أكثر زعماء العالم، بمن فيهم أولئك الذين يغضون النظر عن سياساته بل ويدعون إلى عودته للنظام العربي، يأنفون حتى مجرد لفظ اسمه، فما بالك بالاجتماع معه في قاعة واحدة؟
لعبة الجيش يبدو أنها راقت لأنظمة الثورات المضادة، وقد كان واضحاً أن الرئيس التونسي قيس سعيّد أدرك هذه اللعبة، وخاصة وأن الإسلاميين أحد أضلاع الحكم في تونس. وليستطيع العبور بتونس إلى دولة الحاكم الفرد المستبد، تلطى بالجيش وأعلن أنه يحظى بتأييده لإجراء التغييرات المطلوبة في المشهد السياسي التونسي
على مبدأ مضطراً أخاك لا بطل، يعود الأسد اليوم إلى العزف على وتر العروبة. إذ ليس خافياً أن الأسد يغزل على أموال الخليج للخروج من ورطته، ولإعمار ما دمرته آلته وحلفائه الروس والإيرانيين العسكرية
يصبح حتى الكذب والتزوير إنجازاً، لكن حسناً، المؤكد أن العالم الخارجي لا يصدق هذه الأكاذيب، قد يمررها، لكن مقابل ذلك يجعل جميع قيم هذه البلدان منخفضة في تقييمه، بما فيها ثرواتها وكفاءاتها وحقوقها. فالاستبداد لا يجلب الاستعمار وحسب، ولكن أيضاً تدني القيمة لأبعد الحدود
أمريكا راحلة من الشرق الأوسط، وروسيا قادمة، لكن بشروط ومحدّدات أمريكية، حتى في سوريا لن تستطيع روسيا "أخذ راحتها"، إذ يبدو أن القرار الأمريكي بمحاصرة نظام بشار الأسد، نهائي لا رجعة عنه، حتى لو كانت أساطيل أمريكا تقبع في المحيط الهادي على بعد آلاف الأميال من الشرق الأوسط
ترفض روسيا تقديم أي تنازل حتى لا يؤثر ذلك على سلطة وصلاحيات الأسد، وحتى لا تنعكس هذه التنازلات على سيطرتها واحتلالها للأراضي السورية وهيمنتها على موارد سوريا في البر والبحر
هذه المرحلة تشكل فرصة مهمة لمتابعة مشهد، يكاد يتكرر كل عقد من الزمان، ولدى حصول تغيرات في سلوك وتوجهات المراكز الغربية، وتحديداً الأمريكية، ومعرفة كم هي نخب الشرق الأوسط مثيرة للشفقة والازدراء
ما صنعه نظام الأسد وحسن نصر الله في سوريا ولبنان كان كافياً ليتعظ الآخرون ويضعون ألف خط أحمر تحت مقاربات التقارب معهم، ليس في سبيل الانتصار لهؤلاء، بل للحفاظ على أمن مجتمعاتهم، فلماذا يقدمون لهم أطواق النجاة هكذا مجانا؟
السياسة الأمريكية ستقوم على أساس ترك هذه المنطقة تتعفن بصراعاتها وتتحول إلى ثقب أسود يبتلع جهود خصومها، وهي ذاتها الإستراتيجية التي اتبعتها إدارة أوباما، والتي أصبح الكثير من عناصرها أركانا أساسية في إدارة بايدن
تأخرت كثيراً رسالة المثقفين السوريين التي دحضت زيف "التقدميين" و"اليساريين" في العالم، الذين أيدوا نظام الأسد في حربه الهمجية ضد الشعب السوري، والتي استخدمت أساليب القتل والتهجير والإبادة، وسياسة التجييش الطائفي، لمواجهة مطالب السوريين في الحرية والكرامة
من المفارقة أن دمار سوريا ومواتها، الوسيلة التي تم بها إنقاذ الأسد من السقوط، هي ذاتها التي ستقتلعه من السلطة، وقد تكون السبب في مقتله، في حال لم يجد الروس طريقة مناسبة لإخراجه، في محاولتهم للهروب من شبح الغرق في مستنقع سوريا الذي بدأ يلوح في الأفق
مليون وثيقة تدين بشار الأسد وعصابته جمعتها لجنة العدل والمساءلة الدولية، وأغلب هذه الوثائق صادرة عن الأسد شخصياً للقيادات الأدنى، وتنطوي على أوامر بارتكاب جرائم تتراوح طبيعتها بين إطلاق النار على المظاهرات واعتقال وتصفية النشطاء، واغتصاب النساء والذكور، وتهجير قسري لسكان المناطق الثائرة
هذا يثبت أننا في المشرق تحت حكم عصابة مافياوية تفكك الدولة، وإشهار تفكّكها بشكل علني بذريعة تحوّلها إلى جبهة مقاومة ضد الصهيونية، وتحت هذه الذريعة تمّت إزاحة كل ما يذكّر بالدولة، طالما أن لهذه الأخيرة حدودا وقيودا لا طاقة على النخب المافيوية الجديدة الخضوع لها