ملفات وتقارير

لماذا تستهدف "إسرائيل" المؤسسات الدولية في غزة؟

اعتقل الاحتلال محمد الحلبي ووحيد البرش في إطار استهدافه للمؤسسات الدولية في غزة- عربي21
تسعى "إسرائيل" إلى تشويه المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة، ووسمها بـ"الإرهاب"، ما يترتب عليه تشديد الحصار على القطاع المحاصر أصلا منذ 10 أعوام، بحسب مراقبين.
 
ووجهت "إسرائيل"، الخميس الماضي، لمدير مكتب مؤسسة "الرؤية العالمية" في قطاع غزة، محمد الحلبي، الذي اعتقلته في 15 حزيران/ يونيو الماضي، تهمة نقل "عشرات ملايين الدولارات إلى حركة حماس".

ونشر جهاز الأمن الإسرائيلي "الشاباك" أمس الثلاثاء، تفاصيل اعتقال المواطن في قطاع غزة، وحيد البورش، بتهمة "العمل لصالح حركة حماس، في إطار عمله بمؤسسة تابعة للأمم المتحدة (UNDP)"، وفق موقع "المصدر" الإسرائيلي، وهو ما نفته الحركة في تصريح سابق لـ"عربي21"، مؤكدة أن "اتهامات الاحتلال كاذبة، وليس لها أساس من الصحة".

وقال خبير الاقتصاد السياسي، عادل سمارة، إن "كافة المؤسسات الدولية لا تأتي للعمل في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة؛ إلا بإذن إسرائيل، وبالتالي هم يقبلون على أنفسهم العمل تحت مظلة الكيان الصهيوني".

وأضاف لـ"عربي21" أن هذه المؤسسات "تسير وفق الأجندة التي يفرضها الاحتلال عليها، وهي تمنحه فرصة التدخل في شؤونها، وتقرير مصير عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وأوضح سمارة أن هجمة الاحتلال على تلك المؤسسات "رغم أنها تعمل تحت مظلته"، تأتي من باب أن "إسرائيل تقصد إبادتنا كشعب فلسطيني، وعليه فإن أي طرف يقدم لنا خدمة، حتى ولو كانت تجميلية؛ يجب أن يضرب"، مؤكدا أن "ما يدفع الاحتلال لمثل هذه الأساليب الإرهابية والعنصرية؛ هو تراخي الأمم المتحدة، والمرونة التي تقدمها لصالح إسرائيل".

وتابع: "في هذا الوضع الدولي والعربي المتردي؛ يعمل الاحتلال على قطع الأكسجين عن قطاع غزة المحاصر، الذي يحاول حماية نفسه من إرهاب وعدوان دولة الاحتلال".

أعمال تجميلية

وحول الدور التنموي الذي تقوم به المؤسسات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية؛ أكد سمارة أنها لا تقوم بعمل تنموي بالمفهوم الحقيقي، "فالتنمية تحتاج لسيادة وطنية وحكومة ذات دور فاعل ووطني"، واصفا أعمال هذه المؤسسات بـ"التجميلية".

وقال سمارة، الذي عمل في مؤسسة "UNDP" لمدة ثلاث سنوات، وكان يشغل فيها مسؤول قسم دراسات الجدوى بمدينة القدس المحتلة: "لم نتمكن من إقامة أي مشروع حقيقي لصالح الفلسطينيين، وإن أي مشروع نفكر في تنفيذه؛ يجب أن ينال موافقة الجانب الإسرائيلي".

من جانبه؛ أشار المختص في الشأن الإسرائيلي، عمر جعارة، إلى أن "مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، داني دانون، وخلال مؤتمر شعبي كبير، أكد أن المؤسسات الدولية تعادي إسرائيل"، لافتا أيضا إلى أن "رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وصف في خطابه الأخير في هيئة الأمم المتحدة؛ هذه الأخيرة بأنها معادية لإسرائيل".

وقال لـ"عربي21" إن "إسرائيل الآن تزعم أنها حصلت على أدلة لما صرح به نتنياهو ودانون؛ بعد اعتقال الحلبي والبرش"، موضحا أنها "تريد أن تثبت أن العالم كله يعمل ضدها".

وأضاف جعارة أن الاحتلال يعمل عبر تلك السياسة على "إحكام الحصار على القطاع بشكل أكبر، وعدم السماح بسير الحياة في غزة بشكل طبيعي".

عرقلة الحياة الاقتصادية

من جهته؛ أكد المحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن هناك "تصعيدا إسرائيليا ضد الحياة الاقتصادية في قطاع غزة؛ من خلال استهداف المؤسسات الدولية التي تعمل على التخفيف من معاناة الفلسطينيين من خلال تبني بعض المشاريع الإنسانية".

وقال لـ"عربي21" إن "الاحتلال يقوم الآن بإرباك وتشويه العملية الإنسانية بطرق خبيثة، عبر الخلط بين القطاعات الفلسطينية التي تتواصل مع المؤسسات، وبين المقاومة، وفي ذات الوقت يريد أن يحمل حركة حماس مسؤولية ذلك".

وأوضح المدهون أن الاحتلال "يسعى لعرقلة العمل الإنساني في القطاع؛ عبر افتعال ضجة إعلامية كبيرة، ظهرت جليا بعد إعلانه اعتقال واحتجاز عاملين في مؤسستين كبيرتين خلال أقل من شهر"، لافتا إلى أن الاحتلال يعتمد سياسة "التشكيك، وضرب مفاصل العمل في تلك المؤسسات الإغاثية والخدماتية".