صحافة دولية

ميديا بارت يحلل حال جهاديي المغرب والملتحقين بـ"الدولة"

انتقل اللوهابي من الرياضة إلى القتال في صفوف تنظيم الدولة في سوريا
نشر موقع ميديا بارت الفرنسي تقريرا، أشار فيه إلى أن الصراع السوري الدائر اليوم يغري الكثيرين من المغاربة للالتحاق به، حتى أصبحت المغرب في المرتبة الثالثة عربيا من حيث عدد الملتحقين بالحرب في سوريا والعراق، فقد بلغ عددهم 1500 شخص. 

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن السلطات المغربية لم تشدد الرقابة على مواطنيها الملتحقين بمواطن التوتر في البداية، ولكنها اليوم تفرض رقابة مشددة على الحدود، خاصة على هؤلاء العائدين من هناك؛ خوفا من تنفيذهم عمليات داخل المغرب.

وقد ذكر الموقع بعض الأمثلة عن مغاربة التحقوا بتنظيم الدولة، ولم يخطر في بال أحد من معارفهم أو السلطات الأمنية أن يقوموا بهذا الأمر، مثل الرياضي حسن السمعة، حاتم اللوهَابي، المعروف بـ"حلاوة"، وهو من مدينة تطوان بشمال المغرب. وقد سبق أن شارك هذا اللاعب مع المنتخب الوطني المغربي لكرة قدم القاعات. 

ولكنه في الصيف الماضي قرر الالتحاق بتنظيم الدولة، وبعد بضعة أشهر في أيار/ مايو 2016 أعلن موقع محلي مقتله خلال معارك بين التنظيم وقوات النظام السوري.

كما ذكر الموقع قصة التحاق مراد الدردري، أستاذ العلوم الطبيعية، وهو أيضا من مدينة تطوان، التي لديها النصيب الأوفر في عدد الملتحقين بالقتال في سوريا والعراق، والذي قتل في ظروف مشابهة لحالة حاتم اللوهَابي. والاثنان لم تكن تظهر عليهما أي ميول تجاه الالتحاق بالتنظيمات المسلحة، ولكنهما "ضحايا التهميش المجتمعي"، كما يقول الموقع.

فمع معدلات بطالة مرتفعة، وقلة الفرص، والحراك السلفي الموجود بقوة، فإن عدد الراغبين في "الجهاد" في مدينة تطوان مرتفع جدا. فمجرد المشاركة مع تنظيم الدولة يعدّ نجاحا بالنسبة لهم، بالإضافة للفوائد المادية التي سيجنونها.

وقد أكّدت السلطات المغربية تفكيكها لأكثر من ثلاثين خلية مسلحة منذ بداية الصراع في سوريا. ووفق المكتب المركزي للتحقيقات القضائية الذي تأسس في آذار/ مارس 2015 في المغرب، والمكلف بمحاربة الجريمة والإرهاب، فإن قرابة 300 مغربي قتلوا في سوريا، إلى جانب نحو 40 قتلوا في العراق.

ففي بداية الأزمة السورية، سافر العشرات إلى سوريا، دون أن يجدوا أي صعوبات، ينتابهم في ذلك هاجس القضاء على نظام بشار الأسد، والمشاركة في الحرب الموعودة في أرض الشام. 

ومن بين هؤلاء الملتحقين بالحرب في سوريا والعراق يوجد سجناء مغاربة غادروا البلاد في أول أيام إطلاق سراحهم، وهذا ما أكده عبد الوهاب الرفيقين، السجين السابق، والمعروف بلقب "أبو حفص"، حيث قال: "العديد من الجهاديين لم ينتظروا أسبوعا واحدا بعد إطلاق سراحهم"، تملؤهم أفكار محاربة الغرب وأخذ حيز في الصراع السوري.

ونقل الموقع عن الباحث كايي رومان، تحليله لهذه الظاهرة، فقال: "مرت هذه الظاهرة بثلاث مراحل: أولها الدافع الذاتي لحماية الشعب السوري، من ثم كانت الموجة الثانية مع تكوين المجموعة الجهادية المغربية "حركة شام الإسلام" في صيف 2013. أما الموجة الثالثة فكانت بغرض الالتحاق بتنظيم الدولة".

في صيف 2013 قام إبراهيم بنشقرون، بإنشاء مجموعة جهادية تتكون في مجملها من جهاديين مغاربة في اللاذقية السورية، بمساعدة محمد معزوز ومحمد علمي، وهما سجينان سابقان بتهمة الإرهاب في المغرب سنة 2007. وقد قتلا في نيسان/ أبريل 2014 أثناء معارك مع جيش النظام.

وذكر موقع ميديا بارت أنه في سنة 2014 شعر المقاتلون المغاربة بخيبة الأمل، وأصبحوا يبحثون عن السبل لمغادرة سوريا، وهم يدركون خطورة العودة إلى المغرب لاحتمال تعرضهم للاعتقال.
 
وقد نقل الموقع عن أحد سكان مدينة فاس المغربية أنه بعد أن غادر أخوه المغرب متوجها إلى سوريا عبر تركيا، وذلك بنية "مساعدة الشعب السوري"، أصيب هذا الأخير بخيبة أمل عندما وصل على أرض المعارك، خاصة عند مشاهدته الصراع القائم بين الجماعات الجهادية.
 
وعلى الرغم من أنه لم يمكث في سوريا أكثر من عشرة أيام، إلا أن السلطات المغربية سجنته بعد عودته. وقد تساءل شقيقه قائلا: "هل أصبح أخي إرهابيا بين ليلة وضحاها وقد مكث أسابيع في المغرب حرا بعد عودته؟".
 
وقال الموقع إن أبا حفص، المتهم بتفجيرات 16 أيار/ مايو 2003 في المغرب، تم إطلاق سراحه بعد المظاهرات التي نظمتها حركة شباب 20 شباط/ فبراير 2011، بعد أن مكث في السجن 9 سنوات؛ بتهمة إلهامه مرتكبي تلك التفجيرات. وقد أبدى أبو حفص، على عكس نظرائه، معارضته للجهاد في سوريا، واعتبر المشاركة فيه دخولا في لعبة دولية معقدة لا يمكن توقع نتائجها.
 
وقد حمّل أبو حفص المجتمع الدولي مسؤولية الموجة الأولى من الذين سافروا إلى سوريا. وقال إنه لا يمكن فهم الظاهرة إلا عند وضعها في سياقها الزمني، وأضاف متأسفا: "أغلب الشباب ذهب إلى سوريا بعد ما شاهده في مؤتمر القاهرة".
 
وأفاد الموقع بأن قرابة 250 مغربيا عادوا من مناطق النزاع في سوريا والعراق، ليجدوا أنفسهم في السجون، كما أن المعلومات التي تكشف للعموم عن محاكمات هؤلاء نادرة جدا.

وذكر الموقع أن عودة الجهاديين من سوريا أسرع من أن يستعد لها المغرب؛ لأن المشكلة الحقيقية اليوم هي هؤلاء الذين تأثروا بإيديولوجية تنظيم الدولة من دون أن يسافروا لا إلى سوريا ولا إلى العراق.