ملفات وتقارير

قناة السويس الجديدة تدمر التوازن البيئي في جنوب المتوسط

السمكة البخاخة
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، سلط من خلاله الضوء على الأضرار التي ترتبت على مشروع توسعة قناة السويس الذي قام به النظام المصري في سنة 2015. والجدير بالذكر أن العديد من علماء البيئة والبحريات حذروا من التأثيرات الجانبية لهذا المشروع على التوازن البيئي في البحر الأبيض المتوسط، وخطورته على مستقبل صيادي السمك وقطاع السياحة.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه من غير المرجح أن يكون عبد الفتاح السيسي يعاني من مشاكل في النوم ليلا بسبب انشغاله الشديد بالتوازن البيئي ومصير السمك الفضي البخاخ في أعماق البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن أن جدول أعماله اليومية لن يكون ضمنه التباحث حول ظاهرة تكاثر قناديل البحر وسمكة التنين الشرسة والسامة وسمكة الشيطان النارية.

في المقابل، بين الموقع أن تقارير ثلة من العلماء أشارت إلى أن هذه الأنواع من الكائنات البحرية الغريبة عن حوض البحر الأبيض المتوسط غزت هذه المياه، بالإضافة إلى أكثر من 700 فصيلة بحرية أخرى، وأصبحت تتكاثر بشكل خاص في المنطقة الشرقية.

وذكر الموقع أن الأغلبية الساحقة من هذه الكائنات دخلت إلى حوض البحر المتوسط عبر قناة السويس، وأصبحت تنبئ بحدوث كارثة كبرى ستدمر التوازن البيئي، وهو ما سيتسبب في تقلص محاصيل صيادي الأسماك، فضلا عن تهديد مستقبل المنطقة، التي تعتمد بشكل كبير على عائدات السياحة البحرية، وذلك حسب ما أورده مجموعة من العلماء.

وأفاد الموقع بأن العلماء يخشون من أن المشروع الذي أنجزه نظام السيسي في القناة، والذي كلف الخزانة المصرية مليارات الدولارات، سوف يجعل الأوضاع البيئية والاقتصادية أكثر سوءا. وفي هذا الصدد، بين أحد علماء الأحياء البحرية أن "الجانب الشرقي من الحوض يشهد تغييرات رهيبة".

وفي الأثناء، أعلن الاتحاد العالمي لحماية البيئة مؤخرا في تقرير له أن "قناة السويس أصبحت واحدة من أهم الطرق التي تمر عبرها الكائنات الغازية التي تعمل على الإخلال بالتوازن البيئي".

وأوضح الموقع أن هذه الكائنات كانت تتسلل، منذ افتتاح قناة السويس في سنة 1869، من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، وبعضها كان يعلق في السفن، ولكن نسق انتقالها من بيئتها الأصلية للمتوسط ارتفع بشكل مخيف في الآونة الأخيرة.

وحذر الموقع من أن بعض هذه الكائنات الغازية من شأنها أن تتسبب في ضرر كبير للحيوانات البحرية والإنسان على حد سواء، فقنديل البحر المتنقل -على سبيل المثال- يتحرك في أسراب ضخمة جدا في شرق المتوسط، وذلك يمثل تهديدا صارخا للسياحة الشاطئية في مصر. علاوة على ذلك، قد يؤدي تواجدها في المنطقة إلى تعطيل محطات توليد الكهرباء ومحطات تحلية مياه البحر.

وأضاف الموقع أن السمك البخاخ الذي تسرب عبر قناة السويس يقوم بافتراس الكائنات البحرية الأصلية في هذه المنطقة. فضلا عن ذلك، فإن هذا النوع من السمك توجد في داخله أعضاء تحتوي على مواد سامة؛ فإذا تناولها شخص عن طريق الخطأ، فإنها ستسبب له حالة من الغثيان ومشاكل في التنفس، قد تصل مضاعفاتها إلى حد الموت.

أما بالنسبة لسمكة التنين الشرسة، التي اكتشف مؤخرا أنها باتت تستوطن مساحات واسعة من سواحل قبرص وتونس، فإنها لا تملك فقط أشواكا طويلة وسامة، بل هي أيضا واحدة من أسرع الكائنات تكاثرا، وبالتالي يمكنها أن تستنزف الموارد الغذائية الموجودة في المنطقة بأسرها.

وأشار الموقع إلى أن مشروع قناة السويس، الذي تضمن توسعة وزيادة عمق القناة الموجودة أصلا، وإضافة أخرى موازية لها، افتتح في حفل ضخم ومكلف في منتصف سنة 2015. وأثناء فعاليات تدشين المشروع، قال السيسي إن "المصريين بذلوا جهدا كبيرا لمنح هذه الهدية للإنسانية، وذلك لمساعدة البشرية على التنمية والبناء".

في المقابل، أبدى بعض العلماء فتورا واضحا منذ بداية المشروع، حيث حذر البروفسور جايسون هول سبنسر، الذي يعمل في مدرسة علوم البيئة والبحار بجامعة بليموث البريطانية، من أن "نظام السيسي ركز على الاعتبارات التجارية، متناسيا بقية جوانب هذا المشروع، وما لا يدركه كثيرون هو أن هذه الكائنات البحرية الدخيلة ستؤثر وبشكل سلبي على الاقتصاد المصري على المدى الطويل، علاوة على أنها ستساهم في تقليص محاصيل الصيد في المنطقة".

وفي الإطار ذاته، نقل الموقع تصريحات العالمة البحرية بيلا جليل، التي أمضت سنوات في مراقبة الكائنات البحرية في المنطقة، حيث صرحت بأن "ناقوس الخطر بدأ يدق؛ لأن السلسلة الغذائية في المنطقة بأسرها تعرضت لضرر بالغ، وفي كل مرة يتم فيها توسيع القناة سنشهد تزايدا في تدفق الكائنات الدخيلة، إن البحر المتوسط هو في الواقع بمثابة حوض مغلق، وما إن تتسلل هذه الكائنات حتى يصبح من المستحيل إخراجها أو التخلص منها".

وأضافت جليل: "إن هذا الوضع لن يضر فقط بالتوازن البيئي، بل إن دولا متوسطية -مثل تركيا وتونس اللتين صرفتا ملايين الدولارات لتطوير قطاع السياحة- تواجه الآن مشكلة بسبب هذه الظاهرة؛ لأن آخر شيء يرغب السائح في رؤيته على الشاطئ هو أسراب قنديل البحر".

وذكر الموقع أن مشروع تفريعة قناة السويس، الذي تم تحضيره على عجل وإنجازه بشكل متسرع، لم تسبقه أي دراسات علمية جادة من قبل المنظمات البيئية المحايدة، رغم مطالباتها الكثيرة وتحذيراتها من تبعات هذه الفكرة. وأثناء إنجاز المشروع، قام حوالي 39 عالما من عدة دول بتوجيه دعوة للعديد من الهيئات الدولية على غرار الاتحاد الأوروبي في بداية سنة 2015، يطالبون من خلالها بإنجاز دراسة محايدة وكاملة لتأثيرات هذا المشروع، إلا أن مطالبهم لم تجد آذانا صاغية.

وفي الختام، أشار الموقع إلى أن النظام المصري ركز اهتمامه على المكاسب الاقتصادية التي سيحققها هذا المشروع، حيث أورد حينها أن عمليات الشحن في القناة ستساهم في ارتفاع المداخيل السنوية من 5.3 مليار دولار في سنة 2015 إلى 13 مليار دولار في سنة 2023. وفي الأثناء، تعهد السيسي بأن المصريين سيعيشون عصرا جديدا من الرخاء الاقتصادي، وسيتم خلق أكثر من مليون وظيفة جديدة في مناطق تنموية على جانبي القناة، ولكن، وإلى حد الآن، تظهر كل المؤشرات أن هذا المشروع لم يحقق المكاسب المالية المنتظرة.
 
الصحيفة: ميدل إيست آي

الكاتب: كيران كوك

الرابط:

 https://www.middleeasteye.net/columns/dire-warnings-impact-new-suez-canal-mediterranean-1970517965