مناورات روسية أمام سواحل ليبيا: هل هي بداية تدخل؟

تخطط روسيا لإجراء تجارب صاروخية حية في البحر الأبيض المتوسط قبالة، سواحل ليبيا، اعتبارا من 24 أيار/ مايو الجاري حتى 27 من نفس الشهر.

وأصدرت موسكو إشعارا إلى جهات الطيران؛ يحذر من "اختبار صاروخ" وشيك قبالة شاطئ ليبيا، بالقرب من الحدود المصرية، فيما تمتد المنطقة المعنية بالتجارب تقريبا إلى 150 ميلا غربا، بحسب تقارير صحفية.

وتتشابه هذه التدريبات البحرية والتجارب الصاروخية إلى حد كبير مع التجارب التي كانت تسبق الضربات التي كانت تنفذها روسيا ضد الفصائل السورية التي تقاتل نظام بشار الأسد، وهو ما أثار الحديث عن حول إمكانية تكرار موسكو نفس هذه الضربات في ليبيا، ومع من ستنسق؟ وهل ستتدخل فعليا لضرب مناوئي حفتر في الشرق الليبي تحت مسمى "محاربة الإرهاب"؟ وما موقف الإدارة الأمركية من ذلك؟

تحذير أمريكي

من جهتها، حذرت هيئة الطيران الفيدرالية الأمريكية الطائرات التي تمر في أجواء المنطقة؛ من أن سفنا حربية روسية تخطط لإجراء تجارب صاروخية حية، بحسب مجلة "نيوزويك" الأمريكية.

وأكدت المجلة أن روسيا ومنذ تدخلها في سوريا عام 2015، عززت بشكل دوري قدرات قوتها المنتشرة في البحر المتوسط بسفن مثل حاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف، وأن سيطرتها ميناء في مرفأ طرطوس السوري مكنها من تخزين السفن بشكل دائم في مياه البحر المتوسط".

من جهته، أكد وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الليبية السابقة، عبد الحميد النعمي، لـ"عربي21"، صعوبة "تنفيذ ضربات روسية داخل الأراضي الليبية حاليا، لعدم وجود أهداف مقبولة ومبررة لهذه الضربات".

وأوضح النعمي أن "التدريبات يمكن أن تتم في البحر، ولا تحتاج إلى ترتيب مع أحد، تحتاج فقط إبلاغ الجهات المعنية بالملاحة"، وفق قوله.

بروباجندا

ورأى الخبير الليبي في  شؤون التخطيط والتنمية، صلاح بوغرارة، أن "التهديدات والبيانات التي تصدر من روسيا هي نوع من المناوشة ولفت الانتباه والتحذير، لكن موضوع الضرب في الداخل الليبي، فلا أعتقد أن روسيا ستعلن عنه في حالة قررت ذلك"، حسب تعبيره.

وأوضح، لـ"عربي21"، أن "الملف الليبي لا زال في مرحلة التجاذبات الدولية"، مضيفا: "من المعلوم أن أمريكا وروسيا تتفقان علي مناطق نفوذ لكل منهما، وتتعهد كل دولة للأخرى، سرا، بعدم التدخل أو التقاطع معها في المناطق المتفق عليها، فالعمل العسكري شيء والبروباجندا الإعلامية شيء آخر".

وأكد بوغرارة أن اللواء خليفة حفتر "لن يستطيع التنسيق مع روسيا فقط، بل لا بد من التنسيق مع كل الدول التي لها مصالح في الشرق الأوسط وفي دول الربيع العربي".

وقال: "بعد زيارة ترامب للسعودية، سيتطلب الأمر أيضا التنسيق مع الرياض التي ستتزعم العمل العسكري في المنطقة، بأمر ودعم وتكليف من أمريكا وبفعل ما سيرسل لها من أسلحة ودعم استخباراتي"، وفق تقديره.

استغلال حفتر

المحلل السياسي الليبي، وليد ماضي، رأى من جانبه؛ أنه "إذا صحت هذه التدريبات البحرية، فهي على الأرجح ذات مغزى جيوسياسي".

وقال لـ"عربي21": "هي محاولة من روسيا للإعلان عن نفسها من جديد في مناطق متقدمة بالنسبة لمناطق نفوذها الاعتيادية، وكذلك رغبة منها في الاستفادة من علاقتها مع المشير حفتر، وعدم الرغبة في الخروج خالية الوفاض، خصوصاً بعد تحرّك الإدارة الأمريكية من جديد في المنطقة"، وفق تقديره.

وتابع: "بوتين يحاول جس النبض ورمي حجر في المياه الراكدة بالإعلان عن هذه المناورة، والتي قد تكون بداية لحرب باردة جديدة ترسّخ لعودة ثنائية الأقطاب"، كما قال لـ"عربي21".

في المقابل، استبعد الناشط السياسي من بنغازي، فرج فركاش، القيام بأي عمليات "استفزازبة" على الشواطئ الليبية في الوقت الحاضر، "خاصة مع الظروف الداخلية لترامب في أمريكا، واتهام حملته الانتخابية بالتواطؤ مع الروس".

وأضاف لـ"عربي21": "لا أعتقد أن روسيا من مصلتحها إضعاف موقف ترامب داخليا في هذا الوقت بالذات، تبقى المناورات مجرد تقارير صحفية وتكهنات ولن تحدث في الوقت الحالي"، وفق تقديره.