استعان سعيد بثلاثة من خبراء القانون الدستوري، هم الصادق بلعيد ومحمد صالح بن عيسى وأمين محفوظ، وبحث معهم جملة من القضايا المتعلقة بالجوانب القانونية والسياسية، وتصور جملة من الحلول القانونية للمرحلة القادمة تقطع بصفة نهائية مع ما عاشه التونسيون بالفترات السابقة. والثلاثة معروفون بولائهم للنظام القديم
أمثال المرزوقي يبعثون الأمل في نفوس التونسيين، وهم قادرون على إحداث ثورة فكر ووعي من شأنها أن تغير الواقع المر الذي نعيشه اليوم على وقع الفقر والغلاء والتهميش وانعدام الثقة برئيس مشوه الفكر، مرتبك الخطى.
إن الدولة التونسية اليوم بحاجة إلى جيشها الوطني الذي أثبت طيلة أحد عشر عاما أنه حامي الوطن، ورافعته الحقيقية نحو الحرية والديمقراطية. وقد آن أن ينقذ البلاد من هذا الرجل المهووس بالسلطة على حساب الشرعية وعلى حساب المواطن المغلوب على أمره.
لا أدري إن كان قيس سعيد يحس بأنه كان السبب المباشر والأداة الفاعلة في قتل آخر معاقل الديمقراطية في الوطن العربي أم لا؟ وهل شخصيته وثقافته ووعيه المفترض قادرة على استيعاب أن التاريخ سيكتب عنه بحروف من عار قصة وأد الحرية والديمقراطية وتكميم الأفواه وإفقار الشعب؟ أم إنه لا يفكر في هذا، ويرى نفسه إلها..
لا يفكر قيس سعيد بإعادة الديمقراطية لتونس مطلقا؛ فهو يعرف بأنها ستخرجه من الحكم، وستحاكمه وتلفظه خارج التاريخ بوصفه مارقا منه ومعتديا عليه؛ ذلك أنه هدم المؤسسات الديمقراطية الناشئة بلا هوادة، من دون خطة مقنعة، أو برنامج واضح، ولا نيّة مخلصة لإعادة الدولة إلى مربع الحرية والعدالة.
حنثت بالقسم، وجوع الشعب، وأضاع الأمانة، وخذل من وثقوا به ومنحوه أصواتهم، بما يدفعنا لسؤاله: إلى أين أنت ذاهب بنا؟ وماذا الذي ننتظره؟ وماذا ستفعل غدا؟ وهل أقنعتك مخرجات الاستشارة الإلكترونية بأنك فاشل وأنك أضعت وطنا عزيزا أم ليس بعد؟!
منذ انقلابه الأسود حتى اليوم والأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، والمشهد السياسي القائم يبدو سورياليا بامتياز، حيث يحار المراقب في فهم ما كان، أو تخمين ما سيكون. والثورة قادمة بالضرورة
أخشى على تونس الخضراء أن تستحيل حمراء في ظل هذا الحاكم الذي يقول عكس ما يفعل، ويكذب كما يتنفس، ويعمل على هدم هيبة القانون عكس ما يدعي تماما؛ فأي قانون هو ذلك الذي يحيل المدنيين على المحاكم العسكرية؟ أهذا هو ما يدعيه قيس سعيد عن العدالة ودولة القانون؟!!
قيس سعيد لن يعمر طويلا، فهو يمضي في نفق معتم متعرج غامض لا يؤدي إلى ضوء، لأن بلوغ نهايته بات مستحيلا في ظل اعوجاج المسار، وحلكة الليل، وصراخ الجوعى والمساكين، وإحكام القبضة على مقدرات الشعب وإنجازات ثورته. والسقوط هو النتيجة الحتمية والمآل الأخير.
بينما يمضي قيس سعيد في طريق اللاعودة المليء بالأشواك بكثير من اللامبالاة بالأصوات المحذرة والناصحة والناقمة. إنه يواصل الطريق إلى جهنم.. ذلك الطريق المحفوف بالأخطار والمكاره والنهاية المريرة..!!
هدف أحمق ليس موجودا إلا في دماغه وأدمغة من يملون عليه إجراءاته، التي لا تنسجم مع تونس الثورة وتونس الأدمغة الفكرية والسياسية والثقافية، التي تنتظم المشهد الوطني بكثير من الفاعلية والدينامكية والوعي.
يريد أن يلعب على عواطف التونسيين المتعاطفين مع شكري بالعيد ليمرر من خلالهم إجراءه الاعتباطي القاضي بحل المجلس الأعلى للقضـاء الذي تستر على قتلة الأخير - على حد زعمه - وهو إجراء خبيث وكيدي يؤكد سوء نواياه، ويكشف عن التناقض والخلل في إجراءاته الأحادية التي تقع ضمن دائرة الانقلاب الأسود
ما حدث في القصر يؤكد بأن قيس سعيد لا يختلف كثيرا عن الباجي قايد السبسي وابن علي في السماح للعائلة بالتدخل في مفاصل الحكم في كل صغيرة وكبيرة، حتى فيما يتعلق بمصير وطن وشعب يتضور جوعا، وهذا حال معظم الدول التي يحكمها العسكر، وخصوصا في وطننا المأزوم من الماء إلى الماء!
قيس سعيد يخسر كل يوم مزيدا من أنصاره، ويفقد مزيدا من مصداقيته، وصار حديث الناس في كل مكان يلتقون فيه. لقد أدرك الشعب التونسي أن قيس سعيد ليس أكثر من ظاهرة صوتية فجة، تتسم بالكذب والتوهم والعجرفة، بعيدا عن المصداقية التي توقعها كثيرون منه حين انتخبوه رئيسا