يوم الإثنين الماضي، دخل النزاع الدائر في السودان بين القوات المسلحة النظامية بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في شهره الثاني، ولا تلوح في الأفق أي ملامح تسوية سياسية أو حتى هدنة حقيقية بين الطرفين. وإنه لنزاع مختلف عن النزاعات الأخرى التي شهدتها المنطقة العربية في السنوات الأخيرة، في سوريا واليمن وليبيا.
خطوات جبّارة وجسورة نحو التصالح مع نظام بشّار الأسد. أفليس من عظيم التأثير في عواطفنا الإنسانية أن نرى هؤلاء الحكام يتهافتون على زيارة دمشق وعلى دعوة جزّار الشعب السوري لزيارتهم؟
إزاء الكابوس الذي تعيشه السودان في هذه الأيام، يساورنا حلمٌ ـ هذا الحلم هو أن يفعل اقتتال العسكر في بلد شهد تاريخه تناوباً بين الوثبات الثورية والانقلابات العسكرية، وكانت الثانية تقضي على إنجازات الأولى بانتظام، أن يفعل الاقتتال بين القوات المسلّحة النظامية بقيادة عبد الفتّاح البرهان و"قوات الدعم السريع" بزعامة محمد حمدان دقلو، مفعول الحروب في بعض الثورات الكبرى التي شهدها العصر الحديث. فقد تمّت بعض الانتفاضات الثورية الكبرى في التاريخ الحديث على خلفية هزيمة للقوات المسلّحة التابعة لبلدها: من كومونة باريس في عام 1871 إلى الثورة الروسية الأولى في عام 1905 والثانية في عام 1917 والثورة الألمانية في عام 1918 وغيرها.
ليس المشهد السوداني الراهن بالغريب عن تقاليد المنطقة العربية والبلدان الأفريقية جنوبي الصحراء، بل يكاد يكون من المألوف لدينا أن نشاهد اقتتال جماعات مسلحة تتصارع على السيطرة على مقاليد الحكم والثروات في بلدانها.
قلنا مراراً ونكرّر: ديمقراطيتهم فاسدة من أساسها، إذ هي ديمقراطية بصاعين ومكيالين. إنها «دولة يهودية ديمقراطية» أي إن الديمقراطية فيها محصورة باليهود على نسق ديمقراطية أثينا الإغريقية أو الديمقراطية الأمريكية الأصلية، اللتين كانتا قائمتين على الاستعباد..
إن صحّ تعبير «النكبة» لوصف ما حلّ بفلسطين منذ إنشاء دولة إسرائيل على أرضها في عام 1948، فإن ما أصاب سوريا، لاسيما منذ بدء اتساع الحرب فيها في عام 2012، إنما يستحق تسمية «الكارثة».
أخذ الحكم الصهيوني الفاشي الجديد، الذي تألف مع بداية هذا العام، يرتكب استفزازاً بعد آخر، لاسيما جناحه الفاشي بامتياز. ويصبو هذا الأخير إلى تفجير الأوضاع في الضفة الغربية بحيث يدفع نحو ضمّها الرسمي وطرد سكانها الأصليين الفلسطينيين