كتاب عربي 21

من تاريخ القدس الشريف

1300x600
لقد بنى العرب اليبوسيون مدينة القدس في الألف الرابع قبل الميلاد.. أي أن عمر عروبتها الآن أكثر من ستة آلاف عام!.
 
وطوال تاريخ هذه المدينة كان الغزاة يحتكرونها، بينما كان العرب المسلمون وحدهم هم الذين أشاعوا قدسيتها بين جميع أصحاب المقدسات.
 
فالإغريق والرومان احتكروها لأنفسهم، سواء في عهد وثنيتهم، أو في عهد نصرانيتهم، وطردوا منها اليهود، ومنعوا منها النصارى غير الملكانيين!.
 
وعلى امتداد قرنين من الاستعمار الاستيطاني الصليبي ( 489 - 690 هـ ، 1096 - 1291 م) احتكر الصليبيون هذه المدينة المقدسة، بعد أن ذبحوا من كان بها من المسلمون واليهود، وحولوا المسجد الأقصى إلى اصطبل خيل ومخزن للسلاح!.
 
وفي كتاب "تاريخ الحروب المقدسة في الشرق، المدعوة حرب الصليب" الذي كتبه رجل الدين الغربي "مكسيموس مونروند" وترجمه رجل الدين المسيحي "مكسيموس مظلوم" والمطبوع بالقدس عام 1865م وصفٌ لما صنع الصليبيون - الجنود ورجال الدين - بالقدس عند احتلالها على مدى أسبوع "فلقد اجتمع ديوان المشورة العسكرية - الصليبي - وقرر قتل كل مسلم باق داخل المدينة، فتم ذبح سبعين ألفا في أسبوع، وحتى الذين هربوا إلى جامع عمر بن الخطاب "مسجد الصخرة" ظانين أنهم يحمون ذواتهم من الموت، خاب ظنهم، إذ إن الصليبيين - خيالة ومشاة - دخلوا الجامع المذكور، وأبادوا بحد السيف كل الموجودين هناك، حتى لقد طاف الجامع من الدماء، وعلا الدم إلى حد الركب، بل إلى لجم الخيل!، فأشبه الدم في الجامع البجر المتموج!، وسال الدم في شوارع المدينة حتى وصل إلى ركب من سار فيها!.
 
ولما حل المساء، اندفع الصليبيون يبكون من فرط الضحك! بعد أن أتوا على نبيذ المعاصر - إلى كنيسة القيامة ووضعوا أكفهم الغارقة في الدماء على جدرانها، ورددوا الصلوات!.
 
وفي كتاب المستشرقة الألمانية "سيجريد هونكه" (1913 - 1999م) "الله ليس كذلك" وصفٌ لما صنعه رجال الدين في هذه المذبحة: "فلقد كان البطريرك نفسه يعدو في أزقة بيت المقدس، وسيفه يقطر دما، حاصدا به كل من وجده في طريقه، ولم يتوقف حتى بلغ كنيسة القيامة وقبر المسيح، فأخذ في غسل يديه من الدماء اللاصقة بها، مرددا كلمات المزمور: "يفرح الأبرار حين يرون عقاب الأشرار، ويغسلون أقدامهم بدمهم، فيقول الناس: حقا إن للصديق مكافأة، وإن في الأرض إلها يقضي"!.
 
"ثم أخذ البطريرك في أداء القداس قائلا: "إنه لم يتقدم في حياته للرب بأي قربان أعظم من ذلك ليرضى به الرب"!.
 
أما تحرير المسلمين للقدس عام 15 هـ  635 م، فالتاريخ يذكر "العهدة العمرية" واحترام قداسة المقدسات المسيحية، وتطهير الأماكن التي سبق وعُبد الله فيها بالقدس وفلسطين، والسماح لليهود بالعودة إليها والسكنى فيها.. الأمر الذي يجعل من الوعي بهذا التاريخ سلاحا من أسلحة الصمود في مواجهة التحديات المعاصرة، إذ أن المآسي والدماء التي يشيب لها الولدان، لم تمنع من التحرير الذي استعاد القدس لتكون عربية إسلامية مفتوحة الأبواب أمام جميع أصحاب المقدسات!.