أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، الخميس، تقريرا استقصائيا بعنوان "
القتل من علو" حول مقتل الشاب
المصري أحمد مدحت كمال جادو
طالب بالسنة الخامسة كلية الطب جامعة عين شمس.
وأشارت إلى أن وزارة الداخلية المصرية ادعت أن "جادو" لقي مصرعه بعد أن ألقى بنفسه من شرفة الطابق الأول لشقة سكنية تُستخدم في الأعمال المنافية للآداب في أحد الأبنية، أثناء محاولته الهرب من القوات الأمنية في 29 آب/ أغسطس الماضي.
وأكد التقرير أن رواية الداخلية "كاذبة لا تتسم بالمعقولية ولا يدعمها أي منطق علمي، وفي المقابل توافرت أدلة واضحة حول قيام وزارة الداخلية بتصفيته خارج إطار القانون".
واستند التقرير على عدة أدلة أهمها التناقض في أوراق التحقيقات، وتناقض أقوال المتهمين مع محضر الضبط، ثم تراجع المتهمين عن أقوالهم لاحقا أثناء محاكمتهم، حيث قرر بعضهم أن أقوالهم أمام النيابة جاءت تحت التهديد قبل أن تبرئهم المحكمة من تهمة ممارسة الدعارة.
وأضاف التقرير استنادا إلى إفادة أحد الأطباء الشرعيين أن تقرير مصلحة الطب الشرعي الرسمي قد انطوى على تزوير تكشفه المعايير العلمية والفنية، فقد جاء التقرير متبنيا لرواية "الداخلية" بالكامل، ومتشابها مع وصف النيابة وبعض الجهات الإعلامية للجثة، كما استند على شهادات بعض المتهمين وبعض أفراد الأمن.
وخلص تقرير الطب الشرعي الحكومي إلى "عدم وجود شبهة جنائية في وفاة المذكور بناء على أقوالهم، وهو ما لا يصح كون الطب الشرعي كجهة فنية محايدة هو المسؤول عن تحديد ما إذا كان هناك شبهة جنائية من عدمه لا وفق أقوال التحريات".
وبين تقرير المنظمة العربية أنه وبحسب طبيب شرعي مختص عرضت عليه المنظمة بعض صور ومقطع فيديو واضح لجثة القتيل، وكذلك صورة العقار محل الواقعة، والتي توضح الشباك الذي ادعت الداخلية سقوط القتيل منه، أفاد أنه "يُرجح تعرض القتيل للصعق بالكهرباء أو بمواد كاوية"، كما استبعد الطبيب أن تحدث وفاة شخص بالغ إذا ما سقط من مسافة عشرة أمتار -كما ورد بالتقرير- مؤكدا أن المعايير العلمية تنافي ذلك.
وأشار التقرير الاستقصائي إلى أن القتيل كان معارضا سياسيا، وكان مطلوبا على ذمة إحدى قضايا معارضة السلطات، حيث سبق وتعرض للاعتقال على خلفية تظاهرة ضد النظام، واحتجز في 5 آب/ أغسطس 2015، ووجهت له جنحة التظاهر ضد السلطات حملت رقم 33861 لسنة 2015 وأخلي سبيله بعدها بثمانية أيام، ثم حكم عليه فيما بعد بالحبس سنتين وغرامة 50 ألف جنيه، ليظل مطلوبا على ذمة تلك القضية حتى تاريخ مقتله.
وبحسب توثيق المنظمة العربية فإن هناك خمس حالات سابقة لمطلوبين أمنيا تعرضوا للقتل بالطريقة ذاتها، قُتل منهم ثلاثة أشخاص بينما يعاني شخصان من آثار الإصابات البالغة التي أصيبوا بها حتى الآن.
وأوضح التقرير أن عدد الذين قتلوا جراء التصفية الجسدية المباشرة بعد الاعتقال منذ أحداث الثالث من تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن 90 شخصا، منهم 4 أشخاص قتلوا بالطريقة ذاتها (أي بطريقة الرمي من علو).
وتابع: "هذا بالإضافة إلى مقتل 52 شخصا في ظروف ملتبسة، كان أغلبهم معارضين للسلطات، ادعت وزارة الداخلية وفاتهم في تبادل إطلاق النار أو أثناء محاولتهم الفرار من الضبط، إلا أن وزارة الداخلية لم توفر أدلة كافية تثبت مزاعمها حول تلك الوقائع، ولم تفتح أي تحقيقات جادة حولها، وفي الجانب الآخر لم يتوافر في تلك الحالات الحد الأدنى من المعلومات التي تصلح للتوثيق وتقصي حقيقة تلك الوقائع".
ودعا التقرير إلى ضرورة تشكيل لجنة محايدة من أطباء ومختصين بالبحث الجنائي لمراجعة أوراق القضية وإعادة تشريح الجثمان إذا لزم الأمر للوقوف على الحقيقة كاملة، خاصة مع صدور حكم قضائي ببراءة المتهمين مما نسب إليهم، وهو ما يعزز فرضية مقتل أحمد بعد اعتقاله تحت التعذيب ورميه من علو.