كيف نفسر معاداة أصحاب المشأمة للثورة السورية.. فليس لنا سوى صديقين حقيقيين من أصحاب الميمنة، أرض أرض، وهما ممنوعان من نصرتنا أرض جو.
في فيلم الترمينتور الأمريكي، اخترع صناع هوليود وحشا من خيال الإثارة والتشويق، نصفه العلوي حشرة، ونصفه السفلي ابن آدم، الوحش السينمائي مصنوع للقتل الصافي و"الراقي" بالتحكم من بعد. يقتل الوحش فرقة أمريكية كاملة في إحدى الغابات باستثناء البطل الذي يمثله أرنولد شوارزينغر، الذي يكتشف بالمصادفة أن الوحل يجعله مستورا عن عين الوحش الثاقبة التي تتحسس الحركة بالأشعة، فيقوم بالانتقام لنفسه وبقية الفرقة الشجعان من وحش مدجج بالأسلحة والذخائر والقوة. الثعبان وحش أيضا وهو يرى فريسته بلسانه، لسانه هو بصره، يتحسس ضحيته بالأشعة تحت الحمراء فيقصدها ويقنصها ويبلعها. في الحكايات العربية الإخفاء والاستتار عن البصر يكون بطاقية، الطاقية غطاء الرأس وفيه العقل، إذا تمت تغطية العقل بخمر العنب أو بخمر الدين والحقد غاب معه البصر والبصيرة، أما الوحل في حكاية الفيلم الأمريكية، فيعبر في الأدبيات العربية والغربية أيضا عن الدنس والقذارة. فبأي وحل دهن النظام السوري نفسه حتى غابت جرائمه عن عين الغرب الترمينتور.
السؤال: لمَ لا يرى هذا العالم المتحضر دماءنا وآلامنا التي تملأ أنهارا ووديانا؟ ويرى فقط رجلا مكلوما أو ثائرا، أو غاضبا أو متوحشا حاول أكل كبد عدوه؟ قبل قصة الكبد لم يكن هذا العالم الترمينتور يرى أيضا سوى بعينه تحت الحمراء .
كل يوم تَرِد على الصحافة مئات الصور الدامية من سوريا التي تقصف من قبل دول عظمى، و من لدن نظام عظيم مؤمّن ومعاذ بالفيتو! يوميا تنهال صور تتفطر لها قلوب الحجارة القاسية، فلا يرف لهؤلاء الذين يقودون العالم جفن! هؤلاء لهم أعين بلا جفون كعين السمكة.
أمس أبدى الأمريكان قلقهم من قصف مخيم كمونة للنازحين على الحدود التركية، وعدّوه أمرا غير مبرر، ثم صححوه بتصريح أشد فكاهة ولؤما قائلين، إنهم لا يعرفون الطرف المذنب، فلعل جبهة النصرة هي التي قصفت المخيم بطائراتها وأساطيلها! بل إن القاصف صار في نشرات إخبارية ألمانية جبهة النصرة حتما مقضيا. كثيرون من أصحاب العقل والبصيرة يظنون أن جبهة النصرة لو تخلت عن ارتباطها بتنظيم القاعدة لنالت الرضى وقلّ لها العدا، وأظن أنهم واهمون بغض النظر عن صواب أفعال جبهة النصرة أو ضلالها. أمس قصفت قوات أمريكية الملا منصور زعيم طالبان، وأفادتنا الأخبار أن أوباما، البطة العرجاء، التي تبحث عن عمل بعد انقضاء فترة الرئاسة، وقّع بنفسه على العملية!
الإرهاب عند هؤلاء هو إسلامي فقط، أما الأسد فديكتاتور، والديكتاتور عند الغرب وظيفة أو مهنة أو قدر، والديكتاتور يجيد الإنكليزية ويرتدي الزي الأوروبي، وعلماني وملحد وحليق، كما صرح لإحدى الجرائد، وليس مثل الملا منصور ملتح ويجاهد الاحتلال، الديكتاتور وزوجته سافرة ومواطنة بريطانية أي إنه صهر بريطانيا ويحارب داعش و"نور عينينا".
كل الفصائل المقاتلة الثائرة إسلامية، ليس فيها فرقة واحدة اسمها فرقة حسب الله، أو فرقة بمبة كشر، أو فرقة تشي غيفارا، الذي كان يحبُّ السيكار الكوبي وجعلته "الميديا" رمزا عالميا معبودا، وكل الفصائل ترفع شعار الله أكبر "النووي" الذي يبغضه الغرب.
بشار الجعفري طالب المعارضة بموقفها من تحرير الجولان! السؤال هو سؤال إسرائيلي، وليس سؤالا سوريا، فالأسد كان قد حفظ الجولان برمش عينه اللي جارحني .. حتى يمارس المحتل الإسرائيلي رياضة التزلج على آلام الشعب السوري، لو أطلق طلقة واحدة لكنا عذرناه في السؤال عن الجولان، وهذه كوميديا. الأسد سيحرر الجولان بعد تحرير سوريا، فهو يستكشف طريقها مثل استكشاف ماجلان لرأس الرجاء الصالح. لعله سيبرهن على كروية الأرض المربعة ذات يوم.
الترمينتور الأممي الذي يرى بلسان الثعبان يولول من أجل اعتقال صحفي سرّب أسرارا تعدّ قومية في تركيا، أو المرأة في السعودية الممنوعة من قيادة السيارة، و كان قد شنّ حملات على دستور مصر في عهد مرسي، الذي تم الاستفتاء عليه شعبيا، قبل أن يتولى مرسي الرئاسة، لأنه لا يحفظ حقوق "المثليين" الجنسيين، ويوقف الحصانة على الأديان الثلاثة فقط. هناك أديان تستحق الحصانة مثل دين الترمينتور؟
الغرب يسعد بالبراميل التي تأكل بنارها شعبا كاملا، وقد سعِد بسيوف الجرافات وهي تسحق متظاهرين في ميدان النهضة، فالصمت علامة الرضى، القلق أيضا صار علامة رضى مسجلة. سنتذكر أن مطربا ألمانيا ألف أغنية ساخرة عن أردوغان الرجعي، وليس عن الأسد التقدمي!
سيدة سورية معروفة، نازحة، وتقيم في ألمانيا وهي في الستين من العمر، تؤازر النظام! وتقوم بدعاية ساعيّة ويومية للأسد، مع أنها من أهل الشام الأصليين، أي إنها حفيدة بني أمية، التي يعاديها الفرس ويريدون الثأر منها، ويعاديها بشار الأسد الذي سخر من بداوتهم . تقول دنيا لجيرانها الألمان إنّ الأسد يحارب الإرهاب، والحق أنها خائفة على أموالها ومتاعها ودورها في الشام، وهي بكذبها ونقاقها تأمل أن يصل صوتها إلى المخابرات السورية، حتى تكافئها بحفظ أموالها، إلى أن وقع القول عليها والتهم ماس كهربائي عفوي أحد دكاكينها في "العصرونية" فسكتت سكوتا مطلقا، فكشف الله بصرها، فبصرها اليوم حديد ويعمل بالأشعة العادية.
الشاب معتز أيضا شامي، ومثله حسان، محايدان، نازحان، يظنّان أن البلد كانت بألف خير، ويلومان الشعب أو الجماعات الإرهابية، ويريان بعين الثعبان مجازر النظام، ولا يريان إلا جمال الأسد. الخوف مثل الانتهازية؛ دين وعقيدة.
جاء في الإنجيل: لماذا تفطن للقشة في عين أخيك، ولا ترى الخشبه في عينك.
الأنكى أن الغرب صارا مصنعا بإعلامه الجبار للقش والخشب بأنواعه، ويبيعه مرهما للعيون في صيدليات الميديا . ولو كان القاتل الأول حيا، وهو يخوض حربا أهلية مع أخيه هابيل، لصار نجما في إعلام الغرب، فهو يقدم الورود والنباتات قربانا لربه، بينما قدم خصمه الدماء لربه "الدموي"؟!
" فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" .
ملاحظة : قابيل الأول قتل نصف البشر وقابيل سوريا يقتل مثلهم تقريبا. هذه ليست مبالغة فالقرآن الكريم يقول: "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا".