قضايا وآراء

في ذكرى النكبة.. مأساة متجددة وتخاذل مستمر

أحمد الشيبة النعيمي
1300x600
1300x600
تمر علينا اليوم الخامس عشر من مايو الذكرى التاسعة والستون لنكبة النكبات، نكبة الشعب العربي المسلم في فلسطين الحبيبة، ونكبة الأمة الإسلامية في مقدساتها وأراضيها، وهي ليست ذكرى عادية  ولا يصح أن تمر كأي ذكرى عابرة نبكي فيها على جراحات الماضي ويطويها النسيان، إنها ذكرى جراح مستمر ومأساة متجددة وجرائم عنصرية تتمدد كل يوم عبر مخططات جهنمية تسرق الأرض والتاريخ وتمارس التهجير القسري والتطهير العرقي وترتكب المجازر وتسرق الموارد الاقتصادية و جميع مقدرات الشعب الفلسطيني وتحاصر من سلموا من التهجير والتطهير العرقي وتفرض عليهم ظروفاً معيشية قاسية مع استمرار توسع المستوطنات واستباحة الدماء وتهديد المقدسات. 

إن المأساة التي حلت بالشعب العربي المسلم في فلسطين العزيزة ليست مأساة العرب والمسلمين فقط ، إنها مأساة إنسانية تعني كل إنسان حر وشريف بما فيذلك اليهود المناهضين للصهيونية والذين شارك بعضهم في مظاهرات في مدن أوربية هذا الأسبوع في ذكرى النكبة وطالبوا بإنهاء الاحتلال الصهيوني وإعادة اللاجئين.

إن إقرار الواقع الذي ترتب على جريمة النكبة التي شردت وأبادت أهل الأرض ودمرت قراهم وقتلت أكثر من 15 ألف في سبعين مجزرة ؛ إقرار للظلم والفساد وإهدار لجميع القيم الإنسانية.

وبناء على ذلك فإن إحياء ذكرى النكبة والعمل على مقاومة ما ترتب عليها من جنايات ومفاسد ومظالم  ليس مجرد واجب ديني أو قومي ولا يعني الشعب الفلسطيني أو العرب أو المسلمين فقط  لكنه واجب إنساني عظيم  وبدون معالجة هذه النكبة وما ترتب عليها من واقع باطل، ستظل البشرية في تاريخنا الراهن موسومة بلعنة السكوت والمساهمة في أقبح جرائم العصر الحديث.

أكثر من ستة مليون لاجئ فلسطيني يعيشون في مخيمات الشتات وملايين آخرين تحت الاحتلال يعانون من الإذلال والإقصاء والتمييز العنصري وما يزال المجتمع الدولي بين صامت ومشارك وها هي الإدارة الأمريكية الحديثة تشارك في تهويد القدس وتشريع الاستيطان في ظل صمت مريب من جميع الأنظمة العربية والإسلامية.

ومع تعاظم نكباتنا الداخلية اليوم على أيدي أنظمتنا نفسها فإن النكبة الأم التي تناسلت منها جميع النكبات هي نكبة الــ15 من أيار/ مايو 1948 م فمنذ أن تم زارعة هذا الخنجر الصهيوني المسموم في جسد الأمة أصبحت وظيفة الاستعمار الحديث رعاية هذا الكيان المشبوه وتأمينه ومحاربة وعرقلة جميع ثورات وحركات التغيير والإصلاح في المنطقة العربية ومن أجل تأمين هذا الكيان المشبوه تم إغراق المنطقة بالحروب الطائفية والأهلية و تأتي في هذا السياق محاولة إعادة تقسيم وتفتيت الدول العربية لفرض سايكس بيكو جديدة وما يحدث اليوم في ليبيا واليمن وسوريا والعراق وغيرها امتداد لهذه السياسات الدولية المريبة التي تعمل على خدمة المشروع الصهيوني العنصري.

ومن هنا ندرك أن النكبة كانت أصل الداء ولابد من تعميق الشعور بهذه المأساة واستنهاض الطاقات والجهود لمقاومة كل ما ترتب عليها من جرائم، ويجب أن  تظل ذكرى النكبة حية في نفوسنا ونفوس الأجيال القادمة حتى يعود الحق لأصحابه وتتطهر المقدسات ويقضي الله أمرا كان مفعولا.
0
التعليقات (0)