كتب حسام شاكر: أن تغرق غزة في البحر، كانت هي الأمنية الشهيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، لكنّ المسؤولين اللاحقين اهتدوا إلى خيار أيسر لتحقيق المطلوب، هو خنق غزة بسياسة الحصار المشدد..
كان من المفترض أن يأتي ضمن سرد عددي ضمن آلاف الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لكنّ الصحفي الفلسطيني محمد القيق سلك مسار المخاطرة الجسيمة الذي شقه أسرى وأسيرات من قبل، عبر خوض صراع الإرادات. خاض القيق معركة الإرادة عبر شهور ثلاثة، ثم انتصر.
رقعة راقدة على المتوسط، مكتظة باللاجئين، باتت بمن فيها سجنا مفتوحا اسمه قطاع غزة. تم افتعال الحصار وترسيخه عبر عقد كامل، وما كان لهذه السياسة الجسيمة أن تستمر لولا ضلوع أطراف متعددة فيها وتأمين غطاء إقليمي ودولي لتمريرها..
يبدو غريباً أن يملك بعضهم جرأة المطالبة بمراجعة الكتب المقدسة وفحص ما يأتي فيها، ولا يملكون في الوقت ذاته شجاعة المطالبة بمساءلة راسمي السياسات التي أشعلت الحرائق، أو مناقشة ما يقرره السادة الجالسون في المكاتب العلوية..
لم تظهر الرسمية الفلسطينية غاضبة في هذا الموسم، بل تبدو عاجزة ويائسة ومنهكة أكثر من أي وقت مضى، ولعل ما يشغلها هو احتواء أزمات داخلية تستدعي ترتيبات هيكلية في المواقع والمناصب ضمن مؤسسات محنّطة.
تحتاج فلسطين خطابا جديدا متحررا من لغة التصفيق والخضوع للمانحين الذين يدفعون الرواتب الرسمية الفلسطينية ذاتها، ومعها جحافل أجهزة الأمن المخصلة لوظيفة "التنسيق الأمني" مع أجهزة الاحتلال.
قبل سنة واحدة فقط؛ كانت نيران الجيش الإسرائيلي تواصل تنفيذ الأوامر العليا بإحراق الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة. كان بعضهم على الأرجح شبيهاً بعلي دوابشة، وقد تم الفتك بهم جميعاً دون الحاجة إلى أعواد ثقاب بدائية.
اكتسب اللثام رمزية فائقة في تجربة المقاومة الفلسطينية، رغم أنه عائق تواصلي في أصله. فاللثام الفلسطيني هو الكوفية المرقطة، التي تستجمع الأبيض مع الأسود أو الأحمر، فاستحالت بهذه الخصوصية رمزا مزدوجا لتراث فلسطين ولكفاح شعبها..
إنّ السلوك الرسمي الفلسطيني على منصة "الفيفا" هو خذلان للشعب الفلسطيني وحركته الرياضية، وصفعة للجهود المدنية لعزل الاحتلال ومحاصرته حول العالم أيضاً. وفي محصلة هذا النهج أنه يعيق مسيرة الاستقلال الفلسطيني، ويمنح نظام الاحتلال ومؤسساته حصانة من العقاب..
تفاعلات المقاومة والتحرر تثير تساؤلات جوهرية تفرضها اللحظة التاريخية الراهنة عن دور فلسطينيي الخارج في نطاقاتهم العربية وشتاتهم العالمي، وهو دور لا يمكن صرف الأنظار بعيداً عنه، خاصة وأنهم يمثلون ثلثي الشعب..
من حيفا انطلقت المسيرة الراجلة حتى بلغت مقصدها في القدس، لتكشف في الذكرى السابعة والستين للنكبة عن أحد التطوّرات الكبرى التي تتخلل المشهد الفلسطيني الراهن. إنهم فلسطينيو 48، الذين يستكشفون من داخل الداخل خريطة الطريق للعبور إلى صميم المشهد الفلسطيني، دون مفارقة المكان.
شكّل اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه ودياره مأساة عظيمة بكل المقاييس، امتدت تفاعلاتها إلى الاستهداف المباشر للذاكرة التاريخية الفلسطينية، ومحاولة انتزاع فلسطين وهويتها من الوعي الجمعي للأجيال التالية من شعبها، وتغييب إدراك فلسطين وقضيتها عن الوعي الإنساني.
يمثل الشتات الفلسطيني في أوروبا جزءاً من الشعب الفلسطيني ككل، وهي حقيقة تتضح أيضاً لدى رصد نموّ التيارات والاتجاهات الفكرية والسياسية في صفوفه أو اضمحلالها. ولا ينفي ذلك الخصوصية النسبية التي اختصّ بها فلسطينيو أوروبا في ما يتعلّق بنموّ الاتجاهات والتيّارات عبر المراحل..
ليس مبالغةً الزعمُ بأنّ الهجمة على الوعي العالمي بخصوص فلسطين، سبقت الهجمة المباشرة على فلسطين ذاتها. فالحملة الصهيونية استبقتها ذرائع منسوجة بعناية، أمّا طلائع المستعمرين فبحثت عن اللبن والعسل تحت لافتات دعائية صيغت مضامينها في حواضر أوروبية.
كانت مساندة فلسطين من شواغل الشعوب العربية والمسلمة منذ أن أدركت حقائق الصراع على هذه الرقعة المركزية. وقد جرى التعبير عن ذلك ابتداء بقوافل المتطوِّعين للقتال، من المشرق العربي ومغربه..