ملفات وتقارير

"ديفيد كاميرون" في البحرين: هل يسير على خطى توني بلير؟

المدافعون عن الديمقراطية يخشون من استخدام كاميرون موقعه لتقديم الدعم السياسي للخليج - ا ف ب
كشف موقع "ميدل إيست آي" في لندن، الخميس، عن أن رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون "قام الأسبوع الجاري بزيارة إلى البحرين للالتقاء بولي عهد المملكة وبكبار رجال الأعمال فيها". 

وتأتي هذه الزيارة حسب تقرير الكاتب جامي ميريل، الذي ترجمته "عربي21"، للدور البارز الذي لدافيد كاميرون في تعضيد وتطوير العلاقات البحرينية البريطانية، وعلى إثر نشر تقارير في الفترة الأخيرة تفيد بأن رئيس الوزراء السابق يسير على خطى سلفه طوني بلير وأنه قد أسس شركة خاصة لإدارة شؤونه وأعماله بعد استقالته من رئاسة الوزراء في بريطانيا

 ووصل رئيس الوزراء السابق إلى البحرين، الثلاثاء الماضي، وأجرى محادثات مع ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة، ويذكر أن فترة حكم كاميرون كانت قد شهدت تقاربا متزايدا في الروابط مع البحرين على المستويين الدبلوماسي والعسكري، وذلك على الرغم من استمرار القلق إزاء أوضاع حقوق الإنسان في المملكة. 

واستقبل كاميرون بعد وصوله إلى قصر الرفاع أحد أفراد العائلة المالكة الذي أشاد برئيس الوزراء السابق ورحب بالعلاقات القديمة والراسخة بين البحرين والمملكة المتحدة. 
 
وعبر نشطاء من أنصار الديمقراطية عن قلقهم تجاه الزيارة وسط تكهنات بأن كاميرون، الذي يبلغ من العمر 49 عاما، قد يسعى لاستثمار علاقاته ومعارفه الدولية التي اكتسبها أثناء فترة حكمه. 

وقال الناشط في "بحرين واتش" مارك أوين، في تصريح للموقع اللندني: "خلال فترة عمله رئيسا للوزراء، لم يكن كاميرون يأبه كثيرا بأوضاع حقوق الإنسان في البحرين، والآن، وبدون أي التزامات أو مسؤوليات تجاه منصب رسمي معين، ستجده في الأغلب يسير على نهج توني بلير، مستغلا شبكة علاقاته ومعارفه لجني مكاسب شخصية وتحقيق منافع كبيرة".

وحضر لقاء كاميرون مع ولي العهد البحريني سفير بريطانيا الحالي إلى البحرين سايمون مارتن، مما ذهب بالبعض إلى القول بأن الزيارة ربما كانت تحظى بدعم الحكومة البريطانية. 

واستقال كاميرون من منصبه في رئاسة الوزراء في شهر حزيران/ يونيو بعد أن ساند الطرف الخاسر في الاستفتاء حول الخروج من الاتحاد الأوروبي. 

وقال لموقع "ميدل إيست آي" سيد أحمد الوداعي، مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، المنظمة الحقوقية التي تتخذ من لندن مقرا لها: إنه "أثناء فترة حكم دافيد كاميرون، باعت بريطانيا ما يزيد عن 15 مليار دولار من الأسلحة إلى البحرين والمملكة العربية السعودية وأخفقت بشكل مستمر في ممارسة أي تأثير إيجابي على البحرين". 

وأضاف: "لم يعد كاميرون الآن رئيسا للوزراء، ولا ينبغي له أن يستخدم موقعه السابق، بما كان له من امتيازات، في تقديم المزيد من الدعم السياسي للنظام القمعي الحاكم في مملكة البحرين". 

وأوضح الوداعي أن حضور سفير المملكة المتحدة للاجتماع يثير مزيدا من الأسئلة حول الزيارة، مشددا على أنه "لا يجدر بالمسؤولين السابقين في بريطانيا التحول إلى مرتزقة سياسيين لدى هذه المملكة الخليجية القمعية".

وأشار مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية إلى أنه "بإمكان رؤساء الوزراء السابقين أن يصحبوا في الرحلات الخارجية عددا من ضباط الحماية لا يتجاوز ثمانية، إلا أن العدد الذي رافق كاميرون في زيارته إلى البحرين لا يعتقد أنه وصل إلى هذا الحد". 
 
وقال مصدر في وزارة الخارجية إن "الحكومة البريطانية لم تدفع تكاليف السفر ولا تكاليف الحماية في هذه الرحلة"، ولا يعرف ما إذا كان كاميرون هو الذي تكبد التكاليف أو أن حكومة البحرين هي التي تكفلت بها. كما حاول موقع "ميدل إيست آي" التواصل مع شخص يمثل كاميرون ليعلق على ذلك ولكنه لم يتلق جوابا. 
 
وكان يرافق رئيس الوزراء السابق، والذي استقال أيضا من البرلمان البريطاني بعد ظهور نتيجة الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي لورنس مان، الذي كان يقوم بمهام سكرتيره السياسي عندما كان رئيسا للوزراء ولكنه استمر في العمل معه بعد خروجه من الحكومة بصفة شخصية. 
 
وكان مان قد منح في عام 2015 وساما يعرف اختصارا بـ"سي بي إي" وهو يشغل الآن منصب مدير "مكتب دافيد كاميرون ليمتد"، وهي المؤسسة التي ترعى أعمال ومصالح الزعيم السابق، بحسب ما هو مدون في السجلات الرسمية. 
 
وقام كاميرون خلال زيارته إلى البحرين بزيارة مقر مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين والتقى بوزير المواصلات والاتصالات البحريني. 

ويذكر بأن مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين يقوم بدور مركزي فيما يتعلق بخطط البحرين لجلب الاستثمارات سعيا للنهوض بقطاع الخدمات المالية وقطاع الصناعات غير النفطية فيها. 
 
طريق شاق أمام كاميرون
 
ما من شك في أن كاميرون على دراية بما نال سلفه توني بلير من انتقادات كثيرة حينما راح يعرض خدماته على الناس في الشرق الأوسط. 
 
ونشرت صحيفة "ذي صنداي تايمز" في الشهر الماضي، نقلا عن مصادر قريبة من كاميرون أنه ليس من غير المعتاد أن يؤسس رئيس وزراء سابق شركة تناط بها مهمة شؤونه من أعمال ومصالح. 
 
وسعت الحكومة في وقت مبكر من هذا الشهر إلى التقليل من أهمية ما نشرته صحيفة "ذي ديلي ميل" من أن كاميرون قد يرشح ليكون الأمين العام القادم لحلف شمال الأطلسي (النيتو). 

ويعتقد بأن ديفيد كاميرون ما فتئ يبحث عن دور مناسب ومرموق، كما أشيع بأنه يبحث في إمكانية لعب دور في قطاع التنمية الدولية. 
 
ويواجه رؤساء الوزراء السابقون في بعض الأوقات صعوبة في إيجاد مكان لهم في الحياة العامة بعد مغادرة رئاسة الوزراء، وقد يحتاج كاميرون إلى مباركة "تيريزا ماي" حتى يتسنى له الحصول على دور كبير في الساحة الدولية. ويقال بأنه من غير المحتمل أن يحظى بكثير من الحلفاء في بروكسيل وخاصة بعد الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي. 
 
ومع ذلك، يبدو أن رئيس الوزراء البريطاني السابق يستمتع بوقته منذ أن غادر منصبه، فقد كُشف النقاب قبل عيد الميلاد (الكريسماس) أنه عاد إلى ممارسة هوايته المفضلة السابقة، صيد القطا، والتي كان يصعب عليه ممارستها أثناء فترة حكمه للبلاد لما تثيره من جدل. 
 
وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية قائلا إن "سفاراتنا في الخارج معنية بتقديم المساعدة لرؤساء الوزراء وللوزراء السابقين فقط حينما تدعم زياراتهم أهداف الحكومة البريطانية".

وأضاف: "خلال زيارة كاميرون الأخيرة إلى البحرين، رافق مسؤولون من السفارة البريطانية رئيس الوزراء السابق في بعض الاجتماعات التي دعمت أهداف المملكة المتحدة بشأن التعاون في مجال الإصلاح والدفاع وغير ذلك من المصالح، وقد قدمت هذه المساعدة له دون أن يتكبد دافعو الضرائب أية تكاليف".