بورتريه

يساري وقومي رحل وقلبه مع المقاومة وغزة (بورتريه)

شارك أبو أحمد فؤاد في معركة الكرامة في الأردن في عام 1968 التي تعتبر أول انتصار عربي على الاحتلال الصهيوني لفلسطين- عربي21
شارك أبو أحمد فؤاد في معركة الكرامة في الأردن في عام 1968 التي تعتبر أول انتصار عربي على الاحتلال الصهيوني لفلسطين- عربي21
أحد أبرز القادة العسكريين للثورة الفلسطينية على مدار تاريخها الطويل.

قائد وطني وقومي وتقدمي عربي، كان قائدا كبيرا واستثنائيا تمسك حتى لحظاته الأخيرة بالثوابت الوطنية والمبادئ التي دافع عنها، وفي مقدمتها المقاومة بجميع أشكالها حتى تحرير فلسطين.

كان يساريا أمميا ملتزما بقضايا الفقراء والمعذبين من أبناء شعبه والأمة العربية والعالم.

ولد داود مراغة الذي عرف باسم "أبي أحمد فؤاد" لعائلة مقدسية في بلدة سلوان شرقي القدس المحتلة عام 1942.

انتمى منذ شبابه المبكر لحركة القوميين العرب، حيث تبلورت مبادئه الثورية في مواجهة المشروع الصهيوني، وانخرط في نشاطاتها السياسية والعسكرية في الأردن وفلسطين.

وكان لاحقا من أوائل المؤسسين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في عام 1967، إلى جانب المؤسس الدكتور جورج حبش (حكيم الثورة) ورفاقهم الآخرين: مصطفى الزبيري (أبي علي مصطفى) ووديع حداد وأحمد اليماني وغسان كنفاني وعبد الرحيم ملوح ونايف حواتمة، الذي انشق لاحقا ليؤسس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وأحمد جبريل الذي انفصل لاحقا ليؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة.

اظهار أخبار متعلقة


وفي هذه المرحلة من حياته تحول إلى الفكر الماركسي على أثر هزيمة حزيران/ يونيو 1967، وخاض مسيرة نضالية حافلة تقلد خلالها مسؤوليات كبيرة داخل الجبهة وأنهى دورات عسكرية متقدمة في مصر وأوروبا الشرقية، وشارك في بناء القدرات العسكرية والتنظيمية للجبهة.

وشارك في معركة الكرامة في الأردن في عام 1968 التي تعتبر أول انتصار عربي على الاحتلال الصهيوني لفلسطين.

تولى قيادة القطاع الأوسط في الأردن في أواخر ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي، قبل أن ينتقل إلى لبنان عقب خروج الفدائيين من الأردن، حيث قاد العمليات العسكرية للجبهة في جنوب لبنان.

شارك في بناء قواعد عسكرية تابعة للجبهة في جنوب لبنان، وأصبح مسؤولها العسكري هناك، وقاد العمليات العسكرية لقواتها أثناء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان في عام 1978، كما أنه شهد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982.

غادر اللواء أبو أحمد فؤاد لبنان إلى سوريا وأقام في دمشق، واختير مسؤولا للدائرة السياسية في الجبهة الشعبية، ثم اختير نائبا لأمينها العام في عام 2013 خلفا للقيادي في الجبهة عبد الرحيم ملوح ليواصل دوره الوطني في تعزيز نهج المقاومة والوحدة الوطنية.

مثل الجبهة في العديد من جولات الحوار الوطني الفلسطيني، بما في ذلك حوارات المصالحة في القاهرة عامي 2017 و2021، وكان يعتبر أن "الوحدة على قاعدة المقاومة المسلحة هي السبيل الأنسب لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني".

وعلى وقع ما أطلق عليه "الاتفاقيات الإبراهيمية "، وصف ما يجري بأنه "ليس تطبيعا بل عبارة عن تحالف". وقال إن هذه المرحلة هي "مرحلة سقوط غالبية النظام العربي الرسمي"، وأضاف: "هذا الزمن يشهد على أن الجامعة العربية عادت لتكون مسؤولة عن تفتيت الدول العربية" وكان بذلك يشير إلى فشل الجامعة العربية في إدانة "اتفاقيات التطبيع" العربية، وذهاب بعض الدول العربية بشكل رسمي إلى مباركته.

اظهار أخبار متعلقة


كان يشدد باستمرار على أهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية في هذا الوقت؛ و"حتى نمنع أي اختراق فلا بد من وحدة حقيقية ضد المحتل والإمبريالية وكل أشكال الاستعمار والتطبيع"، بحسب قوله. رافضا أن تشارك الجبهة الشعبية في أي حكومة قائمة على أساس "اتفاق أوسلو"، محذرا من أن "أي حكومة لا تكون على أساس وثيقة الوفاق الوطني، وإلغاء أوسلو وسحب الاعتراف بالكيان، وإلغاء التنسيق الأمني، لن تقوم لها قائمة".

واتهم محمود عباس (أبا مازن) بأنه عطل الانتخابات من دون استشارة الفصائل، ومن دون اجتماع الأمناء العامين.

ورغم إصابة أبي أحمد فؤاد بالسرطان منذ نحو سنة، ورغم معاناته بسبب المرض في الأشهر الأخيرة فإنه ظل متابعا لتطورات المشهد الفلسطيني، ومنشغلا بمتابعة الحرب الوحشية على قطاع غزة.

ورغم الجرائم التي ارتكبها الاحتلال فإنه بقي مؤمنا بحتمية انتصار المقاومة، ورأى في صمود غزة وبسالة مقاومتها "دليلا على قدرة الجيل الفلسطيني الجديد على خلق معادلات جديدة تضع الاحتلال في مأزق وجودي".

وكان يشخص الوضع في الضفة الغربية بأنه "انتفاضة ثالثة على الأبواب"، بغض النظر عن من وصفهم بـ"المصابين بالإحباط والتردد"، وذلك شرط "توفير كل الإمكانيات والوحدة الوطنية".

رحل تاركا إرثا وطنيا ونضاليا دفع بجميع الفصائل الفلسطينية والقوى السياسية والمجتمع الفلسطيني إلى نعيه بكلمات مؤثرة.

وبوفاته، تغيب شخصية بارزة شهدت البدايات الأولى للكفاح الفلسطيني المعاصر، ليلتحق برفاق سابقين في الجبهة بدءا بجورج حبش، الذي تنحى عن قيادة الجبهة عام 2000، وتوفي عام 2008، ليخلفه أبو علي مصطفى الذي عاد إلى مناطق السلطة الفلسطينية بعد "اتفاق أوسلو"، واغتاله الاحتلال بصاروخ من مروحية في مكتبه برام الله عام 2001، ليخلفه أحمد سعدات الذي اعتقلته السلطة الفلسطينية بعد اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي الأسبق رحبعام زئيفي ردا على اغتيال أبي علي مصطفى، ثم اختطفه الاحتلال من سجون السلطة عام 2006، وما يزال أسيرا في سجونها بانتظار اكتمال صفقة التبادل.

ويصف ماهر الطاهر نائب الأمين العام للمؤتمر القومي العربي والقيادي البارز في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، صحة مراغة في الآونة الأخيرة بعد تدهورها، وقبل وفاته  بقوله: " جسد أبو أحمد في السرير لكن قلبه وعقله في غزة، والتي كان واثقا من انتصارها على حرب الإبادة".
التعليقات (0)

خبر عاجل