بعد العملية التي أدت لمقتل 12 مجندا مصريا في
سيناء، يوم الجمعة، دعا
مصريون قادة الجيش لعدم إرسال المجندين إلى مناطق القتال، وإرسال عناصر الجيش الأساسيين والمتطوعين بدلا منهم.
وتحدث محللون لـ"عربي21"؛ عن أن النظام يرسل هؤلاء العساكر قليلي الخبرة ليكونوا ضحايا الإرهاب، ويستخدمهم كفزاعة للمصريين في الداخل، ولتكون تلك الجرائم بحقهم وسيلة ضغط على دول العالم التي تطالب النظام باحترام الحقوق والحريات في مصر.
تسرب مقاتلين من سوريا وليبيا
من جهة أخرى، قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، إن الهجوم على الكمين في سيناء الجمعة، "جاء عقب تراجع الخط البياني للعمليات الإرهابية في منطقة سيناء، والقضاء على الجماعات الموجودة فيها بنسبة 90 في المئة على الأقل، كما جاء على غير المتبع من التنظيم مؤخرا في هذه المنطقة، حيث اعتمد استراتيجية استهداف القوات غير المتمركزة بعبوات ناسفة، كانت تزرعها خلية من النساء دربت خصيصا من أجل هذا الغرض".
وأضاف لـ"عربي21"؛ أنه "منذ أشهر عادت مجموعة من جماعة التوقف الدمياطية، التي سافرت إلى سوريا، وانضمت إلى لواء المهاجرين والأنصار في حلب، ورصدت أجهزة الأمن مجموعة من الاتصالات مع أحد قيادات داعش في ليبيا، حيث كلف أربع مجموعات بالدخول لمصر، والذهاب لسيناء، وتم القبض على المجموعات كلها عقب عبورها الحدود الغربية"، بحسب فرغلي.
وأشار فرغلي إلى تقارير غربية تحدثت عن أن أجهزة الاستخبارات "رصدت محادثات واتصالات على شبكة الإنترنت بين الراغبين من المصريين بالنفير إلى داعش في العراق وسوريا وبين قيادات داعش، حيث طالبتهم الأخيرة بالنفير إلى سيناء والانضمام إلى تنظيم بيت المقدس لتدعيمهم فى مواجهة الجيش المصري"، وفق قوله.
أين "الأبطال المحترفون"؟
الملف المسكوت عنه منذ سنوات فتحه الكاتب ممدوح حمزة، عبر حسابه على تويتر، حيث قال إثر العملية الجمعة: "حرام نرسل مجندين لخط النار، أين الأبطال المقاتلون المحترفون، فخر الجيش المصري خير أجناد الأرض، ذوو التدريب العالي".
وأضاف في تغريدة أخرى: "أرجو من المختصين أن يوضحوا للناس ما هو تدريب المجند، وكم سلاح تدرب عليه، وكم طلقه ضربها، قبل إرساله إلى جبهه القتال، ولا تقولوا إنها أسرار".
وطالب حمزة بمساءلة وزير الدفاع صبحي صدقي، حيث قال في تغريدة ثالثة: "أرجو من أعضاء مجلس النواب 25/30 استجواب وزير الدفاع؛ لماذا لا يرسل مقاتلي الجيش المحترفين من القوات الخاصة والصاعقة ومثيلهم لسيناء، بدلا من المجندين".
واتهم النظام المصري بالتراخي بعد وصول مدى العمليات إلى وسط سيناء، وهو ما رأى أنه "يعكس إهمالا متعمدا وتراخيا يعيدنا إلى أجواء نكسة 67".
غياب الإرادة والقدرة
من جانبه، علق الأمين السابق للمجلس الأعلى للصحافة في مصر، قطب العربي، على هذا الملف بقوله: "نظام يعاني السيسي من أمرين خطيرين في مواجهته للعمليات المسلحة في سيناء؛ أولهما: غياب الإرادة الحقيقية، وثانيهما: غياب القدرة الفعلية".
وأضاف لـ"عربي21": "غياب الإرادة يتضح في الزج بمجندين وضباط بسطاء لمواجهة تلك المجموعات المسلحة، بينما لو كانت هناك إرادة حقيقية كنا سنرى قوات الصاعقة والمظلات بفرقها التي أرهبوا بها الشعب، الـ777 والـ999 إلخ، وكان يفترض أن يكون صدقي صبحي بنفسه في قيادة العمليات من داخل سيناء مباشرة ومعه رئيس الأركان"، وفق قوله.
وتابع: "أما غياب القدرة، فيظهر في تزايد حجم خسائر الجيش يوما بعد يوم في مواجهته مع تنظيم داعش، الذي يستخدم أساليب الكر والفر غير النظامية".
ورأى العربي، المناهض للانقلاب، أن "الحرب في سيناء بهذه الطريقة تستهدف بالفعل إقناع العالم باستمرار دعمه لنظام السيسي، بدعوى أنه شريك مهم في حرب الإرهاب، وبالتالي تحد من المطالبات الدولية لتحسين حالة حقوق الإنسان"، وفق تقديره.
يقدم نفسه للغرب
أما البرلماني السابق، نزار غراب، فيرى أن أحداث سيناء يمكن تناولها من وجهة نظر السيسي على أنها في صالحه، حتى يقدم نفسه للغرب على أنه "نائب أمين" في مواجهة حركات "المقاومة للتبعية".
وأشار غراب، في حديثه لـ"عربي21"، إلى عجز السيسي على مواجة عناصر
تنظيم الدولة في سيناء، رغم وجود قوات صاعقة بالفعل وعتاد كامل من الأسلحة. وأضاف: "الفشل يلاحقه في كل مكان داخل سيناء؛ نظرا لخصائص المكان وطبيعته ومكوناته"، كما قال.
وهو ما أكده الصحفي المتخصص في الشأن السيناوي، عبد الحليم سالم، الذي قال إن "عمليات العناصر الإرهابية المسلحة تنجح دائما نظرا لطبيعة الأرض ودرايتهم (العناصر) بها، إلى جانب تنقلاتهم الدائمة وقدرتهم على اختيار الأكمنة وتوقيت ضربها، وهو ما يفسر زيادة عدد القتلى من المجندين".
من جهة أخرى، يُرجع غراب زيادة أعداد المجندين بالقوات التي تواجه المسلحين في سيناء، إلى "طبيعة التشكيلات العسكرية، حيث تزيد أعداد
الجنود على الضباط".
"معركة بلا نهاية"
ويؤكد الباحث السياسي عامر عبد المنعم، أن السيسي يريدها معركة لا نهاية لها في سيناء، حتى يواصل تقديم نفسه للخارج كمحارب للإرهاب، كما قال.
وأضاف لـ"عربي21": "توسيع دائرة القتل في سيناء يزيد من عدد الأهالي الناقمين على تعامل الجيش العنيف مع أبنائهم، إلى جانب أن القتلى من الجنود يزيد من ضيق المصريين ويقلل من الثقة في الجيش، وهو ما يزيد المشكلة تعقيدا".
ويرى عامر أن الحل في سيناء سياسي وليس بالقوة، وقال إن ما يجري هناك يتوقف عليه مستقبل مصر، ويحتاج إلى إدارة عاقلة، تعمل على وقف هذه الحرب الملعونة، وتتحرك وفق استراتيجية مدروسة، قائمة على حقائق واقعية، بعيدا عن الاندفاع والخضوع للتحريض الإسرائيلي"، وفق قوله.