لم تتوقف الحملات الصهيونية الفاشية ضد أهلنا في المنطقة المحتلة عام 48، منذ إنشاء الكيان الصهيوني حتى اليوم. قوانين عنصرية تُسنّ سنويا بحقهم، وقد بلغت 142 قرارا. يُضيّق عليهم الكيان، كلّ ظروف الحياة بهدف دفعهم إلى الهجرة من أرضهم ووطنهم دفعا.
الجديد هو إعلان رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، منذ بضعة أيام، أنه يؤيد مبادرة وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، بفرض مقاطعة من مختلف كتل الكنيست الصهيونية، لنواب كتلة "القائمة المشتركة" الوحدوية لفلسطينيي 48، على خلفية قرارها الجماعي بعدم المشاركة في جنازة قاتل الأطفال شمعون بيريس، إذ إن حملة التحريض ما تزال تتواصل في كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية، وفي الحلبة السياسية ضد إخواننا الفلسطينيين هناك. نتساءل: أيّ رئيس وزراء دولة هذا؟ إنه يعبّر فعلا عن حقيقة الصهيونية البشعة. إنه -بالمعنى الفعلي والعملي- ليس أكثر من قاطع طريق وزعيم لعصابة من اللصوص، وشذاذ الآفاق، الذين تتوجب محاكمتهم على جرائم الحرب، التي ارتكبوها وما يزالون بحق شعبنا وأمتنا، أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
ليس غريبا على نتنياهو بالطبع هو وائتلافه مثل هذه التصرفات القبيحة شكلا ومضمونا! كان ليبرمان قد بادر لطلب من رئيس الائتلاف الحاكم في الكنيست، دافيد بيطان، لفرض مقاطعة لنواب القائمة المشتركة الـ13، بحيث يغادر كافة نواب الائتلاف والوزراء القاعة، حينما يلقي أي من نواب القائمة المشتركة خطابا في الكنيست، وتم الاتفاق على التوجه إلى كتلتي المعارضة الكبرتين لتنضما إلى هذا القرار.
وقالت مصادر في محيط نتنياهو إن الأخير قرر أن يطبق هذا القرار شخصيا، وأن يقود المبادرة بين نواب كتل الائتلاف الحاكم. وكان عدد من نواب "القائمة المشتركة" ظهروا في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وأكدوا على موقفهم السياسي من عدم المشاركة في جنازة بيريس، وأنهم ليسوا ملزمين بمشاركة كهذه؛ نظرا لخلفية بيريس وحقيقته السياسية وممارساته العملية.
من جانبه، أكدّ الخبير الحقوقي النائب د. يوسف جبارين، من القائمة المشتركة، في تصريح له، أنه "كان من الطبيعي ألا نشارك بالجنازة أو طقوس الدفن، ولم تكن لدينا أي تأتأة في ذلك. فتاريخ بيريس حافل بسلب حقوق الفلسطينيين ونهب أراضيهم، والتنكر لتاريخهم ولروايتهم. فصحيح أن بيريس كان شريكا لرابين في معاهدة أوسلو، والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، إلا أنه عاد بعد هذه الحقبة القصيرة إلى حضن الإجماع الصهيوني، بل قاد هذا الإجماع لاحقا في حكومة شارون، ثم كرئيس للدولة. لقد لعب بيريس في العقد الأخير دورا تجميليا لحكومات إسرائيل ولسياساتها، خاصة في الساحة الدولية، حيث دافع دائما عن جرائمها واستيطانها، وكل ذلك جاء على حساب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى حساب أي تقدم حقيقي للمفاوضات، حتى أنه تنكّر في ممارساته لاتفاقيات أوسلو التي شارك بها بنفسه"، والتي قزّمت بدورها حقوق شعبنا وأوصلتها إلى الحضيض".
إن موجة التحريض الخطيرة، التي يقودها ليبرمان ونتنياهو وغيرهما في الحكومة الفاشية، ضد أهلنا في المنطقة المحتلة عام 48، تكشف القناع عن المحاولات البشعة لاستغلال عدم مشاركة النواب الفلسطينيين في جنازة مجرم الحرب بيريس، لتكريس التحريض القائم عليهم منذ إقامة الكيان. لطالما طالب الفاشي الكريه ليبرمان أهلنا في منطقة 48، "بالولاء للدولة اليهودية الصهيونية"، وهو الآن يدعو لمقاطعة نوابهم في الكنيست، لأنهم لم يتصرفوا بحسب هذا الولاء، ووفقا لإملاءات الإجماع الصهيوني.
نعم، يتصرف أهلنا في منطقة 48 وفقا لما يطلبه الوفاء للأرض، والانتماء للهوية الفلسطينية وللأمة العربية. إنهم يمثلون الكرامة والكبرياء الوطني، القومي العربي الأصيل، رغما عن أنوف كل الصهاينة الحاقدين الفاشيين العنصريين، واليمينيين الترانسفيريين.
الشرق القطرية