كتاب عربي 21

الصواريخ الأمريكية هل تصيب الحوثيين؟

1300x600
في أي سياق تأتي الضربة العسكرية الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية في سورية؟ هل جاءت ردا مباشراً على تورط النظام في استخدام السلاح الكيماوي، أم أنها تأتي في إطار إضعاف النظام السوري، وإخراجه من المعادلة السورية، باعتباره الحلقة الصلبة في سلسلة الهيمنة الإيرانية على المنطقة؟.

هذا السؤال بالنسبة لي كمراقب ومهتم بالشؤون اليمنية، استدعاه النبأ الذي نشرته صحيفة "واشنطن فري بيكون" الإلكترونية، وتضمن معلومات تفيد بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب  تتهيّأ لإجراء تدخُّل في اليمن قد يشمل إستراتيجية أوسع، لاحتواء إيران وهزيمة جماعات أخرى مثل “داعش” و”القاعدة.

من الواضح أن الضربة العسكرية الأمريكية في سورية قد مثلت حدثاً مفصلياً ونقطة تحول حقيقية بين عهدين، وسياستين أمريكيتين.

ولا يبدو أن الرئيس الأمريكي ترمب يمزح بشأن إيران، إنه جاد للغاية، لقد خاطر بتوجيه ضربة لهدف عسكري تحضر فيه المصالح الروسية، القوة العظمى التي كانت ردة فعلها متشنجة وعكست حجم الغضب الذي تملك القيادة السياسية والعسكرية الروسية جراء هذه الضربة.

هو إذا استهداف لإيران ولمخططات إيران التي لا تخفي نزوعها الصارخ نحو الهيمنة على المنطقة وملءالفراغ الذي خلفه انسحاب الإدارة الأمريكية السابقة وتواطؤها مع إيران في ثلاث جبهات رئيسية هي العراق وسورية واليمن.

حتى الآن لا توجد مؤشرات على أن الصواريخ الأمريكية القادمة ستصيب أهدافاً تابعة للانقلابيين الحوثيين في اليمن، ما لم تتوفر الذريعة المناسبة من قبيل تهديد قد يمارسه الحوثيون على الملاحة الدولية، على نحو ما عملوا في السابق عندما ردت البحرية الأمريكية بضرب بطاريات صواريخ على الساحل اليمني.

هناك من يقول إنه يصعب التنبؤ بسلوك الرئيس الأمريكي ترمب، ولكن ثمة عوامل كابحة لا تزال قائمة في واشنطن وقد تساهم في عدم ذهاب الرئيس ترمب إلى حد توجيه ضربات عسكرية للحوثيين في اليمن، أهمها أن الحوثيين ما يزالوا حتى الآن جزء من التصور الخاطئ نفسه الذي ترسخ تقريباً، في عهد الإدارة السابقة، ومفاده أنه يمكن اعتبار هذا الفصيل الطائفي المسلح (جماعة الحوثي) أحد الأدوات الفعالة في مواجهة القاعدة.

هناك لوبي نشط يعمل في هذا الاتجاه، والأمر بالنسبة لهذا اللوبي لا يتوقف على الفهم الشائع بشأن أهمية الحوثيين كنقيض طائفي للقاعدة، ولكن أيضاً لأن اللوبي يتبنى مواقف مناهضة للحرب السعودية في اليمن، وهي مواقف أيديولوجية بالأساس، وتحاول أن تكرس الصورة السلبية عن المملكة العربية السعودية باعتبارها المنبع الأول للسلفية الجهادية التي أفرزت القاعدة وداعش، على نحو ما رأيناه في النقاشات التي جرت داخل الكونجرس وفي جلسات الاستماع التي عقدت في مجلسين النواب والشيوخ الأمريكيين.

ومع ذلك يمكن النظر بتفاؤل كبير حيال مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي يشق طريقه كالبلدوزر ويكتسح الكوابح والمسلّمات التي رسختها الإدارة السابقة، وهذا يعني أننا قد نرى تحولاً قريباً وفعلياً في السياسة الأمريكي حيال الدور السيء الذي يلعبه ذراع إيران الطائفي في اليمن: الحوثيون.

ويمكن النظر إلى الخطط العسكرية المعلنة لتحرير محافظة الحديدة على الساحل الغربي للبلاد بأنها أحد المؤشرات المهمة على التحول في السياسة الأمريكية، وهو تحول مدعوم بوقائع عملية على الأرض أهمها طلب البنتاجون من إدارة الرئيس ترمب رفع القيود عن توريد الأسلحة إلى المملكة ا لعربية السعودية.

لا يستبعد أن تقدم واشنطن دعماً لوجستياً لعملية تحرير الحديدة الوشيكة، بناء على طلب من الإمارات كما أفادت بعض المعلومات المسربة، خصوصاً أن الإمارات هي من سيتولى قيادة هذه العملية.

لقد أطلق الإنقلابيون 12 صاروخا بالستياً أمس السبت، باتجاه مدينة المخا التي تضم تجمعاً لعدد ضخم من المعدات العسكرية المقرر أن تشترك في معركة تحرير الحديدة، وسلوك كهذا يعكس حجم المخاوف لدى الانقلابيين من هذه المعركة.

هناك جدية فيما يخص معركة الحديدة، وهناك توقعات بشأن قبول واشنطن بتقديم المساعدة للعملية العسكرية الوشيكة في الحديدة، وإن حدث ذلك فإن التحول في السياسة الأمريكية سيصبح واقعاً ملموساً، وهذا سيفسح المجال للبحث في الترتيبات التالية التي سوف تضيق هامش المناورة لدى الانقلابيين وستقلص المكاسب التي كانت مبادرة الوزير كيري قد ضمنتها لهم، على حساب السلطة الشرعية ورئيسها وحكومتها.