفضه غير لازمه، وذلك في محاولة من جانب هادي إضعاف نفوذ النخبة السياسية والعسكرية في اليمن.
على الرغم من ذلك لا يزال أحمد صالح على ما يبدو جزءا من الجيش، ولكن غير واضح أين وماهو منصبه بالضبط. وفي محاولة من الرئيس هادي لعزل أحمد علي عن الجيش وإبعادة عن المؤسسة العسكرية أصدر قرارا في في نيسان /أبريل عام 2013 بتعيين أحمد علي سفيرا لدى الإمارات.
واعتبرت "هيومن رايتس ووتش" تعيين أحمد علي في منصب سفير، وهو الذي كان على صلة بالانتهاكات في ثورة الشباب، من شأنه أن يمنحه حصانة دبلوماسية تعيق محاكمته وهو يعد من بواعث القلق.
وما لبث هادي، وبعد عامين، أن أصدر قرار بتعيين فهد سعيد المنهالي سفيرا فوق العادة ومفوضا للجمهورية اليمنية لدى الامارات بدلا من أحمد علي.
لكن وبعد نحو خمس سنوات من استقالة علي عبد الله صالح لا يزال جزء كبير من الجيش موالي له، حيث يتمتع ونجله أحمد بحصانة من الملاحقة القضائية منحت لهم باتفاق المبادرة الخليجية مما سمح لهم باستغلال النفوذ الواسع في الكثير من قطاعات الجيش اليمني وقادته العسكريين، خاصة الألوية التي كانت تعرف ب"الحرس الجمهوري" ، لدعم انقلاب "
الحوثيين" ضد الرئيس هادي.
وقدر نفوذ صالح ونجله على الجيش بحوالي 70% من الجيش اليمني، ويعتبر صالح اللاعب الأهم في الصراع على السلطة بين "الحوثيين" وحكومة هادي، باعتباره من الحلفاء الرئيسيين لجماعة "الحوثيين" وأحد أهم القوى الدافعة في الصراع، وأتهمت الأمم المتحدة صالح بإثارة الفوضى في اليمن وفرضت الأمم المتحدة عقوبات ضده.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2014 فرض "مجلس الأمن الدولي" عقوبات ضد علي عبد الله صالح واثنين من كبار القادة العسكريين لـ"الحوثيين" لاتهامهم بتهديد السلام والاستقرار في اليمن، وتهدف العقوبات لوضعهم في قائمة المنع من السفر إضافة إلى تجميد أصولهم.
وقامت الولايات المتحدة بإجراءات مماثلة وتهدف العقوبات الأمريكية لمنع الشركات الأمريكية من التعامل معهم وتجميد أصولهم المالية إن وجدت في الولايات المتحدة.
كما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على عبد الملك الحوثي وأحمد علي عبد الله صالح، ونصت العقوبات على منعهم من السفر وتجميد الأصول المالية، وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الأمن رقم 2216.
ويشمل قرار مجلس الأمن حظر توريد الأسلحة والعتاد ووسائل النقل العسكرية، لعلي عبد الله صالح ونجله أحمد وعبد الملك الحوثي وعبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم، وكافة الأطراف التي تعمل لصالحهم أو تنفيذاً لتعليماتهم في اليمن.
وطالب القرار الدول المجاورة بتفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن في حال ورود اشتباه بوجود أسلحة فيها، وطالب "الحوثيين" بوقف القتال وسحب قواتهم من المناطق التي فرضوا سيطرتهم عليها بما في ذلك صنعاء.
وتحارب حاليا قوات "الحرس الجمهوري" جنبا إلى جنب مع "الحوثيين"، ضد قوات "التحالف العربي" الذي تقوده السعودية وضد القوات العسكرية ومسلحي "المقاومة الشعبية" الموالية للرئيس هادي في عدن والضالع وشبوة ومحافظات جنوب اليمن بالإضافة إلى مأرب وتعز، وتتعرض تلك الألوية لغارات جوية بين الحين والآخر من قبل دول "التحالف" خلال العمليات العسكرية ضد "الحوثيين".
وتشارك بعض الوحدات العسكرية " الحرس الجمهوري" و"قوات حرس الحدود" القتال مع "الحوثيين" في الاشتباكات الحدودية اليمنية السعودية ومحاولات استهداف المواقع العسكرية السعودية في منطقتي نجران وجيزان على الحدود مع السعودية.
وكان أحمد علي قد تعرض لمحاولة اغتيال عام 2004 على يد ضابط يدعى علي المراني أطلق عليه ثماني رصاصات مما أسفر عن إصابته ونقله إلى مستشفى مدينة الحسين الطبية بعمان لتلقى العلاج، لكن الحكومة اليمنية نفت صحة تلك الحادثة.
وفي أيار/ مايو عام 2015 دكت طائرات التحالف العربي منزل أحمد علي خلال العمليات العسكرية ضد "الحوثيين" والقوات المؤيدة لعلي عبد الله صالح.
ولا زال بالإضافة لوالده يتمتعون بحصانة من الملاحقة القضائية منحت لهم باتفاق المبادرة الخليجية مما سمح لهم باستغلال النفوذ الواسع في الكثير من قطاعات الجيش اليمني وقادته العسكريين وأحداث حالة في الفوضى في البلاد.
ويحظى أحمد علي برعاية من الإمارات التي يقيم فيها ويمارس دوره في الحرب اليمنية في الجبهة المعادية تماما ل" التحالف العربي"، محرضا وبشكل علني ضد الجيش السعودي.
وتسير في كواليس الأزمة اليمنية أخبار تقول بأن الإمارات طالبت بعودة أحمد على عبد الله صالح إلى اليمن، لأول مرة علنا ضمن صفقة تضمن إضعاف "الحوثيين" وتفكيك تحالفهم مع إيران.
وقال وزير الدولة الإماراتي أنور قرقاش:"اقترحنا على أصدقائنا في المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وروسيا إتاحة الفرصة لعودة السفير اليمني السابق في دولة الإمارات العربية المتحدة، أحمد علي عبد الله صالح، إلى بلاده من أجل القيام بدور أكثر فاعلية في هذا الموضوع".
وأشار قرقاش إلى أن الإمارات بالفعل قدمت مقترحا من أجل الحل، ويتلخص في إحداث انقلاب داخلي ضد جماعة الحوثي، لكن صالح يريد ضمانات، وهذه الضمانات ستكون قبل الخوض في غمار مواجهة "الحوثيين".
وكان مركز "ذا أتلانتك كاونسل" قد نشر تحليلا في أيار/ مايو الماضي، أشار فيه إلى جزء من "الصفقة" التي ستقدمها موسكو كخطة للحل، ويبدو أن أبوظبي أطلعت واشنطن عليها، تشير إلى عودة أحمد علي كوزير للدفاع في الحكومة اليمنية الانتقالية، في إشارة إلى قيادته جبهة عسكرية لمواجهة "الحوثيين" وسحب سلاحهم، مقابل خروج والده علي عبد الله صالح من البلاد.
لكن مكتب أحمد علي أصدر بيانا نفى فيه ما نشرته الصحف ووسائل الإعلام من معلومات تتحدث عن رفع الإمارات الإقامة الجبرية المفروضة عليه.
واعتبر المصدر المسؤول أن ما نشر "محض افتراء" و"كلام غير مسؤول"، الأمر الذي يؤكد أن نجل صالح لا يزال تحت الإقامة الجبرية في الإمارات، ولا صحة أيضا لانتقاله إلى دولة أوروبية.
ومع انطلاق "عاصفة الحزم" التي يقودها التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، أعلنت الإمارات أنها وضعت أحمد علي تحت الإقامة الجبرية. غير أنها رفعتها عنه جزئيا نهاية نيسان/أبريل الماضي، في إطار تقارب في المواقف بين الجانبين.
وكان صالح في حوار صحافي سابق، قد أكد أن نجله أحمد علي يقيم في الإمارات ولم يكن تحت الإقامة الجبرية، موضحا أن الإمارات تعرف ما هو المطلوب منه وهو أيضا يعرف ما هو المطلوب من الإمارات، بحسب قوله.
ويعتقد دبلوماسي يمني أن إعلان المجلس الانتقالي جنوبي اليمن في أيار/ مايو الماضي والمقرب من الإمارات جاء ضمن إطار الخطة المرسومة للحصول على هذا الحل بدفع مخاوف السعودية من تشظي اليمن ومصادرة جزء واسع من صلاحيات الرئيس اليمني.
وحصل هذا المجلس على دعم وتأييد الإمارات ذاتها التي قدمت خُطَّة إعادة نظام صالح إلى السلطة.
وتبدو ثمة سياسة مرسومة عربيا لمحو أية آثار لـ "الربيع العربي" وإعادة الأمور إلى وضعها السابق في جميع دول الربيع العربي (تونس، ليبيا، مصر، اليمن، وربما سوريا أيضا(.
فهل تنجح هذه السياسة في إعادة عقارب الساعة أو الزمن المتدحرج إلى الوراء؟!