سياسة دولية

ما سر التباطؤ الروسي في دعوة أمريكا لمحادثات أستانة؟

العلي قال إن الروس يمارسون غموضا بناء في التباطؤ بالدعوات- أرشيفية
لا زال الغموض يخيم على مشاركة الولايات المتحدة في مؤتمر أستانة الذي ترعاه روسيا وتركيا بين النظام السوري والمعارضة في ظل عدم وضوح الموقف الروسي من دعوة واشنطن ونفي الأخيرة أن تكون وجهت لها دعوة لحضور المؤتمر.

وتعقد المحادثات في الثالث والعشرين من الشهر الجاري أي بعد مراسم تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة بثلاثة أيام.

وتسعى تركيا من خلال الحوار مع روسيا إلى مشاركة الولايات المتحدة في المحادثات وفقا لما أكده وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو.

ولفت أوغلو إلى أنه جرى الاتفاق مع الروس على دعوة الولايات المتحدة للمحادثات لإشراك جميع الأطراف الفاعلة على الساحة السورية في الحل.

بدورها قالت وزارة الخارجية الأمريكية اليوم الجمعة إن الولايات المتحدة لم تتلق دعوة رسمية لمحادثات السلام السورية التي تنظمها روسيا وتركيا في أستانة عاصمة كازاخستان يوم 23 يناير/كانون الثاني.

وقال المتحدث باسم الخارجية مارك تونر خلال اللقاء الصحفي اليومي: "على حد علمي لم نتلق.. دعوة رسمية للمحادثات".

وقال مصدر مقرب من النظام السوري إن محادثات أستانة تعقد في أستانا في الثالث والعشرين من الشهر الحالي بجلسة افتتاحية وبروتوكولية مع العديد من البلدان المدعوة بينها الولايات المتحدة، كما كانت الحال في العام 2014 في مونترو بسويسرا وبعد ذلك تبدأ المفاوضات حصرا بين النظام والمعارضة بإشراف روسي تركي.

وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو أعلن بشكل مفاجىء الخميس أن روسيا وافقت على ضرورة أن تشارك الولايات المتحدة في المفاوضات بشأن المستقبل السياسي لسوريا المزمع عقدها في أستانة.

وقال تشاوش أوغلو من جنيف: "يجب بالتأكيد أن تتم دعوة الولايات المتحدة وهذا ما اتفقنا عليه مع روسيا".

وعلى الرغم من التأكيد التركي وأطراف مقربة من النظام السوري لمشاركة أمريكية في المحادثات قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه "لا يمكنني أن أوضح ذلك بعد بالتأكيد نحن نؤيد أكبر تمثيل ممكن لكل الأطراف لكنني لا أستطيع أن أجيب بشكل دقيق الآن".

وسبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إشارته لإمكانية توسيع المحادثات لتشارك فيها مصر ودول عربية وإقليمية أخرى مع الحرص على المشاركة الأممية.

ويطرح مراقبون تساؤلات عن مدى إمكانية تهميش الروس للدور الأمريكي في الملف السوري ودلالة التأخر في توجيه دعوة رسمية لواشنطن في حضور المؤتمر واختياره في توقيت تنشغل فيه الإدارة الأمريكية بعملية انتقالية عقب تنصيب ترامب.

الغموض البناء

المحلل السياسي السوري رامي خليفة العلي قال إن مجمع الدعوات الموجهة لحضور محادثات أستانة ما زال يكتنفها الغموض سواء على صعيد المعارضة السورية أو الأطراف الدولية.

وقال العلي لـ"عربي21" إن الروس يسعون من خلال تأخير الدعوة للأمريكان والاستعجال في عقد المؤتمر لمحاولة وضع واشنطن أمام أمر واقع لأي عملية تسوية في سوريا.

وأشار إلى أن الروس ما زالوا يمارسون حتى الآن "الغموض البناء" سواء على صعيد الدعوات للأطراف المشاركة أو على صعيد طبيعة المفاوضات بين النظام والمعارضة.

ورأى العلي أن السياسة الأمريكية تجاه الملف السوري وبعد مرور أشهر على انتخاب ترامب لم تصدر إشارات واضحة حول توجهاتها في الملف السوري وربما يستمر ترامب في السير على خطى الإدارة الأمريكية التي سترحل بعد أيام.

ولفت إلى أن جل حديث ترامب في الوقت الحالي عن إيران والصين وبعض الملفات الدولية بعيدا عن الوضوح في الملف السوري خاصة أنه دفع بأعضاء من أقصى اليمين في إدارته.

على خطى أوباما

واعتبر العلي أن هناك مؤشرات على توجهات ترامب تجاه الملف السوري حين تحدث عن إمكانية الحديث مع الروس بهذا الشأن وهو ما يشير إلى أن سياسة أوباما تجاه سوريا مستمرة.

وحول تزايد النفوذ الروسي وامتلاكه أوراق القوة في سوريا قال العلي إن الروس الآن مع تركيا وإيران لهم نفوذ أكبر في الساحة السورية مع عدم إغفال الأوراق الأمريكية من دعم للمليشيات الكردية وفصائل الجبهة الجنوبية بالإضافة للحرب على تنظيم الدولة.

وشدد على أن الروس "مهما كانوا يمتلكون من أوراق قوة في سوريا إلا أن الدور الأمريكي ما زال من الصعب تهميشه".

وأضاف: "روسيا لديها إمكانية لتغيير بعض المعطيات في الساحة السورية عبر قوتها الكبيرة ونفوذها على النظام لكن الدور الأمريكي أيضا مهم".

وعلى صعيد ترتيبات المؤتمر قال العلي إن حالة الضبابية في دعوة أمريكا انسحبت على كافة الدعوات فما زالت إلى الآن لم توجه سوى للفصائل العسكرية أي أن المعارضة السياسية تم تهميشها حتى الآن.

وتساءل: "هل ستستمر روسيا في تهميش العديد من الأطراف الفاعلة في الملف السوري؟"، مضيفا: "تهميش الائتلاف السوري ووفد التفاوض المعارض رسالة تهميش إلى الأطراف الدولية والإقليمية الداعمة لهم وهو ما يمكن أن يضعف مخرجات المؤتمر".

وأضاف: "إذا ما حدث هذا فإن المفاوضات القادمة ستفشل أو بالحد الأدنى لن تحقق تسوية وستوجد بعض الحلول الهشة غير الفعالة".