كتاب عربي 21

افتراءت لها تاريخ

1300x600
لظاهرة الإسلاموفوبيا - صناعة الكراهية الغربية للإسلام - تاريخ قديم، يرجعه القائد الإنجليزي للجيش الأردني صاحب كتاب الفتوحات العربية "جلوب باشا" (1897 - 1986م) إلى ظهور الإسلام، فيقول: "إن تاريخ مشكلة الشرق الأوسط إنما يعود إلى القرن السابع الميلادي"!

فلقد حرر الإسلام الشرق من الاستعمار الروماني - الذي دام عشرة قرون - وتحول الشرق - بالتدرج - عن المسيحية إلى الأغلبية الإسلامية، فبدأت في أوربا ظاهرة التزييف لصورة الإسلام، لإشاعة كراهيته، ولشحن الدهماء والغوغاء في الحرب لإعادة استعمار الشرق من جديد.

وفي كتاب غربي عنوانه (تاريخ الحروب المقدسة في الشرق المدعوة حرب الصليب) كتبه رجل دين مسيحي - مكسيموس مونروند - وترجمه رجل دين مسيحي - مكسيموس مظلوم - وطبع في القدس عام 1865م، تصوير دقيق لجذور ظاهرة الإسلاموفوبيا، كما جاءت في خطاب البابا الذهبي "أوربا الثاني" (1008 - 1099 م) الذي أعلن وقاد الحروب الصليبية التي امتدت قرنين من الزمان ( 489 - 690 هـ، 1096 - 1291 م) ومثلت أقدم ألوان الاستعمار الاستيطاني الذي مولته المدن التجارية الأوربية "نابولي" و"جنوة" و"بيزا".

فلقد جمع البابا الذهبي فرسان الإقطاع الأوربيين عام 1905م بمدينة "كليرمونت" بجنوبي فرنسا وخطب فيهم خطاب الإسلاموفوبيا فقال: "يا من كنتم لصوصا كونوا اليوم جنودا، لقد آن الزمان الذي فيه تحولون ضد الإسلام الأسلحة التي تستخدمونها ضد بعضكم البعض، فالحرب المقدسة المعتمدة الآن هي في حق الله عينه، وليست لاكتساب مدينة واحدة، بل هي أقاليم آسيا بجملتها، مع غناها وخزائنها التي لا تحصى، فاتحدوا لحجة القبر المقدس، وخلصوا الأراضي المقدسة من أيادي المختلسين، وامتلكوها أنتم لذواتكم، فهذه الأرض - حسب ألفاظ التوارة - تفيض لبنا وعسلا، ومدينة أورشليم هي قطب الأرض المذكورة، وخصوبة هذه الأرض تشابه فردوسا سماويا، اذهبوا وحاربوا البربر (أي المسلمين) لتخليص الأراضي المقدسة من استيلائهم، امضوا متسلحين بسيف مفاتيح البطرسية (أي مفاتيح الجنة التي صنعها البابا لفرسان الإقطاع) واكتسبوا لذواتكم خزائن المكافآت السماوية الأبدية، وإذا أنتم انتصرتم على أعدائكم فالملك الشرقي يكون لكم ميراثا، وهذا هو الوقت الذي تفدون فيه كثرة العدوانات التي مارستموها، والتي صبغت أيديكم بالدماء، فاغسلوها بدما غير المؤمنين (أي المسلمين).

أي خزي يجللنا وأي عار، لو أن هذا الجنس من الكفار، الذين لا يليق بهم إلا كل احتقار، والذي سقط في هاوية التعري عن كرامة الإنسان، جاعلا من نفسه عبدا للشيطان، قد قدر له الانتصار على شعب الله المختار"؟!

هكذا أسس البابا الذهبي - قبل اثني عشر قرنا - لظاهرة الإسلاموفوبيا:

- فالمسلمون في هذه الأيديولوجية الدينية "كفار غير مؤمنين استولوا على قبر المسيح".

- وهم قد سقطوا في الهاوية التي حرمتهم من "كرامة الإنسان".

- وهم "عبيد الشيطان" بينما الكاثوليك الأوربيون - أتباع البابا الذهبي - هم "شعب الله المختار".

- وعلى فرسان الإقطاع الأوربيين - المسلحين بمفاتيح الجنة - أن يطهروا أيديهم بدماء هؤلاء المسلمين الكفار غير المؤمنين، وأن يمتلكوا مدائن الشرق وأقاليمه التي تفيض لبنا وعسلا، والتي تعادل في خصوبتها وغناها "فردوسا سماويا".

إنه التأسيس لظاهرة الإسلاموفوبيا التي تتصاعد الآن في الفضاء الغربي ضد الإسلام وأمته وحضارته.