سياسة دولية

ألمانيا تحذر واشنطن من المساس بتماسك الاتحاد الأوروبي

وحثت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليان على عدم الاستخفاف بالروابط عبر المحيط الأطلسي- أرشيفية
حذرت ألمانيا الولايات المتحدة الأمريكية، الجمعة، من المساس بتماسك الاتحاد الأوروبي والتخلي عن القيم الغربية والسعي إلى التقارب مع روسيا بشكل أحادي.

وحثت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليان أثناء مؤتمر ميونيخ للأمن على عدم الاستخفاف بالروابط عبر المحيط الأطلسي.

قالت إن "أصدقاءنا الأمريكيين يعرفون أن نبرتهم حيال أوروبا والحلف الأطلسي لها تأثير مباشر على تماسك قارتنا"، متابعة أن "اتحادا أوروبيا مستقرا هو لصالح الولايات المتحدة، وكذلك حلفا أطلسيا قويا وموحدا".

وأثارت مواقف ترامب الذي أثنى على قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وانتقد الحلف الأطلسي وتبنى مقاربة أكثر تساهلا حيال روسيا، قلق الحلفاء الأوروبيين ما دفعهم إلى طلب توضيحات من كبار مسؤوليه إن كانت السياسات الأمريكية التقليدية ألغيت بالفعل.

وسعيا إلى تهدئة توتر الحلفاء أرسل البيت الأبيض كبار ممثليه إلى أوروبا هذا الأسبوع.

ومن المقرر أن يخاطب نائب الرئيس مايك بنس مؤتمر ميونيخ السبت غداة تأكيد وزير الدفاع جيمس ماتيس أمام الحضور نفسه أن العلاقة بين ضفتي الأطلسي هي "الحصن المنيع" بوجه انعدام الاستقرار والعنف.

وأكد ماتيس: "إنني على ثقة بأننا سنعزز شراكاتنا ونواجه أولئك الذين يعمدون إلى مهاجمة أبرياء أو آلياتنا الديموقراطية وحرياتنا".

بالموازاة في بون حيث اختتم وزراء خارجية مجموعة العشرين لقاءات استغرقت يومين، أدلى الوزير الأمريكي ريكس تيلرسون بتصريحات مختصرة التزمت الخط الذي تعتمده الخارجية الأميركية لاسيما بخصوص كوريا الشمالية وروسيا.

وفيما يتخبط البيت الأبيض في الجدل حول علاقاته المفترضة بالكرملين بدا تيلرسون حذرا في التعامل مع موسكو رغم تعهد ترامب العمل على تحسين العلاقات معها.

وأكد وزير الخارجية الأمريكي في أعقاب لقائه الأول مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الخميس أن بلاده مستعدة للتعاون مع موسكو فقط في حال كان ذلك لمصلحة الولايات المتحدة.

في ميونيخ حذرت وزيرة الدفاع الألمانية الأمريكيين من الاستخفاف بالعلاقات عبر الأطلسي مؤكدة أن على الأمريكيين ألا يساووا بين حلفائهم الغربيين وروسيا.

وقالت بهذا الصدد: "لا يمكن الوقوف على مسافة واحدة من الحلفاء ومن أولئك الذين يشككون صراحة بقيمنا وحدودنا والقانون الدولي".

وتابعت أنه في حين تسعى الدول الحليفة ككل إلى إقامة علاقة جديرة بالثقة مع روسيا، فعليها ألا "تتجاوز الشركاء عبر مفاوضات ثنائية".

كذلك ذكرت فون در لاين واشنطن بالقيم الأساسية التي اجتمع حولها أعضاء الحلف الأطلسي جميعا، مؤكدة: "لا مكان فيها إطلاقا للتعذيب. وهي تلزمنا بتفادي سقوط أي ضحية مدنية ما يعني توفير الحماية للذين يحتاجونها".

كما انتقدت الوزيرة الألمانية مرسوم ترامب الذي حظر دخول مهاجرين ومواطني سبع بلدان ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة قبل أن يعلق القضاء مفاعيله ويعلن ترامب أنه يدرس إصدار مرسوم جديد.

قالت فون دير ليان: "يجب أن نتفادى تحويل مكافحة (الإرهاب) إلى جبهة (مشتركة) ضد الإسلام والمسلمين، وإلا فإننا نجازف في تعميق الهوة التي تشكل تربة خصبة للعنف والإرهاب".

وحذرت بأنه في هذه الحالة: "سنواجه خطر الغوص في مستنقع أعمق مع تزايد العنف والرعب. من المناسب عوض ذلك البحث عن شراكة مع دول مسلمة وعربية تفكر مثلنا".

وإذا كان ترامب أعلن بعد دخوله البيت الأبيض دعمه التام للحلف الأطلسي، إلا أنه وجه خلال الحملة الانتخابية انتقادات شديدة للحلف معتبرا أنه "عفا عليه الزمن".

كما دافع عن تقنية "الإيهام بالغرق" في الاستجواب، وأشاد مرارا ببوتين داعيا إلى تعاون أكبر مع روسيا، بما في ذلك في إطار التصدي لتنظيم الدولة في سوريا.

وأثناء رئاسة باراك أوباما السابقة أصرت واشنطن على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد ضمن أي حل محتمل للنزاع. لكن ترامب دعا إلى تعزيز التعاون مع موسكو مخففا من أهمية مسألة مصير الأسد.

بدأت مفاوضات جنيف حول تسوية سياسية للنزاع في سوريا في العام 2016 لكن ثلاث جولات من المفاوضات برعاية الأمم المتحدة لم تحقق أي تقدم نتيجة التباعد الكبير في وجهات النظر.

بموازاة ذلك، اتخذت روسيا حليفة دمشق المبادرة على الصعيد الدبلوماسي في الملف السوري بعدما استعادت قوات النظام مدعومة بطيرانها الحربي مدينة حلب من الفصائل المقاتلة، ورعت مع إيران وتركيا محادثات في أستانا عاصمة كازاخستان.

وأفاد مصدر غربي أن تيلرسون كان واضحا للغاية حيال ضرورة توجيه رسائل إلى الروس، وقال المصدر: "شرح لنا أنه لن يكون هناك تعاون عسكري مع الروس طالما أنهم لم ينأوا بأنفسهم عن موقف دمشق بشأن المعارضة".

ويعتبر نظام دمشق جميع الفصائل المعارضة "إرهابية"، وهو ما أكده الرئيس بشار الأسد مجددا في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية نشرت الخميس.