كانوا يعرفون أنهم يغامرون، ومع ذلك خرجوا يهتفون بسقوط حكم العسكر.. وكان يعرف أنه حتماً سيُعتقل، ومع ذلك وقف في ميدان التحرير وحده يرفع لافتة بسقوط الحكم العسكري، فلا تزال الثورة قائمة، ولا يزال الكفاح دوار!
هل يحتاج عبد الفتاح السيسي إلى ورقة، مجرد ورقة، من المعتقلين من الإخوان داخل السجون، لكي يفرج عنهم؟ وهل يكفي أن يعلن الإخوان تنازلهم عن مطالبهم وأنه لا رغبة لهم في الحكم، حتى تنتهي الأزمة، ويُسمح لمن بالخارج بالعودة، ولمن في السجون بالخروج؟!
الدعاية المضادة، تدور حول أنه قد يعدل عبد الفتاح السيسي الدستور لمن سيأتي بعده، ولن يستفيد هو منه، تماماً كما فعلها السادات، الذي عدل الدستور لتكون فترة الرئاسة مفتوحة بدلاً من دورتين، فلم يكمل دورته الثانية، واستفاد من هذا النص مبارك، الذي لم يكن له في العير ولا في النفير!
يبدو أن الحاكم العسكري، لم يعد راغباً في تقديم هذا الفتات المسمى "امتيازات"، وإذا كانت الأنظمة تفعل هذا لنجاح مرشحها، ولضمان ولاء النقابة لها، فإن السيسي بسياسة "لا انتخابات"، أو الانتخابات الصورية، سيتمكن مما يريد بنجاح مرشحه، بدون أي مخاطرة
كان الجنرال الباكستاني ضياء الحق يخطط للبقاء في السلطة طويلاً، لكنه في ذروة التخطيط مات، وكتب الراحل "خالد محمد خالد" مقالاً مؤثراً عنوانه: وقال إني باق هنا.. وقالت الأقدار بل هناك"!
فمن الأخطاء الشائعة التي عملت الدعاية العسكرية على تمريرها والترويج لها؛ أن مصر واقعة تحت حكم العسكر، وهي الدعاية التي جعلت من عودتهم للحكم بعد الانقلاب، كما لو كان عودة للشيء لأصله، وأن الحكم المدني كان ضيفاً على مؤسسة الرئاسة، ليصبح من الطبيعي عزله، فالضيف يعامل بقاعدة: "يا بخت من زار وخفف"
لقد تردد بشكل تلقائي عقب الحكم بسجن الناشط "أحمد دومة" أن الإخوان يمارسون عادتهم في الشماتة، وقد طلبت من المرددين لذلك أن يذكروا من يعرفونه من الإخوان الشامتين، لكنهم لم يفعلوا، ولعلهم فوجئوا بالسؤال، فكل الأسماء المعروفة والوهمية تنتمي لهذا التشكيل العصابي
في السنوات الأخيرة من حكم السادات كان من المستحيل السير دون سماع صوته الجهوري.. فإذا ارتقيت إحدى سيارات الأجرة الجماعية، فستجد السائق يستمع لإحدى خطب الشيخ كشك على جهاز الكاسيت الموجود بالسيارة، وإذا توقفت لتناول عصير الفاكهة على ناصية أحد الشوارع
عندما أجريت حواري مع الشيخ عبد الحميد كشك، كان الدكتور فرج فودة قد اغتيل حديثاً، وكان طبيعياً أن أساله عن رأيه في عملية الاغتيال، ولا أنكر أن هذا الرأي مثل لي مفاجأة، وبدا لي أنه يخالف المعروف عن الرجل، كخطيب مهيج، وإمام ثائر!