الانفصاليون لا يهددون بتقويض السلطة الشرعية فقط، بل إنهم يجرون الجنوب المثخن بالجراح والأحقاد التاريخية إلى مواجهات مناطقية جديدة؛ ربما تكون أكثر دموية من سابقاتها ونموذجها الأسوأ المتمثلة في أحداث الثالث عشر من كانون الثاني/ يناير 1987
تقترح المواجهة التي تقودها أبو ظبي؛ مساراً جديداً للحسم السياسي والعسكري في البلاد، أداته الأساسية قوات لا تشرف عليها السلطة الشرعية، وغايته النهائية إعادة إنتاج سلطة صالح المنهارة
?الجرائم التي ترتكب تحت مظلة التحالف في اليمن لا تنقصها الأدلة، لكن علينا أن نفرق بين الممارسات والجرائم الممنهجة التي ترتكبها أبو ظبي؛ وتلك التي تحدث على هامش الحرب، وغالباً ما تسجل على نشاط طيران التحالف العربي الذي يمثل سلاح الجو السعودي العنصر الفعال والأكثر تأثيراً فيه
ليس هناك معركة أخطر على أمن المملكة العربية السعودية من تلك التي تدور على حدودها الجنوبية، متصلة بالمعارك التي تحرق معظم الجغرافيا اليمنية، مخلفة وراءاها مآسي لا حصر لها
الحرب تتحول بالفعل إلى ما يشبه العبث، بالنظر إلى استمرار التناقض الظاهر بين أهداف الحرب المعلنة للتحالف؛ وتلك التي تصاغ في غرف مظلمة وفق هوى دولتي التحالف الرئيسيتين: السعودية والإمارات
ما يقلقنا حقاً هو أن السعودية تتجه إلى الغرق في مستنقع اليمن الخطير؛ الذي تضيف إليه كل يوم المزيد من الوحل عبر الترتيبات التي لا تخدم المعركة واضحة الأهداف
يتصرف التحالف كحليف سيئ وغادر، وصاحب أجندة غير واضحة، وهو أمر أثقل كاهل السلطة الشرعية وزادها ضعفاً، في الوقت الذي تزداد فيه قوة الانقلابيين ونفوذهم، وتزداد معها تعقيدات الخلاص من التركة الثقيلة للأزمة اليمنية على الشعب اليمني والتحالف، والمنطقة بشكل عام
الانهيار الدراماتيكي لعلاقة الشراكة المثيرة للجدل بين طرفي الانقلاب في اليمن: الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ومليشيا الحوثي، أدخل صنعاء في مأزق خطير للغاية
لا يبدو أن الحرب الدائرة في اليمن التي تشارك فيها السعودية والإمارات بشكل واسع؛ ستنتهي إلى هزيمة ما يجري وصفهم اليوم بأنهم أدوات إيران في هذا البلد المنكوب
حينما يتحول التحالف إلى مجرد سلوك متعجرف وإملاءات فوقية، كما يحدث الآن، فإن الكرامة اليمنية لن تحتمل أكثر ما قد تحملت، وحينها ستتولد ارتدادات خطيرة على التحالف داخل الساحة اليمنية وسيرون جحيماً.
يحاول البعض أن يقلل من تأثير العامل اليمني في تفاقم الأزمة الخليجية إلى الحد الذي بلغته هذه الأزمة من المواجهة والحصار والتهديد الوجودي لواحدة من أكثر دول المنطقة استقراراً ورفاهية وجودة حياة وأعني بها دولة قطر.
يبدو أن أبو ظبي بدعم من الرياض تمضي دون أي اكتراث في خطتها لتفكيك اليمن، عبر تكريس سلطة موازية في المحافظات الجنوبية، تحت مسمى المجلس الانتقالي، والتشكيلات العسكرية التي دربتها تحت مسميات: الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية.