الحال لم يكن على ما يسرّ البال على الدّوام، فقد شهد الواقع الثّوريّ ما يوجب التّوقف عنده من ظهور حالةِ نخبويّة ثوريّة انتهازيّة؛ تتوزّع على ثلاثة أنواعٍ من النّخب الثّوريّة التي تجتمع فيها صفة الانتهازيّة..
يتوهّم العديدُ من المشتغلين والمتخصّصين بالعلوم الشرعيّة، وشريحةٌ من الدّعاة والمُصلِحين أنّ معرفتهم بالواقع غدت أسهل في ظلّ العصر الرّقميّ الذي جعل العالم قريةً صغيرةً، وكلّ المعلومات متاحة ووسائل الإعلام تنقل الأخبار والأوضاع لحظةً بلحظة..
من أهمّ الأسباب العميقة التي أدّت إلى حالة التّشكيك بالمسلّمات ما نراه من استفحالِ ظاهرةِ تأليهِ العقل، بحيث يغدو العقل من القداسة بمكان فيكون هو الحاكم على النّصوص الشرعيّة والمهيمن عليها
من بديهيّات الإيمان بثبوت الوحي أن يتمّ التعامل معه تأويلاً وتفسيراً واستنباطاً، على وفق قواعد اللغة التي نزل بها النصّ الشرعيّ ودلالات الألفاظ العربيّة وتفسير النبيّ صلى الله عليه وسلّم للوحي، وأن لا يكون التأويل منفلتاً من الضّوابط بحيث يكون لا نهائيّ الدلالة
يضرب لنا البيان القرآني نموذجا نسائيا فذا، للفتاة التي تنخرط في سوق العمل دون أن يؤثّر ذلك على حيائها الطبعيّ الذي لا تكلّف فيه، ولا يخدشه تواصل راشد منضبطٌ مع الرّجال من أهل الشّهامة والمروءة، وهذا النموذج يبُنى في بيتٍ جعلها ناطقةً باسم أبيها إلى حد التعبير عن الرّغبة بالارتباط الزّوجي بشخص معين
فالمفاسدُ التي يعترضُ عليها المعترضون من جرّاء مشاركة المرأة في الحياة العامّة لا تصمدُ أمام المصالح الكبرى؛ في اشتراك المرأة مع الرّجل في مهمّة الإنسان في إعمار الكون والخلافة في الأرض
المنظومة الفقهيّة هي نتاجٌ بشريّ يستندُ إلى قواعد علميّة في التّعامل مع نصوص الوحي، وآليّات منهجيّة في الاستنباط بعيدة عن الرّغائبيّة الذّاتيّة، وهي تمثّل بمجموعها وجهاً مشرقاً من وجوه التّكريم الإسلاميّ للإنسان ذكراً كان أو أنثى من خلال سنّ منظومة قانونيّة تعمل على تحقيق مصالحه الكليّة والجزئيّة
إنَّ الذين ثاروا على الطّغيان ووقفوا في وجه الحكّام المجرمين، وصرخوا في وجوه المستبدّين وجيوشِهم كما نادى الحسين رضي الله عنه "هيهات منّا الذّلّة"؛ هم أبناء الحسين الحقيقيّين، وهم حملةُ رسالته وهم أحبابه وهم ورثةُ معركة كربلاء، وهم الأَولى أن ينادوا في المحافل كلّها "لبّيكَ يا حسين"
نجاح أي مشروع أو عملٍ و مؤسّسةٍ أو حدثٍ مهمٍ أو مفصليّ يقوم على اختيارِ الكفاءاتِ اللّازمةِ للعمل، بغضِّ النّظر عن انتمائها التنظيميّ أو الحزبيّ، أو حتّى بغض النظر عن انتمائها الفكريّ للمشروع، ما دامت مأمونة الجانب وتعملُ في مهام تخصّصية ضمنَ الآليَّات المرسومة لتحقيقِ الأهداف المرحلية والاستراتيجية
من أهم ما ينبغي أن تلتفت إليه النخب الدعوية والتربوية والفكرية، هو أثر الانقلاب في إذكاء الغلو والتطرف، فالغلو والانحراف المتشدّد يقتاتُ على الانقلابات، كما لا يقتات على غيرِها لإثبات صوابيته، وذلك من خلال مهاجمة الدّيمقراطيّة والعمل السياسي وإثبات خطأ الطروحات الأخرى، وتسفيه التوجهات الوسطية.
هذا الخطاب التّعاطفيّ خطابٌ صحيحٌ في مضمونه وأفكاره من حيثُ الأصل، لكنّ الإشكال يكمن في توقيته، فخطورتُه في الاتّكاء على صحّة الفكرة دون الالتفات إلى توقيتها إن كان مناسباً أم غير مناسب، نافعاً أم ضارّاً