صحافة دولية

واشنطن بوست: عودة الملاهي المليئة بالأراجيل لشرق الموصل لشرق الموصل

ازدهار الملاهي في شرق الموصل بعد هزيمة تنظيم الدولة- واشنطن بوست
ازدهار الملاهي في شرق الموصل بعد هزيمة تنظيم الدولة- واشنطن بوست
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلتها لوفدي موريس، حول ازدهار الملاهي في شرق الموصل، بعد هزيمة تنظيم الدولة، تتحدث فيه عن غياب مؤشرات وجود حرب مستعرة في المدينة في قاعة "القبطان" للسنوكر، كما تغيب أي مؤشرات حول سيطرة تنظيم الدولة على المكان في بداية هذا العام. 

وتقول الكاتبة إن "المكان يشكل ملتقى لعشاق لعبتي السنوكر والبول، (وهي لعبة شبيهة بالسنوكر، لكن طاولتها أصغر، وقواعدها تختلف قليلا)، منذ تسعينيات القرن الماضي، والغرفة المليئة بالدخان برخامها الأبيض المائل للصفار، ويوحي بسحر بدأ يتلاشى، سحر ينعكس لدى الزبائن، الذين عادوا إلى الطاولات، بعد أن حرموا من تسليتهم المفضلة على مدة عامين".

وتضيف موريس: "بعد أن سيطر تنظيم الدولة على الموصل في صيف عام 2014، بوقت قصير، تم الحكم بأن لعبة السنوكر والبول من الأنشطة المحرمة، التي تلهي عن الجهاد، وأمر التنظيم بإغلاق القاعات".

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد خروج تنظيم الدولة من شرق المدينة، فإن قاعة "القبطان" وأكثر من عشر قاعات أخرى قامت بفتح أبوابها مرة ثانية للزبائن؛ محاولة إعادة الشعور بالحياة الطبيعية مرة أخرى إلى حياتهم، بالإضافة إلى أن النوادي الأخرى قامت بفتح أبوابها، مراهنة على رغبة السكان في ممارسة الهوايات التي حرمهم المتطرفون منها. 

وتنقل الصحيفة عن حكم لعبة السنوكر الدولي فارس العبدلي، قوله بعد أن أنهى لعبة: "نحن لا نسعى للفوز، بل نسعى للاستمتاع.. لقد عادت عجلة الحياة للدوران، لكن ببطء".

وتعلق الكاتبة قائلة إن "لا أحد يجفل بسبب أصوات الانفجارات البعيدة، التي يرتفع صوتها فوق صوت الموسيقى، التي منعت تحت حكم تنظيم الدولة، هي والسجائر والأرجيلة التي يطلبها الزبائن".

ويلفت التقرير إلى أن الموصل مقسمة إلى قسمين، حيث لا تزال القوات العراقية تخوض معركة ضد تنظيم الدولة على الجانب الآخر من نهر دجلة، الذي يقسم المدينة إلى نصفين، مشيرا إلى أنه بعد حرب دامت 7 أشهر، فإن المتطرفين أصبحوا محاصرين في عدد من المناطق، التي لا يزالون يسيطرون عليها، ومعهم مئات الآلاف من السكان العالقين دون غذاء، وتحت القصف اليومي.

وتذكر الصحيفة أنه منذ استعادة الجزء الشرقي من المدينة بالكامل في بدايات العام، فإن الحياة فيه عادت بالتدريج، وعاد الطلاب إلى المدارس، محاولين التعويض عما فاتهم من التعليم، وفتحت المحلات التجارية أبوابها، حيث تعرض الملابس الملونة التي منعت تحت حكم تنظيم الدولة.

وتستدرك موريس بأنه رغم ذلك، فإن قذائف الهاون لا تزال تطلق من الجانب الآخر من النهر لتهز السلام الهش، هي وبعض السيارات المفخخة، في الوقت الذي تصل فيه موجات جديدة من العائلات الهاربة من غرب الموصل، لافتة إلى أن السكان المكلومين يعلمون بأن المتطرفين ليسوا بعيدين.

وبحسب التقرير، فإن العبدلي كان قلقا عندما أعاد فتح صالته قبل شهرين، حيث أوقف حارسا على الباب؛ ليرصد إن كانت هناك أنشطة مريبة، مشيرا إلى أنه كان قلقا من استهداف ناديه بتفجير، ويقول: "كنت قلقا جدا، فلا نزال لا نثق تماما بالجيش"، حيث تذكر كيف هرب الجيش من المدينة في وجه هجوم تنظيم الدولة قبل ثلاث سنوات.

وتنوه الكاتبة إلى أن العبدلي قد عاد لتوه من تحكيم مباريات سنوكر في الإمارات، عندما احتل تنظيم الدولة الموصل، وقال إنه جادلهم عندما طلبوا منه إغلاق محله، فاعتقلوه 37 يوما كلها، ما عدا يومين، في زنزانة مظلمة وحده، ويقول إنه لا يزال يعاني نفسيا من ذلك.

ويقول العبدلي، البالغ من العمر 56 عاما، إنه تعلم لعب السنوكر في السبعينيات من العمال الكوريين، الذين كانوا يعملون مع والده، حيث كانت لديهم طاولة وعلموه اللعب.

ويشير التقرير إلى أن لعبة السنوكر والبول انتشرتا في الموصل في ثمانينيات القرن الماضي، خاصة بين الطلاب في المدينة الجامعية، وكانت هناك أكثر من 400 قاعة بول في المدينة قبل سيطرة تنظيم الدولة عليها، لافتا إلى أن العبدلي فتح قاعته "القبطان" عام 1997، حيث يعلق فيها مقود سفينة خشبيا على الجدار وكؤوسا نحاسية على رف على الجدار الآخر.

وتفيد الصحيفة بأن معاناة ملاك قاعات السنوكر بدأت قبل وصول تنظيم الدولة، عندما كان تنظيم القاعدة يطالبهم بدفع 200 دولار في الشهر "لكل قاعة"؛ لضمان سلامتها، ويقول العبدلي إنه كان منذ عام 2005 يدفع 200 دولار في الشهر لضمان سلامة قاعته، ويضيف: "لم يكن لدينا خيار.. فإن لم ندفع يتركوا قنبلة خارج القاعة".

وتقول موريس إن "الشكوى للسلطات العراقية التي اخترقها الفساد لا فائدة منها، والآن فإن هذه هي المرة الأولى، منذ عقد من الزمن، يستطيعون العمل دون دفع رشوة للمتطرفين، ويأمل أن تستمر هذه الحال، وتعود الحياة إلى مجاريها".

وتضيف الكاتبة: "لا يزال الناس يخشون الخروج ليلا، وكون هذه المنطقة لا تزال تخضع لمنع التجول ليلا، فإن هذا يعني أن الناس لا يستطيعون الخروج بعد الثامنة مساء، وتقع على الجانب الآخر من الشارع جامعة الموصل، التي كانت تعد في وقت ما من أكثر الجامعات شهرة في المنطقة، لكنها اليوم مجرد أنقاض، حيث تذكر بحجم المهمة القادمة في إعادة البناء". 

وبحسب التقرير، فإن الحكومة العراقية توقفت عن دفع مرتبات الموظفين الحكوميين في الموصل عام 2015، كجزء من وقفها تمويل تنظيم الدولة، ما ترك الكثير من المواطنين دون دخل لمدة عامين، مشيرا إلى أنه لم تتم إعادة الرواتب بعد، مع أن بعض الموظفين، مثل المدرسين، عادوا إلى وظائفهم في شرق المدينة.

ويقول العبدلي للصحيفة إن السكان يجدون صعوبة في تأمين لقمة العيش دون وجود دخل، ولا يستطيعون الذهاب إلى قاعات السنوكر، ومع ذلك فإن عددا من زبائنه عادوا إلى قاعته.

وتبين موريس أن الشباب يجتمعون في قاعة السنوكر، ويتبادلون القصص، بينما يلعبون، مشيرة إلى أن محمد إبراهيم، البالغ من العمر 16 عاما، ويقدم المشروبات في القاعة، قال إنه كان يبيع الدخان سرا، وإن تنظيم الدولة سجنه عندما أمسك به متلبسا، وأضاف أنه باع آخر باكيت دخان بـ32 ألف دينار عراقي، أي 25 دولارا، فيما ثمن الباكيت الآن 500 دينار.

وتورد الصحيفة نقلا عن محمد فتحي، أستاذ الرياضة البالغ من العمر 37 عاما، قوله إنه كان يجمع الشباب ويدربهم على لعب الكرة، وعرض فيديو لهم في نادي الكرة، وقال إنه كان يفعل ذلك ليبعدهم عن التطرف.

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالقول إن "أقرباء الكثير من هؤلاء الشباب لا يزالون عالقين في مناطق تنظيم الدولة على الجانب الآخر من النهر، حيث كان هناك القتال أشرس، ودمرت مناطق بكاملها، ما يجعل إعادة البناء تحديا أكبر".
التعليقات (0)

خبر عاجل