كتاب عربي 21

كيف تصبح مليونيرا في مصر؟

1300x600
في بلاد العالم المتقدمة كي تصبح مليونيرا ليس لك إلا طريق واحد هو طريق الجد والاجتهاد سواء أكنت تاجرا أم عالما، وفي الغالب تكون الحكومة شريكة لك في الأرباح بالضرائب التي تفرض على أعمالك والتي تبلغ أحيانا 40% من أرباحك. 

أما في مصر فإن الحكومة تساعدك أن تكون مليونيرا بطرق عديدة فسنتحدث عن أحدثها، وهي طريقة جميلة وبسيطة ولا تحمل في طياتها أي مخاطرة أو مغامرة، فالمكسب مضمون وأن تصبح مليونيرا أمر لامناص منه والحكومة ستعفيك من الضرائب أيضا أي أنك ستصبح مليونيرا بأمر الحكومة. 

كل ماعليك عمله هو أن تقوم بالحصول على قرض كبير- حسب رغبتك في الحصول على كم مليون- فكل ماعليك أن تأخذ القرض بنسبة 12.5% من البنك ثم تقوم بشراء أذون الخزانة من وزارة المالية الحكومية التي تعطيك فائدة 15.2% أي أنك ستتحصل على صافي فائدة مقدارها تقريبا 3%، ولو كنت من الكبار في مصر وتحصلت على قرض مليار جنيه فإنك ستحصل على فائدة فقط وهي 30 مليون جنيه، أي أنك ستحصل ثروة مقدارها 30 مليون جنيه وأنت لم تتحمل أي مخاطر من الخسارة أو تحمل كساد البضاعة أو ضعف الطلب في السوق أو شدة المنافسة أو أي من العوامل الأخرى، الأعجب من ذلك أن هذه الأرباح لا تخضع للضرائب لأنها ناتجة عن المكاسب في البورصة. 

أقول ذلك ومحافظ البنك المركزي المصري قد صرح بأن 15 من عملاء البنوك تحصلوا على قروض بمقدار 50 مليار جنية من البنوك. 

أي أنه ببساطة للغاية يمكن لأي من هؤلاء المقترضين أن يتحصلوا فقط على فوائد من جراء إقراضهم هذه الأموال فقط للحكومة لشراء أذون الخزانة فقط ستحقق من خلالها الملايين من الجنيهات

كل ما تحتاجه حتى تكون مليونيرا علاقة معرفة بأي من موظفي البنوك أو أن تكون عضوا في البرلمان أو أن تكون من أصحاب الحظوة في النطام فستكون مليونيرا سريعا ومحظوظا لأنك لن تدفع ضرائب وفقا للقانون. 

والعجيب ان عديد من الخبراء المصرفيين يقولون ان البنك المركزى رفع سعر الفائدة حتى يتجنب التضخم وكسياسة نقدية ناجعة للسيطرة على ارتفاع الاسعار، وذلك بعد القفزة التي شهدها معدل التضخم كما اكد ذلك الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن معدل التضخم السنوي ارتفع إلى 12.3% في مايو الماضي مقابل 10.3% في أبريل الماضي. 

ومن المعلوم ان رفع سعر الفائدة لايمكن بحال من الاحوال ان يكافح التضخم فى حالة الركود التضخمى الذى تشهده مصر فى الاونة الاخيرة ففى مصر يجتمع ارتفاع الاسعار وتدهور احجام المبيعات لرجال الاعمال والتجار فى مصر فرفع سعر الفائدة فى هذه الحالة سيكون له اثر سلبي للغاية على الاستثمار المحلى فزيادة سعر الفائدة حتما سيشجع الافراد على ايداع اموالهم طالما ان البنك يعطى سعرا اعلى للودائع اكبر من الاستثمارات، وانخفاض الاستثمارات حتما سيؤدى الى انخفاض فرص العمل والتشغيل ومن ثم دخل المواطن وهو ماينعكس على تدهور الدخول وفرص العمل. 

ما لم يرد محافظ البنك المركزي قوله هو أن رفعهم لسعر الفائدة لثلاث مرات متتالية خلال 3 شهور هو للحيلولة دون هروب الودائع من الجهاز المصرفي فانهيار الجنية في الاونة الاخيرة جعل الافراد تلجأ الى كسر ودائعها والاحتفاظ بها اما بالعملات الصعبة او بالذهب او بشراء عقار من العقارات حتى يحافظ على قيمة الاموال فضلا عن تحقيق مكاسب من وراء الارتفاع في الاسعار، وفي كل هذه الاحوال فان قرارات المصريين الاقتصادية تعد صورة من صور الاكتناز وليست صورة من صور الاستثمار، فشراء الذهب او اليورو او الدولار او حتى عقارا هو فى النهاية لن يزيد فرص العمل ولن يزيد من الانتاج وبالطبع الارباح، وسيهدر العديد من فرص العمل على الاقتصاد وسيرفع اسعار هذه الاصول مما يجر الاقتصاد كله نحو التضخم والذى بطبيعته يعمل على تأكل الجنية المصرى الذى يتدهور فعليا مع زيادات الاسعار. 

إن هذا الجو الاقتصادي العام في مصر سيدفع إلى مزيد من الانكماش والهبوط على المستوى الاقتصادى الكلي، وتزايد السمسرة في العقارات وزيادة حدة المضاربات في السوق، وزيادة أرباح تجارة العملة، وهذا كله لاتعيره الحكومة أي اهتمام طالما أن هناك مليونيرات تصنعهم على أعينها و لا عزاء للفقراء.