مقالات مختارة

هنيئاً لهم بتصالحهم مع بشّار الأسد!

جلبير الأشقر
عربي21
مشهدٌ مسيّل للدموع بفعالية تفوق فعالية القنابل المخصّصة لهذا الغرض في قمع التظاهرات… فيا له من مشهد مؤثر فاقت عاطفيته ما أحرزته المسلسلات المصرية والتركية والهندية معاً! إنه مشهد الخطوات الجبّارة التي تجري على الساحة العربية، بل والإقليمية أيضاً إذ التحقت تركيا بتلك المسيرة، خطوات جبّارة وجسورة نحو التصالح مع نظام بشّار الأسد.

أفليس من عظيم التأثير في عواطفنا الإنسانية أن نرى هؤلاء الحكام يتهافتون على زيارة دمشق وعلى دعوة جزّار الشعب السوري لزيارتهم؟

هذا وليس من الصدفة على الإطلاق أن يكون الحكم الرائد في مسيرة التصالح والمحبة المتبادلة مع النظام السوري هو ذاته الحكم الرائد في مسيرة «التطبيع» مع الدولة الصهيونية، بطل «اتفاقيات أبراهام» التي أريد من تسميتها تذكيرنا بأننا وبنيامين نتنياهو ومن لفّ لفّه جميعاً إخوة، أحفاد إسماعيل وإسحاق. فهذا الحكم رائد التصالح مع نظام آل الأسد لم يقطع أبداً شعرة معاوية في تعامله معه، وقد استقبل لديه، تماشياً مع تقاليد الضيافة عند العرب، بعض أفراد العائلة التي باتت تتحكم بشؤون سوريا منذ أكثر من نصف قرن. ثمّ انتظر حتى سنحت له الأجواء أن يبادر إلى جرّ سائر العرب إلى الوفاء لعادتهم في بوس اللحى ختاماً لأشد الخصومات.

بيد أن ثمة من اعترض المساعي التي تدفع بها دولة الإمارات المتحدة مدعومة من قِبَل الدولة المصرية شريكتها في نشر المحبة على وجه الأرض. فقد اعترض أحد جيران سوريا «الشقيقة» مسار التصالح مع حكمها بالاعتراض على الاستكمال الرسمي لذلك المسار بدعوة حكم دمشق للعودة إلى المشاركة في اجتماعات جامعة الدول العربية.

أما السبب في ذلك فهو إصرار الجار على مطالبة الدولة السورية بالإيفاء بشرط أساسي. ولا تظنّن أن هذا الشرط هو إسقاط بشّار الأسد من السلطة ومحاكمته للجرائم المروّعة التي أشرف عليها ولتدمير بلده وتهجير أكثر من نصف سكانها، بينهم ما يناهز ربع السكان هاجروا إلى خارج الأراضي السورية. لا، فهذه أمور عادية في الجامعة العربية التي تضمّ بين أعضائها عدداً ملفتاً من الذين تلطّخت أياديهم بالدماء بحيث لا فضل لأحدهم على الآخر إلّا بعدد الضحايا.

بل إن الشرط الأساسي الذي بات يعترض مسار التصالح مع النظام السوري بات أخطر من كل ما ذكرنا في نظر بعض الحكام العرب: إنه تصدير المخدّرات، وهي تجارة تخصّص بها النظام السوري منذ عقود طويلة، أي منذ أن بسط يده على لبنان إثر تدخّله لسحق المقاومة الفلسطينية وحلفائها اللبنانيين في عام 1976، ثم فرض سيطرته على البلد حتى انسحبت قواته منه في عام 2005. وقد أشرف طيلة هذه المدة على زراعة المخدرات في لبنان وتهريبها بطريقة أشبه بنشاطات عصابات المافيا منها بسلوك جيش نظامي، حتى إن كان جيش احتلال. ولم يتغيّر في الأمر مع الزمن سوى طبيعة المخدّرات، إذ انتقل النظام السوري من الإشراف على تجارة الحشيش إلى تصنيع الكبتاغون (وهي إحدى التسميات التجارية لمادة الفينيثايلين الكيميائية) وتصديره إلى شتى أنحاء المنطقة، لاسيما المملكة السعودية. وإنها لحكاية تليق حقاً بأكثر قصص المافيا إثارة: نظامٌ يصدّر المخدّرات ويستخدم سلوكه الإجرامي هذا أداةً لابتزاز جيرانه كي يعيدوه إلى الحظيرة التي سبق أن طردوه منها.

هنيئاً لهم لتصالحهم مع بشّار الأسد وسربه من الذئاب. وليتهم حافظوا دوماً على علاقاتهم بنظامه ولم يتطفّلوا على الثورة السورية لاحتوائها من خلال تمويلهم للجماعات الدينية المتشدّدة. فقد خنقوا ما بدأ ثورةً ديمقراطية نابذة للطائفية، وغمروها بالعصابات الطائفية التي ضاهت عصابات النظام بحيث نجحوا في القضاء على الثورة السورية وإحلال صدام الهمجيات محلّها. إن الثورات هي أول من ينطبق عليهم القول المأثور: «أللهمّ أحمني من أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيلٌ بهم» إذ إن لها أحياناً «أصدقاء» لا يقلّون خطراً عن الأعداء.

القدس العربي اللندنية
التعليقات (1)
سعدو
الأربعاء، 03-05-2023 07:43 ص
كان الاولى بالكاتب المحترم ان يذكر من هم الجماعات الدينيه المتشدده وان لايطلق العنان للقارىء حتى لا يسىء الظن بكل الجماعات الدينيه وكان عليه ذكر الفصيل الذي يتهمه بالتشدد والطائفيه فالدواعش مثلاً فان اغلب قياداتهم وامرائهم هم من المخابرات النصيرييه والبعض منهم حالياً في برلمان الاسد والبعض الاخر رجع لمنصبه بالفروع الامنيه الاسديه وكان عليه ان يذكر ان كل قيادات هذه المجموعات كانت في سجون ومعتقلات الاسد وهو من اطلق سراحهم في بداية الثوره المباركه ولكن للاسف اصبح كل مايتعلق بالدين والتدين في خانة وقفص الارهاب حتى بنظر من يدعون انهم يحملون افكاراً تحرريه وديمقراطيه