توجهت عائلات مسيحية تقطن أحياء دمشق القديمة بسوريا، إلى كنائس المنطقة لتسجيل أسماء أفرادها كراغبين في بيع منازلهم وممتلكاتهم، في خطوة تمهيدية للهجرة عن دمشق التي قطنوها منذ عشرات العقود، بحسب مراقبين.
وقال كاهن كاتدرائية سيدة النياح للروم الملكيين الكاثوليك "مكاريوس قلومة"، إن الذي دفع مسيحيين في دمشق إلى التفكير بالهجرة؛ هو "الانحطاط الأخلاقي، وانتشار المشروبات الكحولية والنوادي الليلية" وغيرها من المظاهر التي غزت الأحياء المسيحية خلال الأشهر الستة الأخيرة، وسط تراخي ومماطلة النظام السوري في مكافحة ذلك.
وأضاف قلومة في لقاء تلفزيوني أجرته معه محطة "تيلي لوميار" اللبنانية: "لقد اضمحلت القيم في هذه المنطقة التي لطالما تميزت بطابعها المسيحي-الإسلامي، واندثرت حضارتها الأثرية العالمية، وتحولت إلى بؤرة للفساد والنوادي والمقاهي والفنادق الليلية".
وأوضح أن "هنالك تزايدا في وتيرة
الفساد، كارتفاع أصوات الموسيقى الصاخبة والمزعجة حتى ساعات متأخرة من الليل، وإثارة المشاكل من قبل
السكارى الخارجين من المطاعم والبارات، إضافة إلى تفشي ظاهرة التعدي على الأملاك العامة من أرصفة وطرقات وحدائق، ما أدى إلى نفور أهالي المنطقة، ودفع إلى توسل الكنيسة من أجل بيع بيوتهم، والمغادرة إلى مناطق أخرى، حفاظا على قيمهم وعائلاتهم".
"دعارة" في المناطق العامة
بدوره؛ قال الناشط الإعلامي الذي يقطن دمشق، عروة إسماعيل، إن أحياء دمشق القديمة "الإسلامية والمسيحية" تغص بعشرات المقاهي والنوادي الليلية غير المرخصة.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هذه المقاهي والملاهي تعود ملكية غالبيتها إلى أبناء مسؤولين حكوميين وأمنيين وعسكريين في النظام السوري، ويغيب عن أجوائها العامل الأخلاقي بالمطلق".
وتابع: "أما العامل القانوني؛ فكل صاحب نادٍ أو مقهى يعتبر نفسه هو القانون، بسبب مكانة آبائهم العسكرية والأمنية لدى نظام الأسد".
وأشار إسماعيل إلى أن "هذه البارات التي لا تغلق أبوابها إلا مع سطوع الشمس، وتشهد فلتانا أخلاقيا لا يمكن وصفه"، مستدركا بالقول إنه "يمكن وصفه في بعض الحالات بأنه دعارة في المناطق العامة".
وقال إن سكان المنطقة يعانون من "إطلاق الرصاص العشوائي المتكرر خلال ساعات الليل؛ من قبل عناصر مليشيات الدفاع الوطني، والمليشيات العراقية كـ"أبي الفضل العباس"، مضيفا أن "المشاجرات بين المتعاطين للمخدرات والسكارى باتت حوادث يومية، حيث أصبح أهالي هذه المناطق يمتنعون عن الخروج من منازلهم مع حلول ساعات المساء، تفاديا لممارسات مرتادي هذه الحانات والبارات".
وأوضح أن هناك حوالي 150 عائلة مسيحية تقطن المنطقة، مشيرا إلى أن "نسبة لا بأس بها منهم بدأت تعرض أملاكها للبيع، بهدف الهجرة من الواقع المأساوي الذي آلت إليه المنطقة".
وأكد إسماعيل أن "إحصاء 12 حالة بيع أقدمت عليها عائلات مسيحية حتى الآن، وسط غياب تام للنظام السوري عما يجري، الذي يبدو أنه يتبنى سياسة التهجير المتعمد للمسيحيين؛ من خلال إطلاق يد الشبيحة الموالين له على الأهالي".