الصين تواصل انتهاكاتها بحق المسلمين الأويغور- أرشيفية
علقت مجلة “تايم” الأمريكية على زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الثلاثاء لمسجد في إقليم نينغشيا غرب الصين، مشيرة إلى أن الرئيس، الذي يقود الحزب الشيوعي الذي يؤمن بالإلحاد، أثنى على المسلمين، ومشاركتهم الثقافية الغنية، وجهودهم لمكافحة الفقر.
وينقل التقرير عن الرئيس قوله إن “الأديان في بلدنا، خاصة القديمة، وتلك التي جاءت من الخارج، أصبحت متجسدة في الثقافة الصينية، التي يعود تاريخها إلى خمسة آلاف عام”، لافتا إلى أن الرئيس كان يتحدث في ينشوان عاصمة الإقليم، بحسب ما أوردت صحيفة “تشاينا ديلي” الناطقة باللغة الإنجليزية.
وتستدرك المجلة بأن الرئيس أضاف تحذيرا للثناء، وحث قادة المجتمع المسلم على “مقاومة الاختراق الديني غير القانوني”، لافتة إلى أن تقريرا جديدا نشر يوم الأربعاء، قال إن هناك 114 شخصا من إثنية الإيغور انضموا لتنظيم الدولة، وبعضهم من إقليم شينجيانغ.
ويورد التقرير، الذي ترجمته “عربي21”، أنه بحسب تقرير مؤسسة “نيو أميركان فاونديشن”، ومقرها واشنطن، فإن سياسات بيجين أسهمت بدفع المسلمين الصينيين للانضمام إلى تنظيم الدولة، كون ذلك وسيلة للشعور “بالانتماء”، مشيرا إلى أن المؤسسة قامت بتحليل حوالي 3500 وثيقة دخول إلى مناطق تنظيم الدولة.
وتذكر المجلة أن تقرير المؤسسة يؤكد الشكوك بوصول أشرطة ودعاية تنظيم الدولة إلى إقليم شينجيانغ، لافتة إلى أن المتشددين الإيغور عادة ما انجذبوا للقضايا الإسلامية، والجهاد في باكستان وأفغانستان، والآن في سوريا والعراق وتركيا.
ويلفت التقرير إلى أن المتطرفين الإيغور استخدموا الأساليب الدموية من أجل الحصول على الاستقلال والحكم الذاتي من الصين، في أعقاب سلسلة من التفجيرات، ومحاولات اختطاف الطائرات في التسعينيات وبداية القرن الحالي، منوها إلى أنه في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، انفجرت سيارة في ساحة تيانامين في العاصمة بيجين، ما أدى إلى مقتل خمسة، وجرح العشرات، وفي آذار/ مارس 2014، قام مهاجمون بطعن عدد من الركاب في محطة كونمينغ في إقليم يونان، ما أدى إلى مقتل 29 شخصا، وأربعة من المهاجمين.
وتقول المجلة إن “أسباب العنف معقدة، حيث إن العشرة ملايين من الإيغور مرتبطون عرقيا ودينيا ولغويا وجغرافيا بالشعوب التركية في وسط آسيا، أكثر من الجماعات الإثنية الصينية، خاصة عرق الهان، وتعد شينجيانغ منطقتهم الفقيرة،، وذات الكثافة السكانية القليلة، مصدرا للثروات الطبيعية، وتحتوي على مخزون الصين الأول من النفط والغاز الطبيعي والفحم الحجري، وجذبت تلك المنطقة الملايين من الصينيين الهان في السنوات الأخيرة، وفي الوقت الذي تزعم فيه السلطات بأن هذه الهجرات أدت إلى زيادة مستويات الحياة، إلا أن المسلمين في جنوب الإقليم يشتكون من التهميش والاضطهاد، واضطر الآلاف للهروب من المنطقة خلال السنوات الماضية”.
ويفيد التقرير بأنه في الوقت الذي تنجذب فيه نسبة ضئيلة جدا من السكان للإرهاب، إلا أن “عدد السكان المحرومين والمعزولين من الدولة الصينية في تزايد مستمر”، بحسب الخبير في شؤون الإيغور في الكلية الوطنية للأمن في أستراليا البروفيسور مايكل كلارك.
وتنوه المجلة إلى أن “المسجد الذي تحدث فيه الرئيس الصيني يوم الثلاثاء لا يرتاده الإيغور، فإقليم نيغيشيا هو موطن 2.4 مليون مسلم من طائفة الهوي، وهي عرقية مختلفة ذات هوية ثقافية مختلفة، ويوصف أبناؤها بأنهم من المسلمين (الهان)، مع أن الباحثين لا يزالون يناقشون فيما إن كان الهوي يصنفون على أنهم إثنية متميزة، وأخذ الهوي تاريخيا حظهم من الاضطهاد والإبادة، مع أنهم اليوم مندمجون في المجتمع الصيني”.
ويستدرك التقرير بأن هناك “مخاوف من الخلط بين الهوي والإيغور، والبحث عن وسائل لمعالجة مشكلاتهم، ففي الوقت الذي يشعر فيه الهوي بالراحة لممارسة نموذج من الدين الإسلامي بشخصية صينية، يشتكي الإيغور من اختفاء تقاليدهم، ومن القيود التي لا تحتمل لممارسة دينهم، فهم ممنوعون من استخدام لغتهم في المدارس والمؤسسات التعليمية، وحتى من إطالة لحاهم”.
ويقول كلارك: “لم تساعد الدولة الصينية نفسها، وهناك مدى واسع من العوامل التي من الممكن أن تدفع السكان الإيغور نحو التشدد الكبير”.
وتكشف المجلة عن أن “مشكلة الإيغور بالنسبة للرئيس الصيني تتكون من شقين، حيث إن عودة مقاتلين إيغور محترفين من مناطق القتال في الشرق الأوسط تظل مشكلة أمنية، وفي الوقت ذاته تؤثر في سياسة الرئيس جين بينغ (حزام واحد وطريق واحد)، التي تقوم على إحياء طريق الحرير، الذي يعود إلى رحلة ماركو بولو ومغامراته في القرن الـ13 الميلادي، ومحاولة عقد صلات تجارية، تمتد من شرق آسيا إلى غرب أوروبا، ودون حدود مترابطة وآمنة فإن المبادرة تعد ميتة قبل ولادتها”.
ويجد التقرير أنه بتجاهل المظالم الثقافية ومحاولة حل مشكلة الإيغور مثل الهوي، عبر الطرق الاقتصادية والأمنية، فإن حكومة جين بينغ تتسبب بخلق صداع أمني واقتصادي.
وتختم “تايم” تقريرها بالإشارة إلى قول كلارك: “يبدو أن الحزب الشيوعي الصيني اتخذ قرارا يحل المشكلة من خلاله، وذلك عبر ضخ المال والاستثمار الاقتصادي، لكن هذا القرار يتجاهل الدافع الأول للنزاعات الإثنية وسياسة الهوية بشكل عام”.