يستعد
النظام السوري لتسليم
إيران مناجم الفوسفات شرقي
حمص، بعد سيطرة الميليشيات التي يدعمها على منطقة خنيفيس والصوانة، 70 كم جنوب غربي تدمر، والتي تحتوي على أكبر مخزون من الفوسفات بمعدل 14 مليون طن تقريباً، وسيتم نقل الفوسفات من خنيفيس والصوانة عبر قطار يصل بين منطقة "صوامع شنشار" في حمص وبين ميناء طرطوس على البحر المتوسط.
وكان علي حمود وزير النقل في حكومة النظام السوري صرح مطلع شهر حزيران/ يونيو الجاري، أنه عمل طوال الفترة السابقة على إنشاء سكة الحديد ليعبرها القطار، وأن الوقت بات قريباً جداً لإيصال القطار إلى منطقة مناجم الفوسفات في حمص، مشيراً إلى أنه تم تجريب عبور القطار على السكة وقطع مسافة تقدر بـ 120 كم.
وجاءت تصريحات وزير النقل بعدما سيطرت ميليشيا النظام السوري المدعومة من إيران بشكل كامل على خنيفيس والصوانة في 25 أيار/ مايو الماضي، ضمن إطار عملية "الفجر الكبرى" التي أطلقتها للسيطرة على الصحراء الشرقية في سوريا، وكان التقدم باتجاه خنيفيس من محورين أول من جهة البصيرة في ريف حمص الجنوبي، وثانٍ من جهة السبع بيار في ريف دمشق الشمالي الشرقي، وتمت السيطرة على البلدة بالتقاء الميليشيات المتقدمة من الجهتين.
وأبرمت إيران في 16 كانون الثاني/ يناير من العام الجاري، اتفاقاً مع النظام السوري يقضي بتسلمها مناجم الفوسفات الشرقية في تدمر والتي تتركز في منطقة خنيفيس والصوانة، حتى تقوم بعمليات التنقيب عنها واستخراجها واستثمارها لمدة 50 عاماً. وحينما تم توقيع هذه الاتفاقية كانت معظم هذه المناطق خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة منذ أيار/ مايو 2015، فيما يبدو أن طهران كانت تضمن وصول الميليشيات التي تدعمها إلى مناجم الفوسفات وسط البادية السورية.
موقف المعارضة
بدوره، أكد "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" رفضه الكامل للاتفاق، الذي يعطي إيران الحق باستخراج واستثمار الفوسفات شرقي حمص، وقال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف محمد يحي مكتبي في حديث خاص لـ "
عربي21": إن إيران استغلت اتفاق تخفيف التصعيد لتفتح عملية عسكرية للسيطرة على المناطق التي باعها النظام السوري لها والتي تقع أصلاً تحت سيطرة تنظيم الدولة، ومنها مناجم الفوسفات.
وأكد أن مسؤولية ما وقع من اتفاقيات والتي منها السيطرة على مناجم الفوسفات، لا تقع على الشعب السوري، وأن المعارضة السورية تعتبرها احتلالاً مباشراً وبيعاً لثروات البلاد، مشيراً إلى أن المعارضة السورية طرحت هذا الموضوع على الجهات الدولية المعنية بالشأن السوري، وذلك منذ توقيع الاتفاقية التي ترتب على الشعب أعباءً لا دخل له بها.
ولن تلتزم المعارضة السورية بأي اتفاق أو عقود وقعها النظام السوري مع إيران، حيث يشدد مكتبي أن المعارضة السورية ستقوم بالضغط على جميع الدول ووضع هذا الموضوع على جدول أعمالها لتحديد موقف واضح من مثل هذا الأمر، خصوصاً وأن مفاوضات السلام السورية قد تذهب إلى سيناريو مناطق نفوذ بشكل مبدئي، وهذا يعني احتفاظ النظام بمناطق سيطرته واستمرار علاقة إيران بالمناطق الخاضعة له.
تنظيم الدولة لم يستثمر
ويلاحظ أن تنظيم الدولة انسحب من مناجم الفوسفات ومساحات واسعة شرقي حمص بشكل كامل دون قتال مع ميليشيا النظام السوري، بعد أن كان يسيطر عليها لمدة سنتين تقريباً، وغالباً يعود هذا الأمر لعدم استفادة التنظيم من هذه المناطق اقتصادياً وحتى عسكرياً.
ويقول فيليب شالمان الخبير الفرنسي والأستاذ في جامعة باري دوفين إن سيطرة التنظيم على مناجم الفوسفات لم يكن له سوى دلالة رمزية، فهو أصلاً لم يكن قادراً على الاستثمار أو بيع المواد الخام التي تستخدم في إنتاج الأسمدة، والتي يجب تحويلها أولاً إلى حمض فوسفوري ثم ثنائي فوسفات الأمونيوم الذي يدخل في تركيبة الأسمدة الزراعية، وهذه العملية مستحيلة من الناحية التقنية بالنسبة للتنظيم خلافاً للنفط الذي استطاع التنظيم استثماره، مضيفاً أن مواد الفوسفات الخام ليس لها سوق سوداء تسمح ببيع ما ينتج من المناجم.