عادل بن عبد الله يكتب: إننا أمام سردية سياسية تطرح نفسها بديلا للديمقراطية التمثيلية، وتطرح مشروعها السياسي باعتباره لحظة "فرز تاريخي بين الحق والباطل وبين الصدق والكذب" انطلاقا من التسوية بين الخطرين الداهم والجاثم. فالخطر الداهم ليس مجرد حدث عابر ومؤقت، إنه في جوهره خطر جاثم لا يمكن التخلص منه بالتسويات السياسية وبـ"الحوار الوطني" وبمنطق الشراكة، بل يستدعي بديلا سياسيا شاملا ينهي الحاجة للديمقراطية التمثيلية ذاتها
عادل بن عبد الله يكتب: "حرب التحرير الوطني" ستكون بلا أفق تحرري حقيقي إذا لم تتجاوز الواجهات المتغيرة للدولة العميقة (بشخوصهم وتنظيماتهم)، لتحدد عدوها الحقيقي الذي يقف وراء الجميع: النواة الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي وما يشرعن امتيازاتها المادية والرمزية في السردية البورقيبية تحريرا وتنويرا.
عادل بن عبد الله يكتب: أكد الطوفان أن التوافه الأخطر على "الإسلام المقاوم" هم الطائفيون ومنتحلو التنوير والتحديث، وهو ما يعني ضرورة مراجعة علاقتنا بهاتين السرديتين. فإذا كانت السردية الطائفية تشدنا إلى البنية الاستبدادية الدينية وإلى شيوخ السلاطين باعتبارهم الآلة الأيديولوجية لتأبيد الظلم والتخلف والتبعية، فإن السردية التنويرية تشدنا إلى البنية الاستبدادية المُعلمنة وإلى عبادة العقل الغربي؛ باعتباره أداة ترسيخ الانقسام والتخلف والتراتبيات الاجتماعية المرتبطة وظيفيا بالمركز الغربي
عادل بن عبد الله يكتب: أهمية البعد الفكري أو "العقدي" في المشروع الاستعماري، بل أهمية المخيال الجمعي ما قبل الرأسمالي في صوغ العقائد الاستعمارية وجعلها أمرا "حسنا"
عادل بن عبد الله يكتب: إذا كانت عطالة القوى اليسارية قد تجلت في تهميش مفهوم الكتلة التاريخية وفي حرف الصراع إلى مدارات "ثقافوية" يصبّ خراجها في خزائن "الرجعية البرجوازية"، فإن حركة النهضة لم تكن في وضع أفضل من جهة العطالة الفكرية والتذيل للمنظومة القديمة منذ المرحلة التأسيسية، أي قبل دخول مرحلة "التوافق" مع ورثة تلك المنظومة
عادل بن عبد الله يكتب: قراءة نتائج الانتخابات دون قراءة الفلسفة السياسية لتصحيح المسار وفهم علاقة التعامد الوظيفي بينه وبين الدولة العميقة هي قراءة اختزالية، أما قراءة تصحيح المسار باعتباره انقلابا على الانتقال الديمقراطي فإنها قراءة مخادعة
عادل بن عبد الله يكتب: الزمال هذا المترشح كان مواطنا مستقرا في عهد المخلوع، ولا نعلم له أي نشاط سياسي معارض. أما بعد الثورة فقد التحق بحزب "تحيا تونس" وكان رئيسا لقائمته في ولاية/محافظة سليانة، كما كان عنصرا فاعلا في الحملة الرئاسية للمترشح يوسف الشاهد سنة 2019. وكان من النواب الذين دعوا إلى سحب الثقة من رئيس مجلس النواب السيد راشد الغنوشي و"فتح قنوات تواصل مع رئيس الجمهورية"، وكان جزءا من الكتل البرلمانية التي سمّمت الحياة النيابية ومهدت للانقلاب
عادل بن عبد الله يكتب: النجاح الأبرز لتصحيح المسار يتمثل في إظهار فشل الانتقال الديمقراطي في إصلاح كل القطاعات وتحصينها ضد نوازع الفساد والاستبداد. أما فشل تصحيح المسار فيتمثل أساسا في عجزه عن تحويل "الشرعية" إلى "مشروعية" بعيدا عن منطق التملص من المسؤولية ورمي الفشل على "الفاسدين" و"الخونة" و"المتآمرين"، سواء في منظومات الحكم السابقة أو في منظومة الحكم الحالية
عادل بن عبد الله يكتب: التعامل مع هيئة الانتخابات باعتبارها جهة "تحكيمية" في المسألة الانتخابية هو ضرب من المثالية، كما أن مصارعتها بمنطق "القانون" هو ضرب من العبث
عادل بن عبد الله يكتب: يمكننا أن نعتبر أن نجاح تصحيح المسار في البقاء إلى لحظتنا هذه هو نتيجة حتمية لتناقضات الديمقراطية التمثيلية وأزماتها الدورية منذ المرحلة التأسيسية، بل نحن نستطيع اعتبار تصحيح المسار مجرد تعميم لمنطق "العائلة الديمقراطية" ودفعا به إلى الأقصى
عادل بن عبد الله يكتب: إذا ما التزمت هيئة الانتخابات بأحكام القضاء الإداري ولم تنصب نفسها سلطة "ما فوق تعقيبية" (وهو أمر غير مؤكد بعد تصريحات رئيسها فاروق بوجعفر)، فلا شك عندنا في أن الخيار الانتخابي سيكون خاضعا بدرجة كبيرة للمحدد الهوياتي، خاصة لدى النخب المؤدلجة، كما سيكون لحسابات حركة النهضة وحلفائها -بالإضافة إلى ورثة المنظومة القديمة من الرافضين لتصحيح المسار- تأثير مؤكد
عادل بن عبد الله يكتب: رغم أن الرئيس لم يبرر إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021 بالخطر الداهم الوارد في الدستور فقط، بل تحدث عن "خطر دائم" يشمل فلسفة التأسيس وأجسامها الوسيطة (خاصة الأحزاب)، فإن موقفه من الأساطير المؤسسة للدولة-الأمة وكذلك تطبيعه مع تركتها القيمية والبشرية -من خلال علاقة التعامد الوظيفي مع الدولة العميقة- يجعلنا نعتبره ممثلا لضرب من البورقيبية المعدّلة
عادل بن عبد الله يكتب: أية واقعية في القبول بأن تكون الهيئة المعينة من الرئيس ذات ولاية عامة على الانتخابات؟ بل أية واقعية في الحديث عن حملات انتخابية في ظل عدم وجود هيئة تعديلية ورقابية لوسائل الإعلام العمومية والخاصة (الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري)، وكذلك عدم وجود أغلب الأحزاب الوازنة في الديمقراطية التمثيلية بحكم استهدافها المُمنهج من "الديمقراطية القاعدية" التي تُبشّر بنهاية زمن الأحزاب؟
عادل بن عبد الله يكتب: إما أن يقتنع عموم المواطنين بضرورة التجاوز الجدلي لما قبل 25 تموز/ يوليو وما بعده -أي المحافظة على ما فيهما من إيجابيات دون السلبيات- فيسندون هذا المترشح أو من يرون فيه القدرة على التجميع بعيدا عن الخطابات الشعبوية والنزعات الاستئصالية، وإما أن تتواصل سطوة العقل السياسي "الهوياتي" المؤدلج والمتلاعب به من لدن الآلة الدعائية لمنظومة الاستعمار الداخلي ورعاتها الإقليميين والدوليين
عادل بن عبد الله يكتب: التكهن بفوز الرئيس قيس سعيد يبدو أمرا راجحا، ولكنّ هذا الرجحان يحتاج إلى قرينة مستقلة هي القائمة النهائية للمترشحين المقبولين من هيئة الانتخابات