في مطلع عام 2021 غادر دونالد ترامب البيت الأبيض، بعد أن قضى فيه أربع سنوات عاصفة، كرئيس لأقوى دولة في العالم، دون أن يكون في سجله إنجاز يدعو إلى التباهي، وصار ترامب منبوذا بعد فوز غريمه جو بايدن بالرئاسة، بينما كان هو (ترامب) يحلم بولاية ثانية، وذلك بعد أن حرك مسانديه لاجتياح مبنى الكابيتول في كانون الثاني/ يناير من عام 2021 للاحتجاج على تزوير مزعوم للانتخابات..
رغم أن حمالة الحطب "هاريس" نائبة الرئيس حاليا، في إدارة ضخت إلى إسرائيل أسلحة بقيمة تناهز الـ14 مليار دولار خلال عام واحد، إلا أن أبا لهب التاريخي والأمريكي (ترامب) أكثر ضلالا وعدوانية، فمع بداية الحرب الإسرائيلية على غزة دعا ترامب إلى محو حركة حماس (يعني غزة) من الوجود..
في 7 أيلول سبتمبر من العام الجاري، كتبت هنا مقالا عن عوار الإعلام الفلسطيني الرسمي، قلت فيه إن "مختلف التنظيمات الفلسطينية أهملت أمر "العلاقات العامة"، التي يُعرِّفها قاموس أوكسفورد على أنها الفن القائم على أسس علمية، لبحث أنسب طرق التعامل الناجحة المتبادلة بين كل منظمة وجمهورها الداخلي والخارجي لتحقيق أهدافها..
يقول ميثاق الأمم المتحدة: نحن شعوب الأمم المتحدة، آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، التي، في خلال جيل واحد، جلبت على الإنسانية مرتين، أحزاناً يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان، وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء، والأمم كبيرها وصغيرها، من حقوق متساوية..
لا يثير دهشتي أن رجلا مثل دونالد ترامب، ذا سجل جنائي طويل وعريض، ومدانا قضائيا، وأثبتت الوقائع أن في جمجمته قليلا جدا من المادة الرمادية، يصبح رئيسا لأقوى دولة اقتصاديا وعسكريا في العالم، ويبقى في منصبه أربع سنوات، دون أن يترك بصمة إيجابية في سجله الشخصي أو سجل بلاده..
كل الحروب كارثية النتائج حتى على الطرف المنتصر، ولكن حرب السودان الحالية من أكبر الحروب كارثية على مدار التاريخ القديم والمدون، فبشهادة منظمات الأمم المتحدة لم يعرف التاريخ نزوحا داخليا وخارجيا كالذي حدث في السودان خلال أشهر الحرب الـ 17، فقد نزح داخليا أكثر من عشرة ملايين شخص..
تحظى مجلة فورين بوليسي (السياسة الخارجية) باهتمام واحترام الحكومات الأمريكية المتعاقبة، وخلال الشهور الأخيرة نشرت المجلة مقالات محكمة السبك والحبك لأساتذة كبار في جامعات كبيرة مثل ييل وهارفارد وبرينستون، وعلى رأسهم بروفسور جون ميرشايمر، الذي ظل يردد بالقلم وبالصوت عبر شاشات التلفزة أن إسرائيل لن تستطيع أن تحقق أهدافها المعلنة من حربها على غزة..
بمجرد افتضاح تسللها إلى سوق الطعام، وبعد أن جنت المليارات انسحبت شركات التبغ من ذلك السوق، ولكنها تركته ملغوما، وهكذا ارتبطت الكثير من الأكلات التي تبيعها المطاعم الكبرى بتفشي السمنة وما ينشأ عنها من علل قاتلة أو مُقْعِدة..
من يستمع إلى ترامب وهو يزكي نفسه لمنصب الرئيس، يحسب أنه ينافس على دور في فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني: أنا ذكي، ووسيم، ولي معجبون ومعجبات بالملايين، وزوجتي ميلانيا أجمل بكثير من كمالا هاريس، التي ظهرت على غلاف مجلة تايم بملامح تشبه ميلانيا..
كانت ضربة البداية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية معتلة ومختلة، وكان هناك الرئيس الحالي جو بايدن على تذكرة الحزب الديمقراطي، ولكن كلماته وحركاته وسكناته أثبتت أن كهرباء دماغه مضطربة، وأنه لا يملك فضيلة التواضع التي تحلى بها الجاهلي الأمي زهير بن ابي سلمى..
بحكم أن جيشها هو الأقوى في الشرق الأوسط، وبحكم أنها مدعومة عسكريا واقتصاديا من الولايات المتحدة، وبحكم أنها انتصرت في حروب 1948 و1967 و1973، ثم أسكتت بنادق حزب الله اللبناني في عام 2006، فقد افترضت إسرائيل أن حربها على غزة ستكون نزهة قصيرة..
عبد الفتاح البرهان هو رئيس الدولة السودانية، والقائد العام للجيش السوداني منذ نيسان/ أبريل من عام 2019، وطوال السنوات الخمس الماضية، ظل السودان "يقوم من نقرة يقع في دحديرة"، كما يقول المثل المصري، عمن ينهض من كبوة ليقع في كبوة أفدح..
جعفر عباس يكتب: هناك حرب "على" أوكرانيا شنتها روسيا، وهناك حرب "على" غزة شنتها إسرائيل، بينما هناك حرب "في" السودان، وليس "على" السودان يشنها طرف خارجي، ولهذا يصبح مفهوما لماذا يرابط الصحفيون الغربيون في أوكرانيا، ولماذا تستأثر الحرب على غزة بكل هذا الاهتمام الإعلامي.
جعفر عباس يكتب: يعيش السودانيون في حالة من الارتباك العقلي والعاطفي؛ جيشنا الوطني عاجز عن دحر كيان يسميه مليشيا، وقادة ما يسمى بالمليشيا يعدون الشعب بأنهم بعد دحر الجيش سيقيمون حكما مدنيا خالصا، والإسلاميون الذين انتهى سلطانهم الذي دام ثلاثين سنة، يريدون للحرب أن تستمر بأي ثمن حتى يتم القضاء على قوات الدعم السريع التي خانتهم، وقد أنشؤوها ورعوها، ولكن مجريات الحرب جعلتهم يتشككون في كفاءة البرهان كقائد عسكري، بل منهم من يرى أنه متواطئ مع الدعم السريع.
الشاهد هو أن شعوبا، وعلى وجه التحديد شباب الدول التي ظلت تناصر إسرائيل في المَكْرَه والمَكْرَه، خرجوا على بيت طاعة حكوماتهم، وصاروا أكثر وعيا بأبعاد وجوهر القضية الفلسطينية، والشباب هم غدُ ومستقبل بلادهم، ومن ثم فمستقبل فلسطين واعد، ومهر الدم الذي تقدمه غزة، سيقود حتما إلى العرس الكبير، في فلسطين الغد..
يتضح أن كندا شأنها شأن جارتها الجنوبية الولايات المتحدة كيان أنشأه مستوطنون أوروبيون، أشبعوا السكان الأصليين قتلا وتشريدا، وبهذا فإن البلدين هما أول نموذج للاستعمار الاستيطاني في التاريخ القريب، ولا عجب من ثم، في أن كليهما يساند إسرائيل في سياسات البطش بسكان فلسطين الأصليين..